أكد الباحث الاقتصادي عبد الحميد الهاشمي، أن القوة الشرائية للقطاع العائلي تدنت بشكل كبير، نتيجة تراجع القوة الشرائية لليرة السورية التي انخفضت بأكثر من 60% أمام الدولار خلال الأزمة، وما يعنيه من ارتفاع أسعار وتدن للقوة الشرائية.
واقترح الهاشمي وفق صحيفة "الوطن" المحلية، عدداً من الإجراءات للوقوف في وجه التحديات التي يواجهها القطاع العائلي، يتم البدء بها فوراً وتسير باطراد عند انتهاء الأزمة، أولها أن يتم بذل الجهود لضبط أسعار صرف الليرة السورية مقابل الدولار، وهو لا يعني الخفض للسعر بمقدار ما يعني الحفاظ على استقراره من التقلبات، لأثره الكبير على كل ما سيتم استيراده ولاسيما أن البلد ستتجه للاعتماد على الاستيراد بكميات كبيرة للتعويض عما تم فقدانه أثناء الأزمة.
وأضاف الهاشمي نقطة ثانية تتعلق بالعمل على دعم السلع الرئيسية المهمة للمواطنين، ويتمثّل بمتابعة أهم أشكال الدعم المقدمة له ولو بأشكال أكثر إنصافاً، والنقطة الثالثة برأيه هي العمل على رفع الرواتب والأجور مباشرةً وبنسب "جيدة" رغم المخاوف التضخمية، لكونه يعتبر الدعم الحقيقي للقطاع العائلي في هذه المرحلة الصعبة، ومحاولة إيجاد آلية لتطبيق الزيادة على القطاع الخاص وتشجيعه على مثل هذه الخطوة.
وتابع الهاشمي بنقطة رابعة تتعلق بإيجاد برامج حكومية واسعة النطاق تتيح التدريب والتأهيل للأشخاص الذين فقدوا عملهم، حتى يقوموا بهيكلة أعمال تتناسب مع فرص العمل المتوفرة حالياً والتي ستتوفر في مرحلة ما بعد انتهاء الأزمة مع التركيز هنا على قطاع البناء والتعمي.
ولفت الهاشمي إلى أن الرقم القياسي لأسعار المستهلك وفق تقرير صادر عن "المكتب المركزي للإحصاء"، بلغ في شهر آب الماضي 203.86% وبالتالي قارب التضخم السنوي 40% مقارنة مع العام السابق، ويعتقد أن النسبة الآن ارتفعت بشكل أكبر.
وأشار الهاشمي إلى أن الأرقام المقدمة من الحكومة تعتبر مؤشراً لما يجري ولا تعبر بالضرورة وبدقة عما يجري حقيقة، ومع ذلك فالأرقام تعبّر عن حقيقة الضغط الذي تعرض ويتعرض له القطاع العائلي، حيث لم تعلن الحكومة عن أي زيادات في الرواتب والأجور خلال المرحلة.
وبيّن الهاشمي أن شرائح من القطاع العائلي بدأت لمواجهة الضغوط التي تثقل كاهلها، ولاسيما ممن تمتلك مدخرات نقدية بالليرة السورية تسعى لتحويل جزء من هذه المدخرات إلى العملات الصعبة، وخصوصاً الدولار الأميركي، وهذا بدوره ساهم في الضغط على الليرة السورية وساعد في انخفاضها أمام الدولار أيضاً.
وأضاف الهاشمي: إن من يمتلك الذهب من القطاع العائلي عمد إلى الاحتفاظ به كمدخرات، وشكّل ذلك نقطة جيدة لهم فأسعار الذهب وتماشياً مع انخفاض سعر الليرة السورية بدأت بالارتفاع لعوامل خارجية "السعر العالمي"، الذي عاود الانخفاض في الآونة الأخيرة وبقي مرتفعاً نسبياً، ويكفي الإشارة إلى أن سعر غرام الذهب في بداية عام 2010 من عيار 21 كان في حدود 1400 ل.س في حين سعره اليوم بحدود 5400 ل.س، وقد برهن ذلك على جدوى المدخرات الذهبية في الحفاظ على قيمتها.
ولفت الهاشمي إلى أن الانخفاض الواضح في قيمة العملة، أثر ولا يزال يؤثّر على أصحاب الدخل المحدود وبشكل أكثر قسوة على من فقدوا أعمالهم وأصبحوا عاطلين على العمل، ولاسيما أن نسبتهم ارتفعت بشكل كبير، حيث لم يتجاوز معدّل البطالة في سورية عام 2010 حسب التقارير الرسمية عن 8.5% في حين تشير التقارير الصادرة عن "مؤسسة التأمينات الاجتماعية" إلى تسريح ما يقرب من 70 ألف عامل حتى شباط من العام الماضي، وحسب بعض المصادر الحكومية فقد تجاوزت نسبة البطالة 40%.
وأفاد الهاشمي أن الأثر الذي تركته الأزمة على القطاع العائلي واضح وغير خافٍ على أحد، ويجب أن يوضع لمواجهتها خطط وبرامج الحكومية ومشتركة تشكّل حلاً لهذا الوضع المخيف، الذي ربما يهدد بتراجع خطير للبنى الاقتصادية المتبقية.