أوضح رئيس "هيئة التخطيط والتعاون الدولي" همام الجزائري، أنه بعدما دخلت الموازنة الاستثمارية ضمن التخطيط التأشيري في مهام "وزارة المالية"، جعل الهيئة تضطرب بعد أخذ الدور الرئيسي منها المتمثل بوضع الموازنات الاستثمارية للوزارات، وعندما أصبحت الموازنات الاستثمارية بيد "وزارة المالية" ظهرت فجوتان في العمل التخطيطي.
ولفت الجزائري وفق صحيفة "الوطن" المحلية، إلى أن "الفجوة الأولى تنبع من أن "وزارة المالية" بطبيعتها وعقليتها يصعب عليها أن تساهم في وضع أولويات استثمارية قطاعية، كونها تعمل على الموازنات الجارية التي تتعلق بالنفقة الجارية، في حين تقوم الموازنة العامة على جانبين الجاري والاستثماري اللذان ينتجان عن النقاش والتفاوض بين أولوية كل منهما، وبين الإيراد والنفقة، وعند دمجهما في جهة واحدة زالت الديناميكية المؤسساتية التي تحقق التوازن الأمثل بين الإنفاق الجاري والاستثماري".
أوأردف أنه يجب أن يكون هناك جهة أو هيئة تفاوض "وزارة المالية" على أولويات الاستثمار، وعندما أصبحت الموازنة الاستثمارية من مهام "وزارة المالية" سقط هذا الدور التفاعلي، وأدى على صعيد الممارسة إلى تراجع الدور الاستثماري لأسباب عديدة أخرى، وهكذا لم يعد هناك وضوح لواضع الأولويات الاستثمارية، ولم يعد هناك وضوح لآلية التنسيق بين الوزارات والهيئات والجهات العامة والخاصة على أدوار كل منها وأولوية كل استثمار، فأضحت كل وزارة تضع خطتها وتنفذها دون أن تأخذ بعين الاعتبار المعايير الأخرى المرتبطة بقطاع آخر، وبالتالي ضعف التنسيق بدرجة كبيرة نتيجة غياب وعاء أو جهة عليا تقوم بتنسيق الأولويات وتساهم في رسم الخطط والاستراتيجيات على المدى القصير والمتوسط والبعيد، وهو ما أدى إلى ظهور الفجوة الأولى في العمل التخطيطي.
أما الفجوة الثانية، فمتعلقة بهيئة التخطيط ذاتها، ونجمت عن عدم وضوح دور الهيئة الجديد بعد سحب مناقشة الموازنات الاستثمارية منها في إطار التخطيط التأشيري، والذي كان يكسب الهيئة دوراً أساسيا في وضع أولويات الاستثمار على المستوى القطاعي، ولكن عندما لم تعد الهيئة مقرراً ومحدداً فعلياً للأولويات؛ أصبحت ناصحة فقط، وفقدت جزءاً كبيراً من قدرتها التفاوضية المؤثرة في العمل الحكومي، وضعف بالتالي حاجة الهيئات والجهات للسماع إليها كونها لم تعد مقررة بل بمثابة بيت الخبرة للحكومة.
وأرى أن "وزارة المالية" برؤيتها المرتبطة أساساً بالتحصيل وضبط النفقات ليس من المناسب أن تقوم بوضع أولويات النفقة الاستثمارية والنفقة الجارية، ولابد من السؤال ما هو دور الهيئة اليوم؟ وما هو دور التخطيط اليوم؟ ولعل الإشكالية اليوم أنه وفي زمن الأزمة فإن التخطيط يصبح أكثر إلحاحاً بسبب شح الموارد، وبسبب تكثيف الأولويات مما يبرز دور التخطيط بشكل كبير واضطراري.
وأكد أن الحكومة تبنت إستراتيجية تقوم بتنفيذها حالياً لضبط الأسعار، تتجلى في الدخول للأسواق بصفة التاجر الكبير من خلال تقديم سلة غذائية متطورة متغيرة تلبي حاجات المواطن من المواد الأساسية، وتعزيز وتطوير كميات هذه السلة التي تعطى على البطاقة التموينية، وعرض العديد من السلع والمنتجات التي يحتاج المواطن خارج الطاقة التموينية عبر المؤسسات العامة للتجارة، وهدف هذا التدخل هو الضغط على الأسعار المرتفعة لتنخفض، وذلك ضخ كميات مناسبة من السلع بأسعار قريبة جداً من التكلفة، ومن خلال البطاقة التموينية بأسعار مدعومة.
وبالنسبة لسعر الصرف المرتبط أيضاً بالمستوى العام للأسعار، فقد استطاعت الدولة إلى اليوم أن تحافظ على مستوى سعر صرف مقبول ومنضبط لليرة مقابل العملات الأجنبية، والحقيقة أن العديد من الهيئات ومراكز البحث العالمية تتساءل، كيف استطاعت سورية أن تحافظ على هذا الاستقرار النسبي لسعر الصرف بالرغم من الظروف الراهنة، ويعود ذلك إلى السياسات الحكومية التي تم إتباعها من خلال "المصرف المركزي" والوزارات الأخرى، الداعمة للسياسة التي تعتمدها الحكومة في ضبط سعر الصرف سواء في تمويل المستوردات أو في التدخل في الأسواق...، وتساهم الهيئة في هذه السياسات من خلال عضويتها في اللجان المعنية بهذه السياسات كـ"مجلس النقد والتسليف" واللجنة الاقتصادية المصغرة واللجنة الاقتصادية ولجنة الخدمات.
ولفت أنه من جهة الدعم فإن عقلنته وترشيده مسألة ملحة، إلى جانب كونها ذات إشكالية، لأن فاتورة الدعم ترتفع بشكل متزايد على الدولة، ومن جهة ثانية تراجعت موارد الدولة في هذه الظروف بشكل كبير، ما أوجب على الحكومة البحث بشكل مستمر عن صيغة توازنية تسمح بالاستمرار بتحمل فاتورة الدعم والحفاظ على مستوى معيشي مناسب، لذا تتوافق إجراءات تخفيف الدعم تدريجياً مع إجراءات خاصة للفئات