لا يزال رئيس غرفة تجارة دمشق غسان القلاع على إيمانه بأن القيم الأخلاقية التي تتمتع بها شريحة التجار باقية، مستنداً في ذلك - على ما يبدو - إلى قيمه ومكنوناته الذاتية في الوقت الذي تشير فيه معطيات السوق إلى أن قسماً كبيراً من التجار تحولوا غيلاناً همهم الربح أكثر من أي شيء آخر.
ومن هنا يجهد القلاع بالبحث في علم الأحرف لإثبات نظريته حيث يرى أن كلمة (تاجر) تدل في حرفها الأول وهو «التاء» على أن التاجر يجب أن يكون تقياً، وفي الثاني أميناً، والحرف الثالث للدلالة على أنه يجب أن يكون جريئاً، والرابع رحيماً.
وجاء كلام رئيس غرفة التجارة خلال ندوة بعنوان «التمويل في المصارف الإسلامية» التي أقامتها الغرفة بحضور ممثلين عن بنك الشام الإسلامي وعدد من التجار والمهتمين.
وقال القلاع خلال الندوة: نعيش اليوم حالة استثنائية والجميع يعاني من القروض المصرفية، ومن بدأ بعمل أو بمشروع أو اعتاد تمويل مستورداته مصرفياً أصبحت القضية بالنسبة له متعبة قليلاً خصوصاً بعد رفع أسعار الفائدة على الإيداعات، وترك القضية مفتوحة للمصارف بأن تتقاضى الفائدة على الحسابات المدينة بالشكل الذي تراه مناسباً.
وأشار القلاع إلى أن هذه القضية مختلفة في المصارف الإسلامية وتأخذ سبيلاً آخر لافتاً إلى أنه بذلك تم حل مشكلة عند الكثيرين، إلا أنه بقيت هناك اليوم معاناة من تأمين الأقساط وتبديل المستحقات من العملة السورية إلى القطع الأجنبي وأيضاً في تمويل المستوردات.
وأوضح القلاع أن المصارف تقوم بتمويل قائمة من المستوردات أي جزئياً وذلك بحسب قرارات الحكومة، وعادت هذه القائمة للتقلص إلى النصف شرط توافر القطع الأجنبي.
وهذا الكلام - كما يقول القلاع - لا يعني أنه على التاجر أو المستورد والمتعامل أن يلح في طلباته وإنما علينا التعامل مع الحالة الراهنة بعقلانية وتنظيم وبشكل نتمكن من خلاله تأمين مواردنا وألا نلقي بكل ثقلنا على المصارف بطلب المستحيل منها، مبيناً أن من استطاع الشراء عبر تسهيلات ائتمانية فلا ضير في ذلك، ومن يستطع الشراء بالبوالص أو بفتح الاعتماد فلا بأس بذلك أيضاً.
وفي سياق متصل أكد القلاع أن التعامل مع المصارف الإسلامية هو سبيل مختلف عن التعامل مع بقية المصارف التجارية والعقارية أو الصناعية وغيرها، مبيناً أن أي مصرف سواء أكان إسلامياً أم عادياً فإنه يستطيع التحرك تبعاً لحجم الإيداعات التي يمتلكها، فإذا كان هناك إقبال على الإيداع في هذا المصرف أو ذاك استطاع التحرك أكثر من غيره للمساهمة في التمويل.
بدوره قدم عضو الهيئة الشرعية في مصرف الشام الإسلامي الدكتور أحمد الحسن عرضاً شرعياً سريعاً لخدمات المصرف وآليات تعامله مع الزبائن والمضمون الشامل للتعامل مع المصارف الإسلامية.
وقال مساعد مدير عام المصرف بشار الست إن التجار الدمشقيين والسوريين بشكل عام رفعوا الرؤوس خلال هذه الأزمة لأن التاجر في العادة يمتنع عن الدفع في حال لامس سعر الدولار الحدود التي نراها اليوم ولكن الأمور اليوم أفضل مما نتوقع والقليل من الديون أصبحت معدومة.
وأكد الست أن الفرق بين المصارف الإسلامية والتقليدية أصبح اليوم جلياً وواضحاً خصوصاً خلال الأزمة الحالية موضحاً أن قيام المصرف المركزي برفع أسعار الفائدة شكل على المصارف الإسلامية ضغطاً كبيراً.
وفي تصريح لـ«الوطن» قال الست إن المصارف الإسلامية أثبتت أنها أكثر قدرة على تجاوز الأزمات الاقتصادية من غيرها من المصارف العادية المعروفة الأخرى.
وبرر السبب بأن المصرف الإسلامي هو عبارة عن تاجر وليس مقرضاً أو مرابياً، وإنما هو عبارة عن مشتر وبائع، يقوم بالشراء ويقوم بعد ذلك بالبيع لأجل وناتج الربح المتكون لديه هو عبارة عن شراء سلعة وبيعها وليس شراء نقد وبيعه، بل يستثمر الأموال من خلال عقود متنوعة كبيع المرابحة والمشاركة والاستصناع والإجارة وغيرها، لافتاً إلى أن البنك يعطي الأولوية للمودع فالحسابات الموجودة لدى البنك مغطاة بالكامل حفاظاً على الثقة مع المودع.
وقال الست إن التمويلات التي يقدمها المصرف في هذه الفترة تتطلب المزيد من الدراسة الائتمانية ومتعلقة بمدى المحفظة النقدية المتوافرة لديه.
ورداً على سؤال حول الصورة الحسنة للمصارف الإسلامية التي ظهرت خلال الأزمة أكد الست أن غرفة تجارة دمشق رفعت إلى القيادة التماساً تحدثت فيها عن ضرورة أن تضع المصارف التقليدية حداً لرفع أسعار الفائدة، وأن تعمل هذه المصارف بالطريقة التي تعمل بها نظيرتها الإسلامية.
واعتقد الست أن هذا الكلام محق مبرراً الأمر بأن المصرف الإسلامي الذي قام بتمويل آلة ومشروع ما وقد وضع دراساته على أساس أن الفائدة في البنوك التقليدية 5% مثلاً فوجئ أن الفائدة أصبحت 10% على سبيل المثال، ولذلك طالب التجار أن تبقى أسعار الفائدة بالنسبة للمصارف التقليدية مثل الإسلامية أي ثابتة حتى نهاية فترة التمويل، موضحاً أن المصارف التقليدية يمكنها تعديل أسعار الفائدة كل شهر ولكن الإسلامية لا تستطيع ولا يجوز لها ذلك.
وبخصوص فوائد التأخير أضاف الست أن البنوك التقليدية تستطيع ألا تنهي مديونية المستدين طوال حياتها.
وحول امتناع المصارف الخاصة من قبول الإيداعات بالدولار أو العملة الصعبة قال الست: إن هذا الكلام لم يسمع به إلا في وسائل الإعلام، ولم ألمس أن أي مصرف خاص امتنع عن هذا الأمر واليوم تقبل المصارف الإيداعات من أي نوع كانت سواء بالدولار أو اليورو أو الريال وغيرها من العملات الموجودة في نشرة المصرف لصرف العملات.