بعد يومين من قرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك رفع سعر ليتر المازوت إلى 60 ليرة، يصدر مرسوم رئاسي بزيادة الرواتب والأجور الشهرية المقطوعة للعاملين في الدولة، ليصبح الحد الأدنى للأجور وفق الزيادات الجديدة 13800 ليرة بدلاً من 9800 ليرة، ولتكون زيادة سعر المازوت هي الثانية منذ بداية العام حيث رفعته الحكومة قبل ذلك من 25 إلى 35 ليرة لليتر،
وإذا علمنا أن استهلاك سورية من المازوت يزيدعلى 7.5 مليارات ليتر سنوياً حسب احصائية وزارة النفط، فإن زيادة 25 ليرة على ليتر المازوت يعني تحقيق وفر للخزينة بمعدل 187.5 مليار ليرة، إذ إن كل مليار ليتر يحقق وفراً مقداره 25 مليار ليرة وبالتالي كل 7 مليارات ليتر تحقق وفراً مقداره 175 مليار ليرة ويرتفع الرقم لـ 187.5 مليار لإجمالي الاستهلاك البالغ 7.5 مليارات ليتر.
وإذا علمنا أن كتلة الرواتب والأجور والتعويضات في الموازنة العامة للدولة تساوي 287 مليار ليرة سورية، وأن وسطي الزيادة على الرواتب هي 30%، فإن الزيادة على الرواتب ستكلف الخزينة العامة ما مقداره 86 مليار ليرة سورية، وبالتالي فإن طرح المبلغ الذي حققته الخزينة من وفر المازوت والبالغ 187 مليار ليرة من الزيادة على الرواتب والمقدرة بـ 86 مليار ليرة يعني أن الوفر الصافي من زيادة أسعار المازوت يصل إلى 101 مليار ليرة لا أكثر، وبالتالي فإن زيادة الأجور جاءت بأغلبها من زيادة أسعار المازوت.
بين الأسعار والأجور
وفي هذا الصدد قال أستاذ التحليل الاقتصادي في جامعة دمشق د. قيس الخضر لتشرين: تعاني السوق السورية من خلل واضح إن كان في الجانب السلعي أو من جانب التيارات النقدية والفجوة اتسعت مابين الدخول الحقيقية من جهة من حيث القوة الشرائية للمواطن السوري والأسعار والتيارات النقدية (قيمة العملة السورية من جهة أخرى)
وأضاف د. الخضر: ومن هنا فإن الحكومة تسعى لرأب الصدع مابين الأسعار والسوق المتوحشة والمواطن الذي يسعى لتلبية احتياجاته من نقطة ثانية، والفترة بلا شك ليست فترة عادية، مشيراً إلى أن الحكومة وإن كانت تعلم بأن هناك ضرورة ملحة للحصول على ايرادات إضافية من أجل تمويل زيادات الرواتب فإنها تهدف بالنهاية لرفع مستوى معيشة المواطن ولكن الاشكالية التي يمكن أن يلحظها المراقبون هي أن سعي الحكومة من أجل رفع مستوى المعيشة أو زيادة الدخول الحقيقية يكون مسبوقاً بارتفاعات مسبوقة للأسعار في السوق، وبالتالي أصبح سعي الحكومة وراء رفع مستوى معيشة المواطن ونسبة الدخول الحقيقية كمن يسعى وراء ظله لأن السوق يكون أسرع وأكثر مرونة بالاستفادة من أي قرارات أو تلميحات لزيادة الدخول من أجل زيادة الأسعار بشكل مطلق.
وتابع د. خضر: ما حصل من زيادة أسعار المازوت من أحد الجوانب هو أن المحروقات وجميع أسعار السلع مازالت مدعومة والمواطن يحصل عليها بأسعار تقل عن التكلفة الحقيقية، ولكن ما لا يجب أن يغيب عن الذهن هو أن دخل المواطن هو أقل من دخل المواطنين بالدول المجاورة، ولكن باختصار من حق الحكومة رفع أسعار السلع والمواد المدعومة، وأيضاً من حق المواطنين الحصول على ما يدعم مستويات معيشتهم عن طريق زيادة الدخول ونستطيع القول إن ارتفاع المحروقات سيلتهم جزءاً كبيراً إن لم يكن كل الزيادة التي حصلت على الأجور وهي زيادة معتبرة بكل المقاييس في بعدها النوعي أكبر من بعدها الكمي، وخاصة أن سورية تمر في ظل أزمة اقتصادية خانقة وهذا أكبر دليل على وجود الحكومة السورية، وهو قرار نوعي بامتياز وإن كان هناك بعض التحفظات على مثل هذه القرارات.