أوضحت وزير الاقتصاد والتجارة السابقة " لمياء عاصي" أن أستمرارالمصرف المركزي بإجراء المزادات لبيع القطع الأجنبي ,لمكاتب وشركات الصرافة هو إجراء خاطئ، حيث يعتقد بأنه بذلك يقوم بالسيطرة على سعر الدولار وغيره من العملات الأجنبية
وذكرت الوزيرة السابقة من على صفحته على الفيسبوك أنه كيف نعيد المحاولات ونستخدم نفس الطرق والأدوات ويتوقع نتائج مختلفة
واشارت إلى أن المركزي قام بهذه المزادات من قبل, وفشل في ضبط سعر الصرف , لأكثر من بضعة أيام .
وأن الأموال التي تحصل عليها مؤسسات الصرافة بهذه الطريقة تعتبر تغذية لها للاستمرار في عمليات المضاربة .
هذا وكانت أعلنت منذ نحو شهر عن أهم الأسباب التي أدت لتراجع الليرة السورية وماهي الإجراءات للعلاج وتأمين احتياجات المواطنين الضرورية
وأكدت أن العامل الأساسي لضمان حياة معيشية كريمة للمواطنين؟ الجواب بالطبع، هو استقرار سعر الصرف.
أما الاسباب التي أدت الى تراجع الليرة وسبل العلاج والحلول المطروحة، من خلال تسليط الضوء على أهم العوامل التي تؤثر سلبا في سعر العملة السورية ومنها:
أولا: انكماش الناتج المحلي الإجمالي: إن انخفاض الناتج المحلي الإجمالي في سورية، له أسباب موضوعية، أهمها توقف المعامل واستهدافها من قبل الإرهابيين بالتدمير أو بالتفكيك والسرقة، وحالة عدم الأمان بالنسبة لطرق النقل والتوزيع، وقد قدرت نسبة الانكماش في الناتج المحلي السوري بـ 35% حسب ما جاء في تقرير الأسكوا ” الحالة والتوقعات “، وهذا الانخفاض الكبير في إنتاج السلع والخدمات ساهم في انخفاض الطلب الكلي على العملة المحلية من جهة، وأثر سلبا على انخفاض الصادرات وبالتالي على الميزان التجاري وميزان المدفوعات من جهة أخرى.
ثانيا: عامل الثقة: من العوامل الأساسية بالنسبة لسعر الصرف لأي عملة، الثقة بالقيمة التي تتمتع بها والتوقعات للمستقبل بمدى قدرتها على احتفاظها بقيمتها تجاه العملات الأخرى، وبالتالي استخدامها ( العملة المحلية ) كوعاء للقيمة، وفي الحالة السورية، فقد اهتزت هذه الثقة نتيجة الأحوال الأمنية والسياسية، والجدير بالذكر أن الحرب الإعلامية ساهمت في ذلك إلى حدّ كبير.
ثالثا: عمليات المضاربة: عمليات المضاربة التي يقوم بها بعض المضاربين من غير المنتمين للوطن والمأجورين المرتبطين ببعض شبكات المضاربة الخارجية، والهدف هو التأثير سلبا على الاقتصاد السوري، وإحداث حالة من الإرباك والانهيار الاقتصادي.
رابعا: إدارة السياسة النقدية: إن المصرف المركزي السوري، لديه استقلالية شبه تامة في إدارة السياسات النقدية، وقد قام باتخاذ إجراءات كثيرة منذ بداية الأزمة، لكنها لم تؤد إلى نتائج ملموسة في السيطرة على سعر الصرف، بل أدت إلى انخفاض غير مبرر في احتياطيات المركزي.
خامسا: خروج أموال المستثمرين: بعض الصناعيين والتجار والمستثمرين في قطاعات مختلفة، خرجوا وأموالهم إلى الدول العربية المجاورة وبعض بلدان الخليج، مما أضعف موجودات البنوك من القطع الأجنبي، وخفض فرص الانتاج والتشغيل. إن اقتراح أي حلول، لمعالجة وضع سعر الصرف، يجب تتم في ظل توفر أرقام دقيقة حول الوضع النقدي، وخصوصا ما يتعلق بالاحتياطيات ومستوى الدين العام الداخلي والخارجي، والسيولة المتوفرة في المصارف والالتزامات والاستحقاقات المالية للدولة، وهذه هي مسؤولية السلطات النقدية (حاكم المصرف المركزي، مجلس النقد والتسليف) بالتنسيق والتعاون مع وزارة المالية.
