كشف عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد العام لنقابات العمال أمين التشريع" فايز البرشة " أن الاتحاد يصيغ حالياً بالتوافق مع الجهات المعنية الأخرى، وبمساعدة مجموعة من المستشارين مشروع مرسوم أو قانون يتضمن معالجة أوضاع العاملين بعقود عمل تصنف قانونياً على أنها مؤقتة أو موسمية ولكنها تنسجم مع أحكام المادة 146 من قانون العاملين الأساسي في الدولة رقم 50 لعام 2004، إذ يقوم هؤلاء بأعمال ذات طبيعة دائمة ومستمرة ولا يمكن الاستغناء عن خدماتهم وخبراتهم، وذلك بهدف تثبيت هؤلاء العمال في أماكن عملهم ومنحهم الطمأنينة، بما يتلاءم مع حاجة الجهات العامة لأعمالهم وخبراتهم.
وقال " البرشة" : إن المرسوم رقم 62 لعام 2011 انتهى نفاذه بتاريخ 4/6/2012 بعدما أعاد تعيين عشرات الآلاف من العمال المؤقتين، وقد شكلت لجنة من وزارة «الشؤون الاجتماعية والعمل واتحاد العمال والجهاز المركزي للرقابة المالية وجهات أخرى آنذاك، وقامت هذه اللجنة بتيسير أمور فئات مختلفة من العاملين في التعليمات والتفسيرات التي صدرت على أحكام المرسوم، ومع ذلك تبين في التطبيق العملي أن فئات عمالية مختلفة لم تستفد من أحكام المرسوم الذي استثنى في متنه العمال «الموسميين» وجملة من العمال الآخرين، لأن الشكل القانوني لعمل هؤلاء العمال هو «عقود موسمية» ولكنهم يقومون بأعمال ذات طبيعة دائمة ولا يمكن للجهات العامة المستخدمة لهم الاستغناء عن خبراتهم.
وأضاف البرشة بحسب صحيفة " الوطن ": إن مشروع المرسوم المذكور يأتي في إطار المعالجة التي قامت بها الحكومة مؤخراً بإعادة تعيين العاملين على نظام «البونات» في وزارة الإعلام والجهات التابعة لها.
واعتبر البرشة أن عقود العمل الموسمية وجدت أصلاً لأعمال موسمية تنتهي بنهاية الموسم ولكن الجهات العامة قامت بتشغيل عمال بموجب هذه العقود على أعمال ذات طبيعة دائمة ومستمرة مخالفة بذلك أحكام قانون العاملين الأساسي في الدولة، ما يضطرنا من حين إلى آخر للمطالبة بإصدار تشريعات خاصة لتسوية أوضاع هؤلاء العمال، الأمر الذي يتطلب حالياً العمل على إلغاء النص في قانون العاملين الذي يقول: لا ينقلب عقد الاستخدام المؤقت مهما مدد أو جدد إلى عقد استخدام دائم، كما يتطلب هذا الواقع في الوقت نفسه، أن يتضمن قانون العاملين الأساسي «مؤسسة لتثبيت العاملين المؤقتين الذين يقومون بأعمال ذات طبيعة دائمة وذلك ضمن شروط محددة وبعد مضي سنوات محددة في الخدمة، وهذا يعني معالجة قانونية متكاملة تغنينا عن إصدار التشريعات المذكورة لتثبيت العاملين المؤقتين وتؤدي إلى عدم تشغيل عاملين بعقود موسمية في أعمال ذات طبيعة دائمة، أي معالجة النتائج والأسباب التي أدت إليها معاً.
وأشار البرشة إلى أن من بعض فئات العمال المستهدفة في مشروع المرسوم المذكور، التي تعمل في أعمال ذات طبيعة دائمة بموجب عقود موسمية، قسماً من العاملين الموسميين في المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان، والعاملين المدنيين في مشروع الأتمتة في وزارة الداخلية، والعاملين في وحدات تعبئة الغاز في شركة «محروقات»، وبعض العاملين في مرفأ طرطوس، إضافة إلى فئات أخرى من العمال.
ورداً على سؤال عن موقف الاتحاد العام لنقابات العمال من التصريحات الصحفية الأخيرة المنسوبة لوزير العمل حسن حجازي والتي اعتبر فيها أن «التثبيت تكريس للكسل وأنه قتل الحافز لدى الكثير من العاملين، قال البرشة: لم يصلنا تأكيد رسمي من وزارة العمل أن هذا هو رأيها الرسمي، كما أنها نفت «شفهياً» صحة هذه التصريحات، وبكل الأحوال إذا كانت هذه التصريحات صحيحة، فهي جزء من فكر اقتصادي ليبرالي «مخرب» لا يرى دوراً للدولة، مع أن الدولة مؤسسة سياسية بامتياز تقوم بتنفيذ وظائف سياسية واجتماعية وعملها الاقتصادي يخضع لوظائفها السياسية، ثم نظراً للظروف التي تعيشها البلد فليس هذا أوان مثل هذه التصريحات، لأن المطلوب في هذه المرحلة منح عاملينا الطمأنينة وتنمية حرصهم على منشآتهم وعلى استمرارها بالعمل، وقد أثبتت التجربة مدى ضرر مثل هذه التصريحات على الاقتصاد الوطني وعلى استقرار العمال النفسي، لأن هذا المفهوم المعادي للتثبيت الوظيفي يتبنى مقولة «انتهاء دور الدولة الأبوية» التي أثبتت الظروف التي يمر بها وطننا أنها بمؤسساتها هي من يحمي الوطن ويؤمن عوامل استمراره وصموده.
وأضاف البرشة: التصريحات التي تقف ضد التثبيت هي جزء من منظومة اقتصادية فقهية ترى في التعاقد الوظيفي السبيل العملي الوحيد أمام الدول، ولكن هذا التعاقد ينطبق تماماً على برامج ووصفات تلك الصناديق والمؤسسات الدولية التي حاولت أن تزرع هذه الفكرة هنا وهناك وكان حصادها مراً حيث طبقت.
ورأى البرشة أن برنامج تشغيل الشباب كان خطوة إيجابية لتوفير فرص العمل ولو أنها خطوة محدودة، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه هو: إذا كانت الدولة بحاجة إلى عمل هؤلاء الشباب فلماذا لا يتم تعيينهم ولماذا شُغلوا بموجب عقود عمل مؤقتة؟ فبعد خمس سنوات سيجد هؤلاء الشباب أنفسهم عاطلين عن العمل أو مهددين بألا تمدد عقود عملهم.
وتابع البرشة بالقول: إن طريقة تنفيذ برنامج تشغيل الشباب القطاعية هي من المآخذ على هذا البرنامج إذ إنها أربكت الجهات العامة والمواطنين وحملتهم تكاليف مالية كانوا في غنى عنها، وكان من المفروض أن ينفذ هذا البرنامج بشكل مركزي على نطاق الدولة أو على نطاق كل وزارة.