بينت دراسة قامت بها " مديرية التسويق الزراعي في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي " أن قطاع الزيتون يعد من أهم قطاعات الإنتاج الزراعي خاصة بعد تطوره اللافت خلال السنوات العشر الماضية، إذ تزرع أشجار الزيتون على مساحة مقدارها 647 ألف هكتار ويقدر عددها بحوالي 100 مليون شجرة منها 77 مليون شجرة مثمرة تشكل حوالي 12% من إجمالي المساحة المزروعة في سورية و65% من إجمالي مساحة الأشجار المثمرة في حين يقدر معدل الإنتاج السنوي من ثمار الزيتون لموسمين متتاليين حمل وغير حمل بحوالي 880 ألف طن يخصص منها 15-20% للتخليل الأخضر والأسود بينما تستخدم البقية في استخراج الزيت وينتج عنها حوالي150-175 ألف طن من الزيت علماً بأن غراس الزيتون تنتج في عشر محافظات ضمن مراكز متخصصة لإنتاج الغراس وتأخذ العقل من بساتين الأمات الموثقة أصنافها.
وأوضحت الدراسة وفقا لصحيفة " تشرين " أن إنتاج الزيتون وزيت الزيتون في ازدياد مستمر نتيجة التوسع في هذه الزراعة ودخول أشجار جديدة في الإنتاج بمعدل 2-3 ملايين شجرة سنوياً، إذ تحتل سورية المرتبة الثانية عربياً والرابعة عالمياً من حيث الإنتاج، فقد قدر إنتاج الزيتون لهذا الموسم بـ900 ألف طن تنتج 175 ألف طن من زيت الزيتون و170 ألف طن من زيتون المائدة، وتشير التوقعات إلى أن إنتاج سورية من زيت الزيتون سيصل إلى 250 ألف طن بحلول عام 2020 نظراً للتوسع في هذه الزراعة بمعدل استهلاك يقدر بحوالي 150 ألف طن بما يحقق فائضاً معداً للتصدير من زيت الزيتون يصل إلى حوالي 100 ألف طن.
وقد سلطت الدراسة الضوء على أهمية زيت الزيتون الاقتصادية من خلال مساهمته بنسبة 1,5 -3,5% من إجمالي الدخل الوطني وبين 5-9 من قيمة الدخل الزراعي حسب سنة الحمل، كما يشكل قطاع الزيتون مصدر رزق لشريحة واسعة من سكان سورية، إذ يقدر عدد الأسر المعتمدة في عيشها على هذا المنتج أكثر من 400 ألف أسرة، إضافة إلى المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي من خلال تأمين مادة غذائية أساسية متمثلة بزيت الزيتون تشكل حوالي 50% من إجمالي الدهون النباتية التي يحتاجها الإنسان.
وكشفت الدراسة أن الصادرات من زيت الزيتون تتراوح بين 18-45 ألف طن أي حوالي 40% من إجمالي الإنتاج المتاح للتصدير، ففي عام 2011 بلغت الصادرات نحو 16 ألف طن و4 آلاف طن من الزيتون بقيمة 20 مليون دولار في حين بلغت الصادرات عام 2010، 18 ألف طن من الزيت و13 ألف طن من الزيتون بقيمة 31 مليون دولار.
وأشارت الدراسة إلى وجود صعوبات كان لها تأثير سلبي على قطاع الزيتون أبرزها الظروف الراهنة وتداعياتها من ارتفاع أسعار المحروقات وعدم توافر اليد العاملة وارتفاع الأجور بشكل نجم عنه ارتفاع تكاليف نقل وعصر الزيتون حتى وصلت إلى 1200 ليرة للصفيحة الواحدة وتضاف إلى ذلك تكاليف الخدمات الزراعية الأخرى من الفلاحة والتسميد والتقليم وغيرها إذ تبلغ تكلفة إنتاج الكغ من الزيت المعبأ في الصحيفة ما بين 150-200 ليرة حسب إنتاجية وحدة المساحة بينما لا يتجاوز سعر كغ الزيت في السوق سعر التكلفة، ما يدل على أن مزارعي الزيتون لا يحققون أي ربح في زراعة الزيتون وأحياناً تكون خاسرة بشكل يدفع البعض إلى البدء بقلع أشجار الزيتون والتوجه نحو الزراعات البديلة، وهو أمر يقتضي إعادة تكاليف الخدمات المقدمة على مستوى كل منطقة بغية الوصول إلى كميات إنتاج أكبر ونوعية أفضل وتكلفة أقل.
