تضاربت الأنباء حول امكانية تدخل مصرف سوريا المركزي وقدرته على خفض الارتفاعات التي تشهدها الليرة امام كل من الدولار واليورو في السوق السوداء.
وأشارت التقارير والتصريحات التي صدرت الاسبوع الماضي على عدم قدرة المركزي في ضبط سوق الصرف ، فيما اصر المركزي على انه سيكون اللاعب الرئيسي في سوق القطع الاجنبي وأنه سيبدأ التدخل .
السؤال متى وكيف ومن هم الايجابيين في السوق الصرف الآن
لكن ما يحدث هو العكس الدولار واليورو في صعود صاروخي وتاريخي لم يسبق ان شهدنا تلك الارتفاعات خلال اسبوع واحد ،بدوره حذرت بعض المصادر المصرفية المقربة من المركزي التجار والمستوردين من عمليات الشراء والسبب ان المركزي سوف يبدا بالفعل التدخل الايجابي والقوي بعد انتهاء العطلة مباشرة اي في 7 الشهر الجاري.
وبالعودة الى ما حدث خلال الاسبوع الماضي نلاحظ ان الدولار سجل رقماً قياسياً على اساس اسبوعي بارتفاعه بنحو 18-19 ليرة مقارنة بسعره في بداية الاسبوع الماضي وتحديداً في 27 نيسان الماضي حيث بدأ بـ122 ليرة لسعر الشراء و123.50 ليرة لسعر المبيع ، ليواصل الارتفاع القياسي الى ان وصل في مساء يوم الخميس الماضي الى حدود 139 ليرة سورية لسعر الشراء و142 ليرة سورية لسعر المبيع، ليسجل فارق بنحو 18.50 ليرة ما بين سعر افتتاحه وسع اغلاقه الاسبوع الماضي ، بمعدل وسطي للارتفاع بلغ 3.083 ليرة، ليكون بذلك قد سجل ارتفاعاً بنسبة لغت نحو 13%.
اما اليورو فقد خطى هو الآخر خطوة قوية في سلم الارتفاع مقابل الليرة حيث لم يشهد اي انخفاض طليلة ايام الاسبوع الماضي ليفتتح الاسبوع على سعر 158 ليرة لسعر الشراء و160.50 ليرة لسعر المبيع. ليصعد بشكل قوي وسريع جداً ، إذا بدأت الارتفاعات تأخذ مستوى الليرتان والثلاث والتي لم نشهدها من قبل في ظل توسيع الفارق ما بين سعر المبيع والشراء، ليغلق سعر اليورو في مساء يوم الخميس الماضي عند مستويات 181 ليرة لسعر الشراء و183 ليرة لسعر المبيع ليكون بذلك قد سجل ارتفاع بلغ 23 ليرة في 6 أيام اي بمعدل وسطي 3.83 ليرة في كل يوم ، لتبلغ نسبة ارتفاع بنهاية الاسبوع نحو 12.60%.
فيما يلي جدول يوضح حركة الدولار واليورو في السوق السوداء بدمشق للاسبوع الماضي:
ثلاثة أسباب رئيسية وراء تلك الارتفاعات
وحول الاسباب التي أدت لتلك الارتفاعات سببه العطلة الطويلة والتي تمتد لستة ايام في القطاع الحكومي ولعبة تجار السوداء الذين استغلوا الوضع وبدؤوا يتصرفون وكأن هم اللاعب الرئيسي، اي بمعنى ان المصارف الخاصة العامة متوقفة عن العمل ، الامر الذي جعل تجار سوق السوداء يحتكرون السوق ويتحكمون بالاسعار نتيجة الطلب الكبير في ظل توقف المصارف عن العمل ما يسمى بمفهوم " لعبة تجار".
كما ان تخوف المواطنين والهلع الذي اصاب البعض جعل من قدرتهم على التحكم بالسعر من الاسباب الرئيسية مما وسع الفارق ما بين سعر المبيع وسعر الشراء ، الذي يعطيك دلالة انه وهمي وليس سوى لـجني الارباح السريعة.
حيث كان بمقدور المواطن القيام بعملية الشراء والمبيع من المصارف الخاصة والعامة وعلى اقل تقدير وجودهم في السوق كان سيقلل من تلك الارتفاعات التي نعتبرها وهمية ، الأمر الذي لم يعد المواطن باستطاعته الشراء أثناء العطلة، مما قوى دور تجار السوق السوداء الذين أخذوا على عاتقهم جني الارباح خلال العطلة والدليل الفارق ما بين سعر الشراء والمبيع حيث وصل صباح اليوم الى 137 ليرة لسعر الشراء و142 ليرة لسعر المبيع.
