شهدت الأسواق في الفترة الماضية ارتفاعاً كبيراً بأسعار الخضر كالملفوف (اليخنة) والزهرة والورقيات المختلفة بالإضافة إلى ارتفاع أسعار أنواع من الفاكهة كالموز الذي حلقت أسعاره ووصلت في صالات المؤسسة العامة للخزن والتسويق إلى 90 ليرة للكغ..
والسؤال الذي يطرح نفسه ما أسباب هذه الارتفاعات لمواد زراعية تنتج محلياً؟ هل السبب في عزوف بعض الفلاحين عن الزراعة لارتفاع التكاليف كسعر المازوت وتوافره والذي أدى إلى قلة العرض أم إن هناك أسباباً أخرى؟ وهل ستستمر أسعار هذه المواد التي تستهلك من قبل أغلبية المواطنين ذوي الدخل المحدود مرتفعة السعر أم إنها ستنخفض قريباً؟
تأثير شح المازوت..
ووفق صحيفة تشرين أكد المحامي فاروق الرباط الباحث في شؤون حماية المستهلك: أنه بلاشك إن ارتفاع الأسعار بشكل عام يتعلق بأسباب عديدة بدءاً من الأزمة التي تمر بها البلاد، ومروراً بارتفاع سعر الدولار، وانتهاء بسعر مادة المازوت.. وأضاف: هناك عوامل ثانوية ولكنها مهمة أدت إلى ارتفاع الأسعار، كحالة الطقس أي البرودة التي اشتدت هذا العام بشكل ملحوظ.. وأكد الرباط حالة فلتان المراقبة على التجار الذين يرفعون الأسعار عشوائياً بسبب أو من دون سبب وبنسب عالية أو مقبولة.. وأوضح أن حالات ارتفاع أسعار المواد والمنتجات والسلع تتفاوت بين منتج وآخر، أو سلعة وأخرى، لاسيما إذا كانت المنتجات أو السلع مستوردة، بما فيها المواد الأولية التي تضاف إلى بعض المنتجات الغذائية أو المنتجات الزراعية وغيرها.
أما بالنسبة لارتفاع أسعار الخضر فرأى أن ذلك كان عشوائياً بامتياز، ذلك لأن أغلب تلك الخضر التي تستهلكها جميع شرائح المجتمع من منتجات بلدنا، وأن العوامل التي تؤدي إلى ارتفاع أسعارها قليلة نسبياً إذا ما قيست بتلك المؤثرة على المنتجات المستوردة. ورأى أن هذه العوامل محصورة بشح مادة المازوت الذي يستعمل للنقل والزراعة، الأمر الذي أدى ببعض ضعاف النفوس أن يبيعوه بأسعار مختلفة بدءاً من (25) ليرة لليتر الواحد وانتهاء بـ(35) ليرة دون مراقبة أو معالجة جدية من الجهات المعنية، هذا فضلاً عن ارتفاع أسعار الأسمدة، وحالة الطقس.. وكل ذلك أثر على ارتفاع أسعار الخضر.
أما ارتفاع سعر الدولار وتأثيره على أسعار الخضر فقد قال الرباط: إن تأثيره ضئيل جداً، ولا يشكل تأثيراً كبيراً على تلك المنتجات لأن زراعة الخضر لا تحتاج إلى مواد أخرى مستوردة تؤدي إلى التأثير في ارتفاع أسعارها.
أما العامل الأخير لارتفاع أسعار الخضر فهو مزاجية بائعي الخضر في تعاملهم مع المستهلك، وهذا أمر خطير، حيث يصعب تقدير نسبة العوامل التي تؤثر بشكل طبيعي على زراعة ونقل تلك المنتجات، وأبدى اعتقاده أن هؤلاء الباعة يستغلون جميع تلك العوامل المؤثرة أو غير المؤثرة مباشرة على أسعار الخضر!!
عوامل محلية وخارجية
أسامة قزيز نائب رئيس لجنة تسيير سوق الهال أكد أن أسباب ارتفاع أسعار الخضر المحلية تعود للصقيع وموجة البرد التي جاءت فعطلت العمل في الورشات الزراعية وجعلتها لا ترفع طاقتها الإنتاجية وبالتالي فإن العرض انخفض الأمر الذي رفع أسعار الملفوف والزهرة وغيرها من المواد.. يضاف إلى ذلك أن أجرة سيارات النقل الداخلية ارتفعت من نصف ليرة للكغ الواحد إلى ليرتين ما رفع تكاليف النقل بالنسبة للمزارع والتاجر.
وأشار قزيز إلى وجود ضعف في إنتاج بعض المواد محلياً كقلّة البطاطا المحلية التي كانت زراعتها محلياً محدودة بسبب خوف الفلاحين من شح مادة المازوت ومن عدم قدرته على تأمينها الأمر الذي جعلهم يخففون من مساحة زراعاتهم.. وأوضح أنه لو لم يتم استيراد البطاطا لكانت ارتفعت أسعارها بشكل كبير حيث يدخل يومياً من 700 طن إلى ألف طن بطاطا مستوردة وسعرها بالجملة من 18 إلى 20 ليرة.
أما بالنسبة للمواد والسلع الزراعية المستوردة كالبندورة، فأردف قزيز: إن سعرها مناسب ومقبول وهي بأغلبيتها مستوردة أو منتجة من البيوت البلاستيكية.. أما المواد الأخرى كالخيار والباذنجان والفاصولياء والفليفلة التي تستورد فقد تأثرت بسعر الدولار الذي حلق مؤخراً بالنسبة لليرة السورية ما انعكس على سعر استيراد هذه المواد.. يضاف إلى ذلك أجرة النقل المرتفعة التي أثرت أيضاً على سعر المنتجات المستوردة.
وعن ارتفاع أسعار الموز، أكد قزيز أن أسعاره ارتفعت عالمياً حيث أصبح سعر كرتونة الموز بالجملة التي وزنها 20كغ حوالى 1400 ليرة سورية أي ثمن الكغ الواحد سبعون ليرة بالجملة أما الموز المستورد من الإكوادور وأميركا فسعر الجملة للكرتونة 1700 ليرة أي حوالى 80 ليرة للكغ إذا كان وزن الكرتونة 19 كغ.
أما فيما يتعلق بسعر الحبوب كالحمص والتي سجلت ارتفاع أسعار كبيراً، أعاد قزيز السبب إلى تصدير كميات كبيرة منه وخاصة إلى العراق، وبسبب ارتفاع سعر الدولار فإن تصدير الحبوب أصبح مناسباً ومربحاً لكن استيرادها ليس مربحاً.
وأبدى قزيز تفاؤله بأن أسعار الخضر بشكل عام ستنخفض في حال ارتفاع درجات الحرارة وعودة الورشات الزراعية للعمل بشكل أكبر.
في انتظار الدفء
بعد أن لاحظ المواطن ارتفاع أسعار الكثير من الخضر الشتوية التي كان يعتمد عليها في قوته اليومي كالسبانخ والسلق والملفوف والزهرة والتي أعاد سببها تجار سوق الهال إلى الصقيع، نتساءل إن كان المواطن يستطيع أن ينتظر حتى يأتي الدفء من أجل إطعام أطفاله في ظل ارتفاع سعر الحبوب التي كان يلجأ إليها في حال ارتفاع سعر الخضر، وبعد أن نسي استهلاك اللحوم والدجاج.. وما دور مؤسسات التدخل الإيجابي كمؤسسة الخزن والتسويق التي انساقت وراء أسعار الخضر في السوق دون أن تسجل أي فارق سعري يذكر..؟