وأوضحت الدراسة أن معظم منتجي زيت الزيتون اعتادوا استخدام عبوات الصفيح في تعبئة وتخزين زيت الزيتون، وهي تعد من الوسائل المقبولة في حال عدم توافر خزانات الستانلس ستيل لكن توقف أغلب معامل الصفيح عن الإنتاج بسبب فقدان المادة الأولية للتصنيع نتيجة الظروف الراهنة أدى لارتفاع سعر الصفيحة لأكثر من 150 ليرة في حال توافرها بشكل دفع المنتجين للاستعانة بالعبوات البلاستيكية وغيرها التي لا تصلح لتعبئة الزيت وتؤثر سلباً في جودته وقيمته الغذائية، وبناء عليه يجب تأمين المواد الأولية لمعامل الصفيح لتفادي هذه المشكلة.
ومن جانب ثان، أشارت الدراسة إلى أن تصنيع زيتون المائدة الأخضر والأسود يستهلك حوالي 20% من الإنتاج، ما يستدعي الاهتمام بهذه الزراعة والعمل على تطويرها علماً بأن الفرص المتاحة لتصدير زيتون المائدة أكثر من المتاحة لتصدير الزيت، وهو أمر يستوجب تقديم المساعدة للمعامل للوصول إلى إنتاج زيتون المائدة وفق الطرق الحديثة المتبعة في العالم خاصة في ظل وجود أصناف ملائمة لهذه الصناعة، وفي هذه الصدد بينت الدراسة امتلاك سورية أصنافاً متعددة مخصصة لاستخلاص زيت الزيتون أو المائدة أو ثنائية الغرض أهمها الصوراني والخضيري والدعيبلي والدان والجلط والاستنبولي والمحزم والعبادي وأبو غبر وأبو شوكة وغيرها.
وأكدت الدراسة أن قطاع الزيتون يتطور في سورية أفقياً بوتيرة متسارعة مع العلم بأن وزارة الزراعة تتبنى حالياً استراتيجيات التوسع الرأسي لزيادة إنتاجية وحدة المساحة وتقليل التكاليف الإنتاجية والتسويقية وفتح أبواب جديدة لإنتاج الزيت العضوي بغية زيادة تنافسية منتجاتها كماً ونوعاً على الصعيد العربي والعالمي لكن تنمية هذا القطاع تتطلب وضع خطط بحثية تشمل مراحل الإنتاج بهدف التحكم في التكلفة الإنتاجية وتحسين جودة المنتج عبر تعميق دراسة المصادر الوراثية للزيتون البري المزروع وتوصيفها وجمعها وتقييمها لوضع هوية متكاملة لها وتحديد خصائصها المختلفة والعمل على تطوير مفهوم إدارة التقنيات الزراعية المتكاملة في حقول الزيتون للحفاظ على بيئة آمنة لإنتاج ثمار زيتون سليمة والعمل على تخفيض قدر الإمكان استخدام المبيدات والاعتماد على الأسمدة العضوية والخضراء حفاظاً على صحة الإنسان والبيئة مع ضرورة الاستفادة من المنتجات الثانوية للزيتون من خلال زراعة مستدامة وخفض تكاليف الإنتاج بشكل ينعكس على زيادة مردودية قطاع الزيتون، إضافة إلى دراسة المواصفات الكيميائية والحسية لزيت أصناف الزيتون في سورية وتطوير قطاع تصنيع زيتون المائدة بما يتوافق مع المعايير الدولية.
وقدمت الدراسة سلسلة من الاقتراحات لتطوير زراعة الزيتون داخلياً: وضع برنامج ترويج لزيادة معدل استهلاك الفرد من الزيت وزيتون المائدة أما خارجياً فمن خلال الوسائل المتاحة مع العمل على فتح منافذ جديدة لتسويق زيت الزيتون في الأسواق الخارجية مع تقديم الدعم المناسب لمنتجي ومسوقي زيت الزيتون بغية ضمان استمرار هذه الزراعة وإمكانية التصدير مع ضرورة وضع برامج إرشادية لتوضيح فائدة المنتجات الثانوية للزيتون (ماء العصر وبقايا التقليم والبيرين ) حيث تؤدي الاستفادة من هذه المنتجات إلى تخفيض تكاليف الإنتاج وتحسين خصوبة التربة.
وأشارت الدراسة إلى أهمية إنشاء جمعيات متخصصة بالزيتون وتفعيل الجمعيات المشكلة سابقاً كجمعية إدلب حتى تتمكن من تصدير فائض الإنتاج من زيت الزيتون وتخفيف تكاليف الإنتاج خاصة عند معرفة أن 60% من الزيت المنتج في أوروبا يسوق عن طريق الجمعيات التعاونية، كما يفترض الاهتمام بالزراعة العضوية مع إنشاء مواقع إلكترونية للتعريف والترويج لزيت الزيتون العضوي وخاصة أن زراعة الزيتون في سورية تعد زراعة نظيفة مع ضرورة التنسيق مع مديرية الإرشاد الزراعي للاستفادة من مدارس المزارعين بهدف إنشاء حقول رائدة للوصول إلى أعلى إنتاج بأقل تكاليف.