أوضح الأستاذ في كلية الاقتصاد بـ"جامعة دمشق" موسى الغرير، في ورقة العمل التي تقدم بها إلى ورشة عمل في كلية الاقتصاد "الاقتصاد السوري في ظل الأزمة"، حول سياسة الدعم وآلية إيصاله إلى مستحقيه، أن حجم الدعم بمختلف أشكاله بلغ عام 2012 حوالي "386 مليار ل.س" في سورية عام 2012، وهو ما يعادل "29%" من حجم الموازنة العامة و"13%" من حجم الناتج المحلي الإجمالي، وازداد في عام 2013 حسب التقديرات إلى "499 مليار ل.س" مشكلاً "36%" من حجم الموازنة و"16%" من حجم الناتج المحلي الإجمالي المقدر للعام ذاته، لافتاً إلى أن هذه الزيادة تشكل ضغطاً شديداً سواء على الموازنة أو على الناتج، ومن شأن الاستمرار بخطه البياني الصاعد، أن تزداد تأثيراته إلى مستوى قد لا يكون بالإمكان تحمل تمويله وتبعاته.
وأشار الغرير وفق صحيفة "الوطن" المحلية، إلى أن البيانات حول توزيع وأحجام ونوعية الدعم في سورية، ونسبه إلى الموازنة والناتج المحلي الإجمالي في عامي 2012-2013 توضح أن دعم الكهرباء والمشتقات النفطية يستحوذ على نحو 80%، مقابل 15% دعم تمويني و2% فقط دعم الإنتاج الزراعي.
ولفت إلى أن بعض الدراسات تتبنى فكرة إعادة النظر في الدعم بتحويله من عيني إلى نقدي، تستند إلى تدني كفاءة المشتقات النفطية مقاسة بالناتج المحلي لكل وحدة مستخدمة من الطاقة والتي تتجاوز "4.5"من الناتج، وهي نسبة متدنية مقارنة بدول الجوار وعدم وصول الدعم إلى مستحقيه بشكل عادل ويتم التدليل على ذلك، في إحصائية تشير إلى أن نسبة استهلاك الشريحة العاشرة الأعلى دخلاً من الكهرباء والغاز المنزلي يزيد من استهلاك الشريحة الأدنى دخلاً بأكثر من مرة ونصف المرة، ومن المازوت بنحو ثلاث مرات ومن البنزين بعدة أضعاف ،وهو ما يبرر مطالب البعض بإعادة النظر بهذا الدعم ورفع أسعار السلع المدعومة بعده، ما يؤدي إلى تحقيق وفر مناسب يقلص عجز الموازنة، ويوفر بالوقت ذاته إمكانية منح تعويض نقدي سنوي يدفع لعائلات الشريحة العشرية الأقل إنفاقاً لتعويضها عن ارتفاع الأسعار المتوقع، الذي أدى إليه ارتفاع أسعار حوامل الطاقة والسلع الغذائية المدعومة الذي يقدر إذا ما تم رفع الدعم بوفر يصل إلى 993 ملياراً سنوياً.
وأشار الغرير إلى أن من بين المقترحات للاستفادة من هذا الوفر إعادة توزيع "348 مليار ل.س" منه للعائلات الفقيرة، و"100 مليار" لقطاع الزراعة، وما يتبقى منه "أي 545 مليار ل.س" سيكون كافياً لسد عجز الموازنة، ومن ثم زيادة رواتب العاملين والمتقاعدين المدنيين والعسكريين من هذا المبلغ.
ولفت أنه بهذه الحالة قد يكون رفع الدعم مبرراً من وجهة نظر اقتصادية بحتة فهذا الإجراء جزء من معالجة الهدر، وتقليص عجز الميزانية وإصلاح الخلل الهيكلي للقطاعات الاقتصادية والاقتراب أكثر من مراحل التفاعل مع متغيرات وأسعار الاقتصاد العالمي، وكذلك من وجهة النظر الاقتصادية، ولاسيما إذا كان الهدف تحقيق عدالة أفضل بالتوزيع، إلا أن رفع الدعم بالمطلق وفي هذه الظروف يثير الكثير من التساؤلات التي تتطلب الإجابة عنها قبل اتخاذ أي قرار بهذا الشأن.
ويعتقد الغرير أن مناقشة موضوع رفع الدعم وخاصة لجهة توضيح آثاره المشوهة للاقتصاد، هي مسألة واقعية ولازمة على الأمدين القصير والطويل، إلا أن رفعه والنتائج التي يولدها هذا الرفع من الممكن أن تكون أفضل في الحالات العادية عندما يكون الاقتصاد بخير والأوضاع الأمنية والسياسية عادية، وعندما لا يتم إهمال الجانب الإنتاجي وتتجه الخطط والبرامج إلى تأمين متطلبات تطوير الإنتاج المادي بزيادة الاستثمار الإنتاجي، الذي يوفر فرص العمل للعاطلين ويضمن إنشاء برامج التوظيف وقروض مناسبة للأسر الفقيرة، لإقامة مشاريع صغيرة وبفائدة مخفضة وإلى رفع تدريجي للدعم لا يشمل كل السلع وبشكل خاص الضرورية.