اقترح الخبير العقاري " الدكتور عمار يوسف " إستراتيجية للحل ترتكز على تقسيم المناطق الأكثر تضرراً لنوعين، يشمل الأول: المساكن المهدمة بشكل كامل نتيجة الأعمال الإرهابية، ولا يمكن العودة إليها، وهنا لابد للحكومة من تأمين مراكز إيواء لهؤلاء السكان واضعة في اعتبارها أن هذه المراكز طويلة الأمد ومدعومة بالمستلزمات الضرورية لحياة هؤلاء المواطنين حتى تتم إعادة إعمار هذه المناطق والمساكن ولكن بأسلوب جديد وبناء على مخططات تنظيمية جديدة تراعى فيها نماذج للمدن الحديثة ذات الامتداد الشاقولي وضمن إطار ما يسمى مشروع الإسكان القومي.
أما بالنسبة للعقارات التي تعرضت للضرر ولم تتهدم، فيوضح يوسف بحسب صحيفة " الو طن " أنه يمكن إصلاحها بشكل إسعافي مؤقت (وخاصة في مناطق السكن العشوائي) لتوفير المسكن للمتضررين تمهيداً لإزالة هذه المناطق في مراحل قادمة وتحويلها إلى مدن حديثة.
وأضاف يوسف: بالنسبة للمناطق المنظمة.. لا بد من إعادة المساكن المتضررة إلى ما كانت عليه بتضافر جهود الدولة وأصحاب المساكن من خلال تأمين اليد العاملة المتخصصة عن طريق الشركات العامة المتخصصة أو الاستعانة بشركات أجنبية متخصصة، ومنح تسهيلات بالشراء لمواد البناء من خلال منحها التسهيلات الجمركية والإعفاءات ومساعدة متعهدي البناء ونقل المواد من الضرائب والرسوم على أعمالهم هذه مع تشديد المراقبة على هذه الفئة لكي لا تتحول إلى تجار أزمات.
ويرى يوسف أن منح القروض للسكن العشوائي هو إعادة تكريس لها ويؤدي لإشادة مناطق عشوائية جديدة في وقت يجب فيه التخلص من هذا العارض في الجسم العقاري، ويفترض أن يتم حل هذه المشكلة بسرعة من خلال تنظيم أرضها وبناء ضواح منظمة مكانها، مع ملاحظة مهمة أن الخاصرة الرخوة في الأحداث السورية كانت مناطق السكن العشوائي بداية، فيجب منح القروض للمساكن الجديدة التي ستبنى مكان القديمة وليس القديمة التي ليس لها حل إلا الإزالة، ويمكن في هذا السياق إحداث مراكز إيواء لسكان هذه المناطق والتوجه فوراً نحو تنظيمها من خلال الإزالة وإعادة بنائها بأسلوب عصري وجديد.
وتابع الخبر العقاري: من يعتقد أن هذا الأمر قد يستغرق سنوات طويلة هو شخص مخطئ تماماً ففي حال توافر الإرادة لدى الحكومة وتأمين الأمن في المناطق المهدمة العشوائية قد يمكننا تأمين إسكان المواطنين ضمن أبنية جديدة خلال مدة لا تتجاوز 6 أشهر، وذلك باعتماد خارطة طريق محددة الملامح من حيث اعتماد البناء الشاقولي، والاعتماد على شركات صينية أو روسية أو إيرانية تمتلك الخبرة الكافية في بناء المدن، وعلى كفاءات إدارية مبادرة، وهذا كله يندرج بمشروع الإسكان القومي الذي حان وقته، مع الاعتبار لمشكلة إثبات ملكية العقارات.
ويضع اليوسف في دراسته حلولاً بإعادة تنظيم المناطق على أسس اجتماعية وعقارية جديدة كلياً غير مرتبطة بما كانت عليه قبل الأزمة، مضيفاً: إن تنظيم منطقة خلف بساتين الرازي وحسب موقعها الجغرافي ضمن منطقة السكن الراقي بمدينة دمشق يطرح عقارات مرتفعة الثمن نسبياً في مدينة دمشق فهي تقع بين منطقة المزة وتنظيم كفرسوسة، فبدلاً من أن ننظم منطقة قد تسكن 3 ألاف عائلة من ميسوري الحال، يمكن التوجه إلى مناطق أشد فقراً لإسكان ما يزيد على 100 ألف عائلة، ومثال على ذلك منطقة نهر عيشة والتضامن والمناطق الأشد بؤساً وفقراً ودماراً ما يعود بتحول مهم في الحالة الاجتماعية لتلك العائلات ويطور ذهنية المواطن المقيم في تلك المناطق.
كما تطرح الدراسة مشروع الإسكان القومي كفكرة لمعالجة مناطق العشوائيات وتأمين السكن للمواطن المحتاج إليه، ففي سورية وعلى مدى سنوات طويلة تنكرت الحكومات المتعاقبة لمسؤولياتها في تأمين مساكن للمواطن «إلا ما ندر» فترعرعت العشوائيات في أرجاء القطر..
ويمكن -حسب يوسف- تلخيص مشروع الإسكان القومي بعدة نقاط أساسية ترتكز على إحداث هيئة مستقلة تابعة لرئاسة الجمهورية ورفع يد الحكومة عن أي عملية متعلقة بالإسكان وخاصة وزارة الإسكان ومؤسساتها والجمعيات السكنية لما أبرزته التجربة من فشل ذريع في حل مشكلة السكن، ومعهم الهيئة العامة للاستثمار والتطوير العقاري التي لم تحقق شيئاً على مدى 6 سنوات، كما أن تبعية هيئة مشروع الإسكان القومي لرئاسة الجمهورية تؤدي لسرعة في اتخاذ القرارات وتأمين الأراضي وإيجاد البيئة القانونية والتشريعية للنهوض بالحالة الإسكانية السورية.
ويرى الخبير العقاري أن ثمة مساحات هائلة قابلة للبناء ويمكن تأهيلها في أيام قليلة بالابتعاد عن العراقيل الإدارية، ومصدرها يتركز في الأراضي المستملكة وغير المنظمة أولاً، ومناطق السكن العشوائي التي وصلت إلى مساحات تعادل مساحات المدن الأصلية ثانياً.