قال وزير الصناعة " عدنان السخني " حول الطروحات التي قدمت إلى الوزارة بخصوص استثمار المعامل المتوقفة في دمشق والبالغ عددها 8 معامل تابعة لوزارة الصناعة، ومنها الطرح الذي تقدم به محافظ دمشق لاستثمار تلك المعامل وفق مبدأ منح العاطلين عن العمل أسهماً في تلك المعامل مقابل إنشاء صناعات تسهم في تشغيل أيد عاملة وتؤمن سلعاً فقدتها الأسواق خلال الأزمة.
فكان للوزارة رأيها الخاص المبني على أسس ومبادئ واضحة سواءً في عملية الإصلاح أو الاستثمار، والأمر يتطلب استبعاد صناعات واستحضار صناعات جديدة رابحة والإبقاء على بعضها، وهذا الأمر يحتاج رؤية واضحة، إذ إن هناك صناعات لابدّ من أن تخرج عن إطار القطاع العام بشكل قطعي وتستبدل بأنشطة جديدة، فضلاً عن أن هناك صناعات خاسرة وأخرى رابحة، فالدخول في إعادة تشغيل تلك الصناعات أمر غير مجد اقتصادياً، ولاسيما في الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد، فالأمر يحتاج إلى آلات تشغيل جديدة والكثير من المعدات، وهذا في حد ذاته يقف عائقاً أمام الدخول في عملية في الأساس خاسرة، لذلك من الأجدى التفكير بصناعات جديدة لها بُعد استراتيجي وحيوي وتحقق وفراً اقتصادياً.
أما البدء في الإصلاح فإن ذلك يرتبط بتوفر مجموعة عوامل أهمها الموارد (التمويل)، فضلاً عن الإرادة والإدارة الجيدة الكفيلة بدفع عملية الإصلاح إلى الأمام، إضافة إلى التشريع، وعند الحديث عن موارد التمويل فيجب تأمينها إما عن طريق صندوق الدين العام، وإما من الإيرادات والموارد الاقتصادية لكل مؤسسة، وإما من خلال مبدأ التشاركية وليس التملك، بمعنى إدخال تكنولوجيا جديدة لقاء منفعة معينة في الإنتاج، وهذا سيصدر به تشريع في المستقبل، أو من خلال الشق الأخير وهو الاستفادة من المواقع الحيوية لمنشآت القطاع العام الصناعي التي لم تعد صالحة لتشغيلها، فعندها تمكن الاستفادة من قيمتها في إنشاء صناعات جديدة، لذلك أي خطوة باتجاه طروحات كهذه هي بحاجة إلى قرار حكومي، وليس لوزير الصناعة صلاحيات بهذا الشأن.
وفي سؤال حول لماذا لم تكن هناك نيّات جادّة لإصلاح القطاع العام الصناعي رغم الاستراتيجيات والرؤى التي وضعها أكثر من وزير للصناعة؟ ولماذا لم تتقبل الوزارة أي طرح هدفه استثمار المعامل المتوقفة في دمشق كما طرحت واقترحت محافظة دمشق..؟
فأجاب السخني أنه فيما يتعلق بالتعاون مع جهات تقدمت بأطروحات للمساعدة في استثمار المعامل المتوقفة، وأن الوزارة لم تتعاون مع محافظة دمشق، فيه لبس كبير وظلم في حد ذاته لوزارة الصناعة، فالوزارة لها خطة لإصلاح القطاع العام الصناعي ما بعد الأزمة، ناهيك بالقوانين والتشريعات التي ستقوم الوزارة بإعادة النظر فيها، وهناك دراسات موجودة الآن لدى الوزارة بهذا الشأن، فضلاً عن أن رؤية الوزارة للإصلاح جاهزة، وهي تتضمن مشروعين كبيرين، ولكن السؤال المهم: كيف سنطور هذا القطاع ما بعد الأزمة..؟
المسألة الأولى التي يجب اعتمادها كمبدأ في الإصلاح، هي أن سياسة الإصلاح والرؤى الناظمة لذلك لا ينبغي أن تتغير بتغير الوزراء الذين يتعاقبون على الوزارة، وهذا الأمر يجب ألا يتكرر في السنوات المقبلة لأنه شكّل مفهوماً خاطئاً في عملية الإصلاح، لذلك يجب أن توضع سياسة وزارة الصناعة بشكل كامل ومبدئي بحيث لا يمكن تغييرها بتغير الوزراء، وإنما يقوم كل وزير بمتابعة خطة وسياسة الإصلاح، بدءاً من المرحلة التي وصل إليها الوزير الذي سبقه، وإن كان هناك مجال للتغيير فيجب ألا يلامس المضمون الجوهري لخطة الإصلاح، وإنما التغيير ممكن في هذه الحالة إذا لامس الأداء من حيث زيادة وتيرته، إذ كان يُعاب على الوزراء السابقين عدم تفهمهم لهذه النقطة، أي البدء من الصفر، وبناءً على ذلك تعمل الوزارة في الوقت الحالي على إعداد دراسة شاملة مدعومة بالأرقام والوقائع والأولويات التي ستأخذ في الحسبان عند البدء بخطة إصلاح القطاع.
