في ضوء غياب البيانات والأرقام الإحصائية الرسمية المتعلقة بتطور الأوضاع الاقتصادية في البلاد في ظل هذه الأزمة تبرز جهود بعض الباحثين والاقتصاديين الرامية لتعويض ذلك النقص ومحاولة توضيح حجم المخاطر التي تتهدد الاقتصاد الوطني في حال استمرار الأزمة السورية وتعثر الجهود الدولية الهادفة لايجاد حل سياسي لهذه الأزمة، فكان أن قدم الدكتور عمار يوسف دراسة بحثية عن وضع قطاع العقارات في ظل هذه الأزمة وحجم الخسائر التي تعرض لها وقبله كان المركز السوري لبحوث السياسات قد قدم أو تقرير داخلي مستقل حول الخسائر الاقتصادية والاجتماعية للأزمة السورية، ومؤخراً عاد المركز ليحدث بياناته وتقديراته المتعلقة بالخسائر التي تكبدها الاقتصاد السوري جراء استمرار الأزمة وذلك بمناسبة عقده ندوة بحثية في بيروت حملت عنوان"نحو حل استراتيجي للأزمة السورية: دور المجتمع المدني".
المركز أكد في تقديراته الحديثة أن إجمالي الخسائر الاقتصادية منذ بداية الأزمة ولغاية الربع الأول من العام الحالي بلغت 84.4 مليار دولار بينما كانت لغاية نهاية العام الماضي نحو 48 مليار دولار، وتوزعت تقديرات الخسائر المحدثة بين 38 مليار دولار خسائر الناتج المحلي الإجمالي و41 مليار دولار حجم الأضرار في مخزون رأس المال و5 مليارات دولار زيادة الانفاق العسكري. ومن بين المؤشرات الاقتصادية الكلية يشير المركز إلى أن عجز الموازنة العامة بلغ21.4% بينما ارتفع معدل التضخم ليصل إلى 84.4% والبطالة بلغت معدلاً كبيراً قدره المركز المستقل بنحو 84.8%، على أن الرقم الأخطر يتعلق بزيادة أعداد الفقراء والذين قال المركز أنهم زادوا 6.7 ملايين فقير..
تظل هذه الأرقام الخطيرة عبارة عن تقديرات بحثية أجراها عدد من الباحثين الذين قدموا دراسات خاصة خلال السنوات السابقة بإشراف الحكومة أو تحت مظلة مشاريع مشتركة لمنظمات دولية، لكن ولأهميتها فإنه يتوجب على الحكومة أن تدرس وتدقق في هذه التقديرات الإحصائية وإبداء الرأي حول مدة دقتها وصحتها وتزويد الرأي العام بالبيانات الإحصائية الدقيقة ليكون في صورة الانعكاسات السلبية للأزمة السورية على الاقتصاد الوطني والتعاون لوضع استراتيجية لمواجهتها سواء في ظل امكانية استمرار الأزمة وعرقلة بعض الدول لمشروع الحل السياسي أو انطلاق قطار الحل السياسي واتفاق السوريين على حوار شامل ينهي هذه الأزمة ويعيد لملمة الجراح وبناء سورية من جديد.