ويرأي جزماتي رئيس جميعة الصاغة في تصريح لموقع "B2B" ان الدولار اثر بشكل كبير على الذهب مما ادى الى الارتفاع الذي وصل له صباح اليوم ، لكن اشار الى توقعه بالانخفاض التدريجي ابتداءً من يوم الثلاثاء القادم وارجعها الى امكانية تدخل المركزي بعد التصريح الذي أعلنه حاكم مصرف سورية المركزي:" أنه لم يعد لديه الثقة ببعض تجار السوق السوداء الذين استغلوا الفرص لجني الارباح واحتكروا السوق، حيث من المتوقع التدخل الايجابي والقوي والحاسم لخفض سعر الدولار واليورو.
هذا و قال المحلل المالي والنقدي الدكتور عابد فضلية في تصريح سابق: بدأنا نشهد أن السوق السوداء هي السوق الحقيقية (إلى درجة معينة وليست كلية) بمعنى أن السعر عندما يتحدد في السوق السوداء بموجب العرض والطلب من تجارها يكون سعراً حقيقياً يمكن لأي فرد أن يبيع ويشتري بموجبه، أما الأسعار الأخرى التي نشاهدها والصادرة سواء عن المصارف الخاصة أو المصارف العامة بأقل من سعر السوق السوداء فهي أسعار وضعية من مصرف سورية المركزي أو بالاتفاق معه، وبالتالي يكون الانطباع بأن هذه الأسعار قد تكون غير حقيقية، لأن الفرد لا يستطيع أن يشتري في حين يستطيع أن يبيع بموجبها، وما دام لا يستطيع الشراء بهذه الأسعار فهذا يعني أنها وهمية والحقيقي منها ما يمكنك من البيع والشراء بموجبه.
فضلية اعتبر أن السوق السوداء لم تعد (مع الأسف) سوقاً سوداء بل باتت سوقاً واقعية يتحكم بها تجار السوق السوداء، أما بالنسبة السعر الرسمي الذي يتم رفعه بين الحين والآخر من مصرف سورية المركزي، فاستغرب فضلية كيفية زيادته أن كان على شكل قفزات ترفعه بضع ليرات في كل مرة من المرات، كما حدث منذ نحو أسبوعين، أو رفعه بشكل هادئ ولكن مستمراً حيث وصل يوم أمس إلى ما يقارب 97 ليرة سورية رسمياً.
ورسمياً حدد مصرف سورية المركزي سعر صرف الدولار مقابل الليرة شراء وحوالات بـ96.31 ليرة في حين حدد سعر المبيع بـ96.89 ليرة، وحسب بعض المصرفيين فإن رفع سعر صرف الدولار في النشرات الرسمية الصادرة عن مصرف سورية المركزي وصولاً إلى ما يلامس 97 ليرة يطرح الكثير من التساؤلات عن جدوى هذا الرفع والمغزى منه ومدى اقتراب السعر الرسمي من سعر السوق السوداء وأيهما أكثر تأثيراً في الآخر ويشده صوبه.
وبالخلاصة نقول أن ما نشهده في سوق الصراف يستوجب على المركزي التدخل والتدخل بقوة وردع المخالفين المتورطين في سعر الاسعار، والتشديد على حركة شركات الصرافة المخالفين ، ومنع تعامل كل لا يملك الصلاحية في سوق الصرافة .
لان أكثر المتضررين في تلك الارتفاعات هو المواطن وانعكاساته واضحة على ارتفاع جميع السلع والمواد بدءً من الخضار والفواكه التي لا تستورد وانتهاء بحليب الاطفال وغيره من الاساسيات التي لا يستطيع المواطن العادي ان يستغني عنها.
فالتاجر الذي استورد سلعه منذ نحو شهر يرفع سعرها على اساس سعر اليوم والمبررات دائما موجودة ، فكل الاشياء تغيرت الا راتب المواطن الذي لم يتغير لكن التغير الوحيد الذي طرأ على راتبه هو انه كان يكفيه للعشر الأول من الشهر الآن أصبح لا يكفي الاسبوع الأول ...؟؟؟