
سجل الميزان التجاري بين لبنان وسوريا، فائضا تاريخيا لمصلحة لبنان في الثلث الأول من العام 2013، إذ بلغ 209.5 ملايين دولار، مقابل 20.748 مليون دولار لمصلحة سوريا في الفترة نفسها من العام الماضي.
وباستثاء الثلث الأول من العام 2009، التي بلغ الفائض فيها لمصلحة لبنان 11.871 مليون دولار، فان الفترات نفسها من الأعوام 2010 و2011 و2012، سجلت على التوالي فائضا لمصلحة سوريا، تراوح بين 26.252 مليون دولار (حتى نيسان 2010)، و54.524 مليون دولار (حتى نيسان 2011) و20.748 مليون دولار (حتى نيسان 2012).
وانقلب العجز في الميزان التجاري إلى فائض في الثلث الأول، نتيجة ارتفاع الصادرات اللبنانية إلى سوريا بشكل لافت للانتباه، وتراجع المستوردات منها. إذ بلغت قيمة الصادرات حتى نيسان الماضي، 289.009 مليون دولار، وهي أعلى من قيمة الصادرات إليها في الثلث الأول من العام 2012 والتي بلغت 74.051 مليون دولار، بارتفاع حجمه 3.9 أضعاف. في حين ان قيمة الصادرات اللبنانية الإجمالية ارتفعت بنسبة 8.9 في المئة.
المستوردات اللبنانية تنخفض %16
أما قيمة المستوردات اللبنانية من سوريا في الثلث الأول، فبلغت 79.495 مليون دولار، مقابل 94.799 مليون دولار في الفترة نفسها من العام 2012، بانخفاض نسبته 16.14 في المئة، في حين أن قيمة المستوردات اللبنانية الإجمالية انخفضت بنسبة 2.1 في المئة.
وعلى صعيد سنوي، لم ينقلب العجز في الميزان التجاري بين البلدين إلى فائض لمصلحة لبنان، سوى مرتين بين أعوام 1993 و2012: الأولى في العام 2007، إذ بلغ 3.4 ملايين دولار، وفي العام 2012، بعدما بلغ - وللمرة الأولى في تاريخه 28.1 مليونا. وعدا ذلك، كان الميزان التجاري يسجل عجزا مستمرا لمصلحة سوريا، يتراوح بين 2.3 مليون دولار كحد أدنى كما هو الحال في العام 2006، و292.7 مليونا كحدّ أقصى كما في العام 2001.
في المقابل، على الرغم من هذه الايجابية التاريخية، إلا أن الاحصاءات الرسمية تظهر أن السبب الرئيسي وراء هذا الفائض، هو ارتفاع صادرات المشتقات النفطية إلى سوريا حتى نيسان 2013، والتي بلغت نسبتها من مجمل الصادرات اللبنانية إلى سوريا، 78 في المئة، إذ بلغت 225.441 مليون دولار (219827 طنا). وكانت قيمة صادرات المشتقات النفطية قد ارتفعت على صعيد سنوي أيضاً، من 144 ألف دولار في العام 2011 (266 طنا)، إلى 61.2 مليون دولار (58182 طنا) في العام 2012، أي زادت حوالي 425 ضعفا (ما نسبته 42380,55 في المئة)، وما نسبته 21 في المئة من إجمالي الصادرات اللبنانية إلى سوريا.
وليس بعيدا من ذلك، ارتفعت صادرات المطاحن إلى سوريا 6.831 ملايين دولار (13983 طنا) حتى نيسان الماضي، بعدما بلغت مستوى تاريخيا في السنة الماضية عندما ارتفعت من 1.3 مليون دولار في العام 2011 (3401 طن) إلى 7.2 ملايين دولار في العام 2012 (17435 طنا) أي ما نسبته 453.84 في المئة.
ويسجل في هذا السياق أيضاً، ارتفاع صادرات الاسمنت 92.2 في المئة، إذ بلغت في الثلث الأول، 2.570 مليون دولار، بعدما ارتفعت أيضا 92.2 في المئة العام الماضي مقارنة مع العام 2011، والفواكه والحمضيات 6.566 مليون دولار.