الإجراءات المساعدة:
إن الوضع الأمني والسياسي الذي يؤثر بشدة على سعر الصرف ليس عاملا وحيدا، فالعقوبات الاقتصادية والضغوط الإعلامية والنفسية والمالية التي تمارسها الدول الغربية والعربية لها تأثير سلبي كبير، الأمر الذي انعكس على أسعار السلع والخدمات بما فيها المنتجة محليا، حيث أن تأثير الأسعار على السلع كالدومينو، وبرغم الصعوبات الفائقة لا بد من إجراءات تأتي كاجراءات مساعدة لإدارة عملية تأمين احتياجات المواطنين الضرورية، في ظل ظروف خانقة، ولعل أهم الإجراءات، كما يلي:
1- إن التعاون مع الدول الصديقة يعتبر إجراءا فعالا ومساعدا في هذه الظروف، وخصوصا التوصل إلى عقد اتفاقيات للحصول على ترتيبات الدفع أو إحداث صناديق التبادل، أو الحصول على خطوط ائتمانية، والتبادل بالعملات المحلية للبلد المعني، لجعل التبادل السلعي ممكنا وميسرا بطرق مختلفة، وبالتالي تخفيض الحاجة للدولار، وذلك من خلال قيام ممثلي الحكومة بمباحثات اقتصادية مع الدول الصديقة المستهدفة، وهذه الاتفاقيات موجودة، مثلا بين الصين ومجموعة دول آسيان، وبين عدد من دول البريكس التي تشمل كل من الصين، وروسيا، والهند، البرازيل، وجنوب افريقيا.
2- لابد أن يقوم المركزي بمحاولة تثبيت سعر الصرف عند أي مستوى يستطيع الدفاع عنه، حيث أن الاستقرار في سعر الصرف، أهم من سعر صرف العملة بحد ذاته.
3- إن قيام المصرف المركزي ببيع مبالغ محددة للمواطنين شهريا، وتبرير ذلك بأنها للاحتياجات الشخصية، ربما تكون صحيحة ولكن ليس الآن، حيث يؤدي ذلك إلى انخفاض الاحتياطيات من العملات الأجنبية في المصرف الأمر الذي سينعكس على سعر الليرة والاقتصاد الوطني بمجمله، إن المطلوب هو التوقف تماما عن بيع اي مبالغ من العملات الأجنبية، وإعطاء تلبية احتياجات الناس الضرورية الأولوية القصوى، وهي في زمن الحرب تتركز على السلع الأساسية، ولا سيما الغذائية منها والطبية.
4- وقف النزيف والهدر في الموازنة العامة للدولة مهما كانت المبررات، ولعل أهم منافذ النزيف هو خسائر القطاع العام التي بلغت خلال الخمس سنوات السابقة من 2008 إلى 2012 تريليونا و778 مليار ليرة سوية حسب تقريرالجهاز المركزي للرقابة المالية الصادر في بداية 2013، ولعل واحدا من أهم الإجراءات الواجب اتخاذها في هذا الإطار، هو وقف المؤسسات الخاسرة لفترات طويلة، مع استمرار الدولة بدفع رواتب العمال دون عمل، أو دراسة خيارات مختلفة لكل مؤسسة خاسرة على حدى.
5- القيام بإجراءات استثنائية والبحث عن حلول غير تقليدية، لتعزيز القدرة التمويلية للدولة، وذلك من خلال إجراءات وقرارات تساعد في تأمين السيولة للخزينة العامة، ولاتخاذ مثل هذه الإجراءات لا بد من نقاشات مستفيضة بين أعضاء الحكومة والقيادة السياسية والتوصل إلى توافق حولها، فعلى سبيل المثال يمكن استثمار أو تسييل بعض الأصول المملوكة للدولة، وذلك من أجل تامين الاستحقاقات المالية وتلبية احتياجات المواطنين والمحافظة على الاستقرار الاقتصادي.
6- وضع عقوبات شديدة ورادعة لكل المتلاعبين بسوق الصرف، وخصوصا ممن يرتبطون مع شركاء خارجيين وينفذون أجندات خارجية، لإحداث ارتباك وانهيار في الاقتصاد السورية. إن الحلول عادة لا تكون على شكل إجراء واحد، ولا بد من اتخاذ حزمة إجراءات متكاملة، تهدف إلى ضبط السوق من ناحية وتلبية احتياجات المواطنين من السلع الغذائية والطبية من جهة أخرى .