كما وأشار الوزير السخني أن عدد منشآت القطاع الخاص الموجودة في سورية تصل إلى 130 ألفاً و218 منشأة تتوزع على المحافظات، أغلبها في دمشق وحلب، خلال الفترة الماضية كل هذه المنشآت تشغل حوالي 453 ألف عامل..
وكان الأجدر أن نأخذ البعد الاقتصادي بشكل كبير في هذا العدوان على سورية، إذ ثبت أن العدوان على سورية كان له شق إعلامي وسياسي واقتصادي.. إذ سقط الجانب العسكري والإعلامي، والآن هناك استهداف منظم للشق الاقتصادي، فاستهداف حلب ومعاملها والتجمعات الصناعية فيها هو استهداف ممنهج، وإذا عدنا للماضي نجد أن ارتفاع سعر الدولار وانخفاض قيمة الليرة بدأ منذ استهداف حلب.
وحاولنا أن ننقذ ما يتم إنقاذه، وأكدنا أننا لا نريد تكرار ما جرى للمنشآت الاقتصادية في حلب، مع المحاولات الجادة للتخفيف من آثار الأزمة بحوالي 60% لجهة عدم التعدي على الشركات.
أما فيما يتعلق بموضوع نقل المنشآت الصناعية ليس هناك جديد على مستوى السماح بنقلها، ولكن الجديد هو للميزات والتسهيلات التي أعطيت ولم نطلب أي طلب سوى إعلام مديرية الصناعة في المحافظة التي نقل منها والتي يتم النقل إليها من دون أي رسوم وتكاليف، ولكن هناك مشكلات إدارية تمت معالجتها بصدور بلاغ من رئاسة مجلس الوزراء بشروط مخففة، وعندما تنتهي الأزمة للصناعي الخيار في البقاء أو العودة إلى السابق، وتم إخبار جميع الصناعيين بأن هناك مناطق آمنة لماذا لا يتم نقل المنشآت إليها للمساهمة في تعزيز قدرة الصمود وخلق فرص عمل.. فالبعض يريد أن يزعزع الثقة بالاقتصاد السوري وانتماء المواطن السوري وهذا مدروس..
وهناك من الصناعيين مَنْ حصلوا على امتيازات كبيرة ودعم كبير وقروض، ولكن لم يكون موقفهم مشرفاً عند الأزمة، ولكنْ هؤلاء قلة قليلة ومعروفون بالاسم لدى جميع السوريين، وحسب معلوماتنا كوزارة صناعة فإن حوالي 121 منشأة تقدمت بطلب النقل ولكن 8 منشآت نقلت فعلياً وهناك من قام بنقل آلياته بشكل جزئي وأبقى على قسم منها لكي يفي بالتزاماته بتوريد منتجاته، وأنا لست ضد ذلك لأن الإنتاج السوري يجب أن يستمر وحلب وصناعتها تشكل عقدة كبيرة لدى حكومة أردوغان، ولاسيما بعد أن برزت الصناعة السورية في أسواق عربية وعالمية..
وهناك بعض الصناعيين المعروفين في سورية نقلوا لكنهم استخدموا (السوفت وير السوري) كما في مصر وحققوا حلقة كاملة وباعوا منتجاً سورياً ولكن في مصر، ونحن لا نريد في الوقت الحاضر أن نفرز الأشخاص ونخوّنهم وهذا ما يريد الأعداء أن يصلوا إليه، فهناك من اضطرّته الظروف للرحيل ولكنهم على تواصل دائماً معنا للاستفسار عن الأوضاع ويؤكد أنه سيعود عندما تهدأ الأحوال.