رأي بهاء حسن (نائب رئيس غرفة تجارة دمشق)أن غلاء الأسعار الكبير في الآونة الأخيرة سببه ارتفاع سعر القطع بطريقة غير متوقعة لكن بعد تدخل الحكومة المباشر بهدف تخفيضه سيطرأ حكماً انخفاض تدريجي على أسعار السلع.
الذي أكد ووفقا لصحيفة " تشرين " أن ثبات الأسعار على ارتفاعها يعود إلى شراء المستوردين والتجار القطع الأجنبي بسعر مرتفع، لذا يصعب تغير أسعار المنتجات فجأة كيلا يخسروا رأس مال وليس الأرباح، فالأسعار تحتاج إلى فترة معينة حتى تبدأ بالانخفاض التدريجي في حال استقرار سعر الصرف عند حد معين سواء فيما يتعلق بالبضاعة المشتراة بسعر مرتفع أو معقول نسبياً لكون المنافسة في السوق ستجبر التجار على تخفيض أسعار المنتجات، مضيفاً أن المستوردين يواجهون صعوبات بالغة في تأمين السلع ويتحملون تكاليف مالية كبيرة عند عمليات الاستيراد بسبب العقوبات الاقتصادية، لذا إعادة بعض السلع المحررة إلى قائمة التسعير الإداري لن يحقق الغاية المرجوة بل ستعقد الأمور ونضيع الوقت ويضيق الخناق على التجار الوطنيين المستمرين باستيراد المواد خاصة الأساسية لكن بالرغم من ذلك وافق التجار في اجتماعهم مع وزارة التجارة الداخلية على كتابة تعهد بتسعير المواد المستوردة مع تحفظهم على اتباع هذا الإجراء في هذه المرحلة لكونه يمثل عودة لزمن الثمانينيات.
حالة الأسواق السورية الخاصة يوضحها سير عربة أسعار السلع والخدمات باتجاه واحد تصاعدي له وجهان معقد وباطني بسيط، فظاهرياً قد تبدو الحالة غاية في التعقيد تستعصي على علم الاقتصاد ومفكريه إلا أن السؤال الملح يتمحور حول المسؤول عن بقاء واقع السوق على فوضاه دون التمكن من إيجاد إجابة له علماً بأن تعميم هذا المنطق قد يكرس الحالة ويعمقها مع أن الجزء المخفي من هذه القضية يبين وضوحها ويفسر استمراريتها حسب رأي د.هيثم عيسى (أستاذ في كلية الاقتصاد بدمشق) قائلاً « السعر في السوق يعد محصلة تفاعل قوتين أساسيتين هما العرض المتحكم فيه المنتجون والتجار والطلب المتحكم فيه المستهلكون والمؤسسات والقطاع الحكومي وقوة ثالثة تتمثل بالسياسات الحكومية المختلفة، فموضوعياً تكمن مصلحة الطرف الثاني بانخفاض الأسعار بالمقابل المبدأ الاقتصادي يبين أن مصلحة العارض سواء المنتج أو التاجر تبرز بتحقيق أفضل ربح ممكن عبر رفع الأسعار وبقائها مرتفعة بينما يفترض بالطرف الثالث المتمثل بالسياسة الحكومية العمل لمصلحة الجميع وتحريك الأسعار من دون التسبب بأذى العارضين أو المستهلكين منوهاً بأن دفع الأسعار تصاعدياً ما أمكن سببه أفراد جانب العرض مع الإشارة إلى وجود أسباب موضوعية لارتفاع الأسعار خلال الأزمة الراهنة ناجم عن تناقض العرض بسبب تراجع الإنتاج في مجالات الاقتصاد كافة لكن بالمقابل يجب عدم إغفال من امتطى ظهر الأزمة وحصد جيوب المواطنين دون مبرر.
