أكد وزير الصناعة كمال الدين طعمة في حديثه عن أخطاء الصناعة، أن معظم صناعاتنا تفتقد التكامل الصناعي، والدليل على ذلك إنتاج المادة حتى تصل إلى مستوى تحقيق القيمة المضافة، ثم نلجأ إلى تصديرها قبل تحقيقها، في حين يقوم المستورد بإخضاع تلك المواد إلى مراحل صناعية ختامية، ثم يعيد توريدها لنا بأسعار مضاعفة.
ونوه وفق صحيفة "الوطن" المحلية، بأننا "للأسف ننتج المواد المهمة والأساسية ثم نقوم بتصديرها، علماً أن العملية الإنتاجية الأخيرة هي أقل صعوبة من المراحل السابقة التي نعمل عليها، فنحن نزرع القطن ونقوم بحلجه وغزله وتحويله في معظم الأحيان إلى نسيج، ثم تأتي شركات خارجية وتقوم بشرائه علماً أن تصنيع الأقمشة هو ما يحقق المردود الكبير والخيالي لسعر النسيج، الحال ذاته ينطبق على صناعة الفوسفات الذي نقوم بتصديره خاماً، علماً أن السماد الفوسفاتي سعره أضعاف مضاعفة.. والتساؤل المطروح: لماذا لا نتوسع في صناعة الأسمدة أو غيرها".
وكشف الوزير أن إصلاح جميع القطاعات دفعة واحدة مع بعضها البعض لا يمكن، لذا فالتوجه حالياً هو لإعادة تأهيل القطاعات كل على حدة، وأولها قطاع النسيج الذي يجب أن يولى أهمية كبيرة.
وأشار إلى نقل آلات معامل "تاميكو" إلى باب شرقي للاستمرار في إنتاج وتصنيع الأدوية منذ أيام قليلة، مؤكداً أن منتجات "شركة تاميكو" من الأدوية ستكون خلال أيام بالأسواق وبأسعار مدروسة وأقل من أسعار القطاع الخاص، باعتبارها ستضم التكلفة هامش ربح بسيطاً لأننا بمرحلة تتطلب منا جميعاً تأمين حاجة المواطن وبأقل الأسعار باعتباره هدفنا الأساسي.
كما أنه لم ينف أن هناك تأخراً في إنتاج الدواء بسبب ارتفاع تكلفته، مشيراً إلى أن هناك محاولات جرت لتصنيع الدواء عن طريق القطاع الخاص، إلا أنها لم توفق نظراً للأسعار الخيالية التي تم تقديمها كل ذلك جعلنا بين خيارين، أولهما إما أن نرفع سعر الدواء وهو أمر مرهق للمواطن ودون أن نحقق أي جدوى اقتصادية لمعامل "تاميكو"، أو نعكف على نقل الشركة بآلاتها وهو ما قمنا به وقد نجحنا بذلك وسوف تتم مكافأة العمال على جهودهم، علماً أن المكافأة الكبرى هي خدمة الوطن باعتباره شرفاً نسعى إليه جميعاً.
وحول الأخطاء الصناعية قال طعمة: "الأزمة دون شك كشفت عن أخطاء كبيرة لكن علينا تصحيح مساراتنا في العمل خلال المرحلة القادمة، والتركيز على توزيع صناعاتنا في مناطق متنوعة ما دامت البيئة المناخية تسمح بذلك".
ولفت إلى أن ما نحتاجه اليوم هو سياسة إستراتيجية طويلة الأجل، نستطيع من خلالها أن نحدد جميع النقاط التي تهم الصناعة الوطنية في يومنا هذا، حتى إلى ما بعد عشر سنوات المهم أن نعرف ونوضح من خلال هذه الإستراتيجية ما المطلوب منا، وقد باشرنا بوضع الخطوط العريضة لهذه الإستراتيجية علماً أنها ليست بالأمر السهل ولا بالأمر المستحيل بل تتطلب منا تضافر الجهود، وخاصة بين "وزارة الصناعة" وغيرها من الوزارات الأخرى وبقرار من رئيس "مجلس الوزراء"، لوضع إستراتيجية صناعية تعتمد من أعلى سلطة في البلد ويعمل بموجبها جميع المعنيين في الوزارات ولا تتغير بتغيير الأشخاص، أو بتغير من يقود العربة لأن الهدف واحد هو الحفاظ على الصناعة الوطنية وتطويرها.
وعن الطريقة الأساسية لعمل هذه الرؤية قال: "يجب أن يكون هناك تكامل في الصناعة أي أن يتم إنتاج المنتج لمرحلته النهائية، وألا يتم التصدير كمواد أولية وبالوقت ذاته يجب أن نبني صناعات تحتوي على مواد أولية متوافرة هذا بحد ذاته قوة كبيرة،ومن باب أولى عدم تصدير المادة نصف المصنعة أيضاً."
وعن موضوع الشراكة مع القطاع الخاص، بيًن الوزير أنه تم الاجتماع مع العديد من الصناعيين، و"نحن نفتح أبوابنا على مصراعيها للتعاون مع أي صناعي لديه أفكار تطويرية تهم الصناعة الوطنية، لأننا بصراحة لا نريد أن يكون هناك صناعي يغرد خارج السرب"، وبين أن الوزارة مستعدة لتبني جميع الأفكار، وتقديم جميع التسهيلات حتى لو اضطررنا إلى أخذ استثناءات من الحكومة حول أي طلب أو فكرة مهمة تفيد الصناعة الوطنية، ولاسيما أن هناك مشروع قانون قادماً للشراكة مع القطاع الخاص.
وفيما يخص نقل المنشآت الصناعية إلى أماكن آمنة، أكد الوزير أن جميع المحافظين والمعنيين مستعدون للتعاون مع الصناعيين، وتقديم كل التسهيلات لإقامة صناعات متميزة، وأنهم في الوزارة جاهزون لتقديم كل أنواع المساعدة مع الصناعيين، والمطلوب منهم تحديد ما نريد لعقد اجتماعات نوعية للوصول إلى صيغة تفاهم ترضي جميع الأطراف.
وفي ملف الفساد أكد طعمة، أننا بحاجة لتقديم كل أنواع الدعم، والفاسد يجب أن يضرب بيد من حديد في هذا الوقت، "ونحن بدورنا سوف نقدر من يعمل بإخلاص ونعاقب من يخالف القوانين والأنظمة والفاسد لن يكون له مكان بيننا".
وتمنى الوزير من التجار والشركات العارضة "أن يتقوا اللـه فينا"، وأن يقدموا أسعاراً مدروسة تلائم دخل المواطن، علماً أنهم مشكورين قاموا بتأمين حاجة البلد من جميع المواد لكن من المفترض أن تكون أرباحهم معقولة.
وأشار إلى أن هناك ثلاثة أنواع من المديرين في القطاع العام: "نوع جيد ومتابع، ونوع آخر نظيف لكنه متقاعس، ونوع يتطلب إعادة النظر نظراً لوجود شبهات حول تورطهم بملفات فساد، دون وجود أدلة حتى الآن"، منوهاً بأن هذا الأمر يتطلب تضافر جميع الجهود للوصول إلى ما فيه مصلحة الوطن والمواطن والصناعة الوطنية.