أرجع وزير الصناعة كمال الدين طعمة غياب البحث العلمي عن القطاع الصناعي إلى أن غياب الإستراتيجية العلمية والتي اعتبرها السبب الأساسي في تراجع البحث العلمي وليس كما يقال إن الإمكانات المادية هي السبب لافتاً إلى أن شركات ومؤسسات القطاع العام بأكملها لديها إمكانيات لكنه لم يتم إيلاء هذا الأمر الأهمية التي يستحقها وبالتالي حصل تأخر في موضوع البحث العلمي. كلامه هذا جاء خلال ورشة العمل التي أقيمت بالتعاون مع الهيئة العليا للبحث العلمي تحت عنوان (السياسة الوطنية للعلوم والتقانة والابتكار).
وأضاف طعمة: إن الوزارة وللأسف لم يكن لها إستراتيجية واضحة بهذا الخصوص إضافة إلى إمكانياتها الضعيفة وعملها النمطي الذي لم يؤد إلى التطوير المنشود. مبيناً أن هناك تخلفاً تكنولوجياً ولا بد من تحسين هذا الواقع التكنولوجي من خلال البحث العلمي ويجب ألا يقتصر ذلك على الآليات والتجهيزات لأنه لدينا خلطات الإنتاج بحاجة أيضاً إلى تطوير تكنولوجي، هذه الأمور كلها تساعد في تقوية الصناعة لتصبح نقاط قوة كما هي في العديد من الدول.
وأضاف: إن البحث العلمي من حيث الإنفاق المالي عليه في سورية وفي الدول العربية ضعيف جداً ولأول مرة تخصص سورية 1% من اعتمادات التدريب والتأهيل للبحث العلمي هذا الشيء هو بداية جيدة ولو أنها متأخرة لكنها بداية لبحث علمي له مراحل لاحقة في اتجاه التطوير الصحيح.
وعن مقترحات الوزارة حيال ذلك قال: كل جهة عامة إنتاجية هي معنية بالبحث العلمي داعياً إلى ضرورة أن يكون هناك تعاون بين وزارة الصناعة والجامعات والمراكز البحثية التخصصية في الوزارات الأخرى، هذا من شأنه اختصار الزمن في تحقيق هدف الصناعة الوطنية والعمل جدياً على تركيز الجهود والإمكانات لرصد الاعتمادات اللازمة للبحث العلمي ولاسيما في هذه المرحلة التي نحتاج فيها إلى تقدم وتطوير الصناعة، وصمود الاقتصاد الوطني لا يقل عن الصمود العسكري لأن فشلنا اقتصادياً هو فشلنا في جميع النواحي.
وخلال الاجتماع عرض مدير عام الهيئة العليا للبحث العلمي الدكتور غسان عاصي مضمون تقرير السياسة الوطنية للعلوم والتقانة والابتكار المتعلقة بقطاع الصناعة والذي تم إقراره من المجلس الأعلى للهيئة العليا للبحث العلمي والذي يهدف إلى التعرف على الوضع الراهن للعلوم والتقانة في سورية وتحليل نقاط القوة والضعف والفرص المتاحة والتحديات واستشراف مستقبل العلوم ووضع السياسة الوطنية العلمية والتقانة واستراتيجيات تنفيذها.
كما يتضمن هذا التقرير نتائج عمل فرق العمل الوطنية من الباحثين والدارسين في القطاعات الاقتصادية والتنموية المختلفة. حيث عملت الهيئة على تقسيم مشروع رسم السياسة إلى خمسة عشر قطاعاً اقتصادياً.
وأنهت اللجان المشكلة لهذا المشروع الجزء الأول منه للقطاعات ذات الأولوية والبالغ عددها ثمانية وهي (الصناعة- الطاقة- البيئة- الزراعة- الموارد المائية-تقانة المعلومات والاتصالات- الصحة- بناء القدرات البشرية والتطوير التقاني والقانوني) وخلصت إلى مجموعة من النقاط والمقترحات التي تسعى إلى تطوير كل قطاع من منظور العلم والتقانة والابتكار. ويتجلى أبرزها بداية في توصيف الواقع الراهن لقطاع الصناعة: تساهم الصناعة السورية غير الاستخراجية بنسبة (10%) من الناتج المحلي بالمقارنة مع (50-80%) في الدول الصناعية يشير هذا الرقم إلى خلل كبير في القطاع الصناعي في سورية.
الأمر الذي يتطلب توصيف واقع البحث العلمي في قطاع الصناعة من خلال نقاط القوة التي تكمن في توافر مزايا نسبية في العديد من الصناعات نتيجة توافر كامل سلسلة القيمة، وتوافر يد عاملة منخفضة التكلفة وتحسن ملموس في بيئة الاستثمار وامتلاك سورية قطاع صناعي قوي تاريخياً ووجود صناعات عريقة (مثل النسيج) وجود قناعة للجميع بضرورة إعادة تأهيل القطاع ومرونة التشريعات.
أما نقاط الضعف فقد بيّن التقرير أنها تكمن في انخفاض المكون التكنولوجي في الصناعة كما أن المؤسسات الداعمة متخلفة وملأى بالفجوات، إلى جانب ضعف القدرة التنافسية وإهمال مشاريع البحث والتطوير وتواضع البحث العلمي في الصناعة وضعف التمويل للصناعة وارتفاع تكاليفها ووجود قطاع صناعي متعثر وانخفاض إنتاجية العامل لقدم الآلات ونقص في مهارات التسويق الحديثة.