ذكر الباحث الاقتصادي قيس خضر، أن هناك مشكلة رئيسية صاحبت ارتفاع سعر الصرف أو انخفاض قيمة الليرة السورية كانت عبر الانتقال من سوق القطع إلى سوق السلع والخدمات بشكل أو بآخر.
ونقلت صحيفة "الوطن" المحلية عن خضر، قوله إن: "وضع حواجز تعمل على إعاقة انتقال وتضخم الموجات الاهتزازية والارتدادية لسعر الصرف إلى سوق السلع والخدمات عن طريق تأمين هذه السلع والخدمات نفسها، سوف يقي المواطن من ارتفاعات سعر الصرف".
وأضاف أنه "إذا قلنا إن الدولة ستعمل على تأمين السلع والخدمات بأسعار معقولة عبر دعم هذه السلع ولن يتأثر المستهلك من ارتفاعات سعر الصرف المضاربي، الذي يقوم به المنتجون فإن المستهلك السوري سوف يغض الطرف عن مسألة سعر الصرف".
وبين أن "هذه هي النقطة الرئيسية التي يمكن من خلالها الفصل ما بين سوق سعر الصرف وسوق السلع والخدمات، ولكن في نفس الوقت ما لا نوافق عليه هو أن هناك بعض أنواع السلع والخدمات التي تسّعر شئنا أم أبينا بالعملة الصعبة لأنها غير متوافرة في السوق المحلية".
وأشار خضر إلى أنه "في هذه الحالة إما أن نجد أنفسنا أمام ضرورة دعم السلع والخدمات عبر القيام بشرائها وبيعها مدعومة لتصبح ضمن ما يسمى السلة المدعومة وأعتقد أنه خارج قدرة الحكومة على التداول به في هذه الفترة بالذات".
كما أضاف أنه "بالتالي فإن هناك حاجة فعلاً لأن نفصل سعر سوق الصرف عن سوق السلع والخدمات وهذه خطوة إيجابية".
وجاء كلام خضر تعليقا لحديث النائب الاقتصادي قدري جميل، قبل يومين عن جملة من الأمور المتعلقة بالاقتصاد السوري وما يمر به من أزمات، حيث أشار إلى أن الدولة عندما تقوم بتأمين المواد التموينية ومن خلال منافذ البيع لديها يصبح سعر الصرف "حقو فرنكين"، وذلك للحفاظ على الاحتياطي من القطع الأجنبي لاستيراد السكر والأرز ولحظتها لن يهم المواطن كم سعر الصرف.
كما ألمح جميل أيضاً إلى أن مسألة حجم الأموال بالليرة السورية والتي قدرها، نقلاً عن وزير مالية سابق، بأنها تبلغ 80 مليار ليرة سورية، غامزاً من قناة المضاربة التي تجري على الليرة السورية من خارج الحدود.
وأكد خضر أن "النائب ميّز بين سوق القطع من جهة وسوق السلع والخدمات من جهة ثانية، إذ إن هناك الكثير من السلع والخدمات التي ارتفع سعرها في السوق السورية دون أن يكون لها أدنى علاقة في سعر الصرف، فالدخول في إطار مضاربات مع تجار السوق يمكن أن يسهم في تخفيض قيمة العملة عدا أنه لا يمكن إطلاقاً التوافق مع النائب الاقتصادي على أن سورية تعيش على اقتصاد روبنسون كروزو أو اقتصاد السوق المغلق الذي لا يحتاج فيه المواطن أصلاً إلى سلع مقوّمة بالدولار".
وأكد أن "جميل وضع يده على نقطة جداً جوهرية تشير إلى ضرورة الفصل بين سوق القطع وسوق السلع، «والأهم من هذا الفصل هو الطرق الآيلة بالفعل بالوصول إلى سوق السلع والخدمات وضبطها، ولكن تقزيم المشكلة بأنها ستصبح (لا تساوي فرنكين) فهو موضوع يحتاج إلى المزيد من التصويب".
وبيّن خضر، أن "الأمر الرئيسي الذي أوافقهم فيه الرأي هو فصل سوق الصرف عن سوق السلع والخدمات وتعتبر هذه خطوة جبارة، ولو أسقطناها على مثال تلوث جزء محدد من بحيرة ما فإذا قمنا بعزل هذا الجزء الملوث من البحيرة عن الجزء السليم المتبقي فإن الأمر يشبه عزل التلوث الذي يصيب أحد قطاعات الاقتصاد ومنعه من الانتقال إلى بقية قطاعات الاقتصاد الوطني".
كما أوضح انه "لو شبهنا سوق الصرف بالجزء الأول من الاقتصاد السوري وهو الجانب المالي والنقدي الذي يعتبر المتطور في البنيان الاقتصادي، والجزء الثاني منه هو جانب السلع والخدمات فإنه بفصل الجزأين فإنه يمكن جداً البدء بضبط الاقتصاد بفصل الجزء الأول التيارات المالية والنقدية عن الثاني التيارات السلعية والخدمية".
وحول تلميح قدري جميل، في أن حجم الليرة بالخارج يقدر حسب وزير المالية السابق بـ80 مليار ليرة وقدرة هذا المبلغ في التأثير والمضاربة على ليرتنا، أكد الباحث خضر أن "هذا الكلام صحيح جداً آخذين بعين الاعتبار أن هذا المبلغ ليس بالقليل على الإطلاق وإن كان رقماً بسيطاً جداً قياساً بالناتج المحلي الإجمالي لسورية الذي كان قبل الأزمة يقدر بحوالي 50 إلى 60 مليار دولار".
لكنه أوضح أن "الأثر النفسي المرافق للتدخل بمبلغ 80 مليار ليرة يجعل له أثراً مضاعفاً يكاد تأثيره يقدر بكل بساطة بين 10 إلى 20 ضعف قيمته الحقيقية".
ولفت إلى أنه "إذا كانت الآلية التي تتبعها بعض الدول الإقليمية بعرض كميات كبيرة من الليرة السورية عندهم مقابل الحصول على الدولارات التي توجد في السوق السورية، فإن هذا بشكل أو بآخر يعمل على إضعاف أو ضرب الليرة السورية، ولكن لطالما أن العنصر مجهول والأيادي خفية فإن هذا يجعل من الأثر النفسي أسوأ من الأثر الكمي ويضاعفه".