وعلى صعيد المستوردات اللبنانية من سوريا، استأثرت مستوردات الاسمنت بنسبة 28 في المئة من اجمالي المستوردات (22.246 مليون دولار)، والخضار بنسبة 23 في المئة (18.363 مليون دولار)، والألبان والبيض بنسبة 6 في المئة (5.071 ملايين دولار)، ومستوردات الزيوت بنسبة 6 في المئة أيضا (4.540 ملايين دولار).
الترانزيت إلى 108 آلاف دولار
وبدا انعكاس الوضع الأمني المتفاقم في سوريا، جليا على الترانزيت اللبناني، إذ انخفض إلى 108 آلاف دولار في الثلث الأول من العام 2013، مقارنة مع 225 ألف دولار في الفترة نفسها من العام 2012، أي بانخفاض نسبته 52 في المئة. ويتسع هذا الفارق كثيرا إذا ما جرت مقارنته مع الفترة نفسها من عامي 2011 و2010، إذ بلغ حجم الترانزيت عبر سوريا آنذاك، 2.490 مليون دولار، و5.524 ملايين على التوالي.
وشمل التأثير السلبي حركة التجارة الخارجية، إذ بلغت قيمة الصادرات عبر النقل البري، 221 مليون دولار في الثلث الأول من العام 2013، مقارنة مع 276 مليون دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، و301 مليون دولار في 2011، والاستيراد بلغ 161 مليون دولار مقارنة مع 356 مليون دولار في الثلث الأول من العام 2012، و424 مليون دولار في 2011، أما الترانزيت فقارب الصفر مقابل 3 ملايين في 2012، و13 مليون دولار في العام 2011.
إحجام المستثمرين في انتظار جلاء الأوضاع
وبعدما أضافت قضية النازحين السوريين إلى لبنان، أعباء على الوضع الاقتصادي، إن على مستوى الخدمات العامة من ماء وكهرباء ومواصلات، أو على مستوى أسعار الاستهلاك لتزايد الطلب، وعلى مستوى الإيجارات وأجور المستخدمين. يشير التقرير الصادر حديثاً، عن «مركز الدراسات الاقتصادية في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان»، إلى أن «من أبرز التأثيرات الاقتصادية السلبية للأزمة السورية على الاقتصاد اللبناني، إحجام المستثمرين عن القرارات الاستثمارية المهمة في انتظار جلاء الأوضاع السياسية في سوريا، وتراجع الحركة السياحية».
بيد أن التقرير وبحسب صحيفة " السفير اللبنانية " يلفت الانتباه إلى العديد من التأثيرات الايجابية، إذ أسفرت الأحداث الأمنية في سوريا عن تراجع الإنتاج في معظم القطاعات الاقتصادية فيها، فارتفع الطلب على المنتجات اللبنانية. ونتيجة لارتفاع أسعار معظم المواد الغذائية في سوريا نتيجة العقوبات الدولية المفروضة عليها، اندفع التجار السوريون إلى الاستيراد عن طريق لبنان، فكان لافتا للانتباه ارتفاع قيمة صادرات الطحين إلى سوريا، كما ارتفع وزن هذه الصادرات من 3401 طن إلى 17435 طنا. ووجد عدد من المستثمرين والمواطنين السوريين ملاذا في لبنان، وهذا ما شكل دفعاً لسوق العقارات.
الصادرات تتراجع %20 برّاً
وعلى صعيد حركة التجارة الخارجية اللبنانية حسب المنافذ الحدودية، يلحظ التقرير ارتفاعاً في قيمة الصادرات اللبنانية الإجمالية بنسبة 8.9 في المئة، وانخفاضاً بنسبة المستوردات بنسبة 2.1 في المئة في الثلث الأول من العام 2013 مقارنة مع الثلث الأول من العام 2012، الا أن «قيمة الصادرات اللبنانية عبر المعابر البرية، السورية طبعاً، تراجعت بنسبة 20 في المئة، كذلك تراجعت قيمة المستوردات بنسبة 55 في المئة».
ويشير التقرير إلى أن «تراجع حركة التبادل التجاري اللبناني عبر النقل البري، سببه الاضطرابات السياسية والأمنية التي شهدتها سوريا، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الشحن وأسعار بوليصة التأمين بشكل كبير ولافت للانتباه، وبالتالي تراجعت حركة الشاحنات إلى أكثر من النصف».