يبدو أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وجدت حلاً اعتبرته كفيلاً بكسر الأسعار والحد من ارتفاعها من خلال محاصرة سوق الهال الموجود حالياً في مدينة دمشق وإقامة سوقين آخرين في منطقتي أشرفية صحنايا وعقربا بريف دمشق مجهزين بمحال تجارية تبيع السلع بالمفرق والجملة يتم تزويدها بما يحتاجه المواطنون من موارد عيشهم اليومي من المنتج مباشرة من دون الحاجة إلى تجار أو وسطاء.
ووفقا لصحيفة " تشرين " الحكومية هذا الحل كان النائب الاقتصادي - وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور قدري جميل وجه إلى تطبيقه في اجتماع عقد الاثنين الفائت مع عدد من المعنيين بشؤون الأسواق في مبنى الوزارة، من بينهم مدير الخزن والتسويق، وعضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق لقطاع التجارة الداخلية ومدير التجارة الداخلية بدمشق بناءً على ما تنتهي إليه الدراسة الخاصة بمجموعة من المعطيات التي ستشكل القاعدة الأساسية لإنشاء تلك الأسواق التي فهم أن الهدف منها محاصرة تجار الجملة والمفرق وكسر الأسعار بما يخفف من وطأة ارتفاعها على المواطنين، ولاسيما أنها ستقام في أماكن واقعة بالريف القريب من دمشق تتمتع بمواصفات الأمن والاستقرار وسهولة الوصول إليها.
ولعل أهم المعطيات التي شكلت لجنة خاصة لدراستها ودراسة الأماكن التي سيقام عليها سوقا هال منافسان لسوق الهال الوحيد في دمشق والتي تضم في عضويتها مدير مؤسسة الخزن والتسويق، وعضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق لقطاع التجارة الداخلية ومدير المعلوماتية فيها، ومدير التجارة الداخلية بدمشق تتمثل بإيجاد الآليات المناسبة التي تسهل الاتصال مع المنتج بشكل مباشر، كذلك تأمين التمويل اللازم ودراسة تكلفة نقل السلع والمنتجات إلى السوقين، وصولاً إلى تأمين مستلزمات المكان وإنشاء مراكز متضمنة في السوقين للبيع بالجملة والمفرق، وإيجاد نقاط تجميع وشحن لصالات البيع والأسواق الشعبية في تلك المناطق والأماكن المحيطة بها.
الدكتور جميل وجه المجتمعين حسب محضر الاجتماع إلى أن إنشاء تلك الأسواق لابد وأن يكون الهدف الأساسي منه محاصرة سوق الهال الموجودة في منطقة الزبلطاني بدمشق، والعمل على كسر الأسعار التي يروج لها تجار السوق، سواء تجار الجملة او المفرق، ولكن هل ينفع هذا الإجراء وسط الشكاوى المستمرة واستياء المواطنين من ارتفاع سعر السلع أكثر من ثلاث مرات يومياً في كل مرة يقفز فيها الدولار ويسجل مؤشراً جديداً..؟
صحيح أن وجود تلك الأسواق بالصيغة التي وضعتها وزارة التجارة الداخلية سيكون لها مفعول إيجابي على الأرض بتخفيض الأسعار، وخاصة أنها ستعمل تحت إشراف الدولة بشكل مباشر من جهة، ومن جهة أخرى سيتم توريد السلع إليها من المنتجين الأساسيين، وهذا أمر ضروري كان يجب على مؤسسات التدخل الإيجابي أن تأخذ به بدلاً من تأمين سلعها عبر تجار السوق وبيعها للمواطنين بأسعار تفوق الأسعار الرائجة في الأسواق المحلية وليس أقل بنسبة 30% كما تدعي، ولكن هذا الطرح لن يسجل للوزارة ضمن الجهود التي تبذلها للتدخل في الأسواق، وخاصة أن الارتفاع المتواتر للأسعار لا ينتظر حلولاً يحتاج تطبيقها إجراءات روتينية تستنفذ وقتاً طويلاً لتنفيذها، فالسوق بحاجة إلى قرارات سريعة للتدخل، فارتفاع الأسعار قد يحرم الموائد السورية اصنافاً متنوعة من المواد الغذائية التي تعود السوريون إغناءها في شهر رمضان.
فالحديث عن توافر السلع لم يعد مجدياً امام ارتفاع أسعارها وعدم القدرة على شرائها، لذلك فإن أول ما يجب معالجته هو سعر الصرف، لأن ما تطرحه الوزارة حالياً هو بمثابة حل استراتيجي بعيد المدى، بينما المواطن ينتظر من الحكومة إجراءات آنية تخفف من وطأة الأزمة التي تمر بها البلاد لجهة ارتفاع الأسعار، وهذا ما لم يفكر به أي فريق حكومي معني بهذا الشأن.