قالت مصادر صحفية أن سوريا تحاول الاستفادة من أموال مجمدة في حسابات مصرفية خارجية في تغطية مشترياتها من المواد الغذائية بما في ذلك القمح.
وتشير المصارد إلى أن سوريا مقبلة بسبب الأزمة التي دخلت عامها الثالث على أسوأ حصاد للقمح منذ ما يقرب من ثلاثة عقود ،وانخفضت احتياطيات النقد الأجنبي بشدة بعد أن كانت تقدر قبل الحرب بما بين 16 و18 مليار دولار.
وقال توربيورن سولتفيت من مابلكروفت لاستشارات المخاطر "حجم الدمار الذي أصاب الاقتصاد والبنية التحتية في سوريا حتم ارتفاعا حادا في واردات المواد الغذائية الاساسية مثل الحبوب والسكر."
وأضاف "ولأن من المرجح أن يتدهور الوضع في الشهور المقبلة فإن الحكومة السورية تدرك أنها تحتاج لزيادة المخزونات لتوفير احتياجات المواطنين من المواد والسلع المدعومة.
والمواد الغذائية ليست خاضعة للعقوبات الدولية لكن عقوبات مصرفية وقرارات بتجميد أرصدة وأصول من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي إلى جانب الحرب كل هذا خلق مناخا جعل من الصعب على بعض الشركات التجارية أن تبرم صفقات مع دمشق.
وفي الاسابيع الأخيرة أصدرت مؤسسات سورية سلسلة من المناقصات لشراء قمح وسكر وأرز بكميات يتجاوز اجماليها 500 ألف طن.
وأظهرت وثائق اطلعت عليها رويترز وأكدتها مصادر تجارية لها دور نشط في صفقات من المحتمل اتمامها هذا الشهر أن من شروط المناقصات أن يتم السداد من حسابات مجمدة من خلال استثناءات من الدول التي فرضت العقوبات المالية.
وقال مصدر في الشرق الاوسط ينشط في تجارة المواد الغذائية مع دمشق "سوريا لديها أموال في بنوك في أوروبا والشرق الاوسط وتحاول استخدام هذه الحسابات لسداد قيمة واردات الحكومة من السلع الأولية والمواد الغذائية."
وقد واجهت سوريا صعوبات في تأمين امدادات الحبوب العام الماضي لكنها حققت قدرا أكبر من النجاح في مشترياتها من الحبوب هذا العام باستخدام وسطاء لابرام الصفقات وترتيب السداد.
وتقول مصادر تجارية إن الهدف من الجهود الرامية لاستغلال الاموال المجمدة هو زيادة المشتريات.
وقال سولتفيت من مابلكروفت "رغم أن مدى قدرة الحكومة السورية على الاستفادة من الارصدة المجمدة ليس واضحا فقد يرغم الوضع الانساني المتدهور الحكومات الغربية على السماح بشكل غير رسمي باستخدام هذه الاموال في مشتريات المواد الغذائية الاساسية."
وأوضحت المصادر التجارية إن بعض الحسابات المصرفية المجمدة موجودة في دول أوروبية من بينها فرنسا وايطاليا.
وقال متحدث باسم كاثرين اشتون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبي "التجارة في السلع الانسانية مثل الدواء والغذاء والسلع الغذائية مع سوريا ليست ممنوعة ولا توجد قيود على مدفوعات هذه الصفقات. ومن الواضح أن أي صفقات يجب أن تحترم كل البنود الأخرى للعقوبات."
وأضاف أن أحد البنود التي تنظم التعامل مع سوريا لدى الاتحاد الاوروبي يقضي بأنه "يجوز الافراج عن أرصدة أو موارد اقتصادية مجمدة إذا اقتضت الضرورة لاغراض انسانية."
ويقتضي ذلك الحصول على إذن من السلطات في البلد الذي يقع فيه البنك.
ولم يستجب مسؤولون في باريس لطلبات للحصول على تعقيب من الحكومة الفرنسية عن البنوك المعنية في فرنسا. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الايطالية "حتى الان لم تصدر ايطاليا قرارا بفك تجميد أي أرصدة سورية لسداد مشتريات المنتجات الغذائية. وسنرى ما سيحدث في المستقبل."
ولم يتضح على الفور ما إذا كانت أي صفقات ستخضع للعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة.
وأضافت "نحن ملتزمون بالسماح بالمساعدات الانسانية المشروعة حتى ونحن نواصل تطبيق عقوباتنا الصارمة على سوريا."
وفي مناقصة طرحت الشهر الماضي لشراء 276 ألف طن من السكر الابيض اطلعت عليها رويترز قالت المؤسسة العامة للتجارة الخارجية إنه يجب تقديم وثيقة من الطرف المعني في البلد الذي يجمد الأرصدة السورية بما يفيد السماح بتمويل هذه المشتريات بالأموال المجمدة.
وقالت المؤسسة إنها تحتاج هذه الامدادات بشدة.
وفي مناقصة أخرى لشراء 200 ألف طن قمح قالت مؤسسة أخرى تابعة للدولة إن سداد قيمة المشتريات سيتم من الأموال المجمدة في بنوك أوروبية وبعض البنوك العربية.
وقال مصدر تجاري أوروبي إن المؤسسات السورية أبدت فجأة قدرا أكبر من الثقة أن بوسعها سداد قيمة المشتريات في المناقصات الدولية رغم العقوبات.
وقال مصدر في منطقة الشرق الاوسط إن الاموال السورية لدى بنوك أجنبية تخضع لفحوص صارمة قبل الافراج عنها.
ولم تغلق بعد المناقصات التي طرحتها السلطات السورية لكن مصدرا حكوميا في دمشق يشارك في ابرام صفقات شراء الحبوب قال إن سوريا بدأت بالفعل شراء سلع وفق آلية البيع الجديدة.
وأضاف "ثبت أنها جيدة. فقد ابرمت صفقات باستخدام هذه الطريقة وكانت مرتبطة بمشتريات قمح."
وقال المصدر التجاري من الشرق الاوسط إن من المعتقد أن سوريا سددت قيمة شحنة من القمح باستخدام أحد حساباتها المصرفية في أوروبا.
لكن مصادر أخرى لم تستطع تأكيد ابرام هذه الصفقات وقالت إنها تنتظر نتيجة المناقصات الأخيرة هذا الشهر.
وقال البرنامج الأسبوع الماضي إنه تولى توصيل الغذاء لنحو 2.4 مليون شخص فقط في يوليو تموز انخفاضا من 2.5 مليون في يونيو حزيران.