يؤكد د. عيسى أن التاجر لن يخفض أسعار سلعه إلا مجبراً بفعل قوة السوق أو سياسة الحكومة علماً بأن تجار الأزمات يدعمون وجهة نظرهم بكم هائل من التبريرات الفظة لعدم انخفاض السعر،.ممكنة التحقق ولكن معالجة واقع السوق المنفلت ممكنة التحقق بعكس ما يشاع لو توافرت النية لتحقيق هذا الهدف لكن هناك من له مصلحة في تعمية الآخرين عن هذه الحقيقة لتسنى له الصيد بالماء العكر وفق رأي د.عيسى، حيث أشار إلى أن الحلول تكمن في مستويين أهلي وحكومي، حيث يتوجب على الجهات الحكومية المعنية معالجة السوق جدياً دون تلمس الأعذار لتبرير ارتفاع الأسعار، وهنا يمكن اتخاذ إجراءات عديدة أبرزها تطبيق قانون المنافسة ومحاربة الاحتكار بعد تحكم حيتان السوق في آليات التسعير، فقد صدر هذا القانون لكنً العاملين في هيئة المنافسة يبدو أنهم لا يملكون جدية في تطبيقه بدليل أن أحد مسؤوليها على شاشة التلفاز منذ ثمانية أشهر قال إن الظروف الحالية غير مناسبة لتطبيق قانون المنافسة، فإذا كانت هذه الفترة غير مناسبة لحماية المواطن فمتى سيعمد إلى تطبيق هذا القانون؟، كما يتوجب تفعيل برامج المحاسبة عبر مكافأة الموظف المؤهل ومعاقبة المقصر مع تفعيل دور المؤسسات الحكومية كالتجارة الخارجية والخزن والتسويق والاستهلاكية لكون الحكومة منذ فترة طويلة تركت الأسواق تحت رحمة التجار وسحبت هذه المؤسسات الاقتصادية من العمل الفعلي بشكل كرس الاحتكار في الأسواق مع ضرورة تعديل القوانين المتعلقة بالوكالات التجارية بحيث لا يمكن لشخص واحد امتلاك وكالات استيراد حصرية لعدد كبير من السلع، ما يتوجب تحديد عدد من السلع لكل وكالة مع إلغاء الوكالة عند إثبات مخالفة الوكيل في حال احتكار السوق أو رفع السعر مع إمكانية تجزئة هذه الوكالات جغرافياً حتى لا يحتكر التاجر المستورد كامل السوق السورية مع إمكانية الشراء من خارج المحافظة بشكل يزيد المنافسة بين الوكلاء ويردعهم عن رفع الأسعار، إضافة إلى تفعيل وتوسيع إمكانية اللقاء المباشر بين المنتجين والمستهلكين بغية كسر حلقات السمسرة الوسيطية، فمثلاً يمكن استغلال الساحات العامة الرئيسية أو الحدائق الكبيرة في أيام العطل لتنظيم أسواق الفلاحين لبيع منتجاتهم مباشرة للمستهلكين مع تكرار ذلك لكل أنواع السلع عبر إقامة مهرجانات ومعارض للتسوق المباشر في الصالات الرياضية مثلاً، وفي هذا المجال يتوجب الإسراع بتنفيذ قرار إقامة أسواق هال جديدة في مناطق مختلفة من دمشق والمحافظات كافة.
يرى د. عيسى إمكانية الاستفادة من هيئات المجتمع المدني عبر تنظيم العمل الجماعي كحملات المقاطعة، فالسلعة التي يثبت أن منتجها أو وكيلها يحتكرها أو يرفع سعرها من دون مبرر تنظم حملة مقاطعة منظمة ضدها، وهنا يمكن الاستفادة من أدوات مساعدة تساعد الإعلام في هذه الحملة كالانترنت وغيرها، إضافة إلى التفكير بتشكيل جمعيات غير رسمية لمراقبة الأسواق والدفاع عن حقوق المستهلكين، فاليوم توجد هيئات رسمية وغير رسمية لحماية مصالح المنتجين والتجار كغرف التجارة والصناعة من دون تمثيل حقيقي لمصالح المستهلكين علماً بأنه يروج في الواقع لفكرة غير صحيحة محورها أن التجار أو المنتجين أقوى من المستهلكين لكن الحقيقة مغايرة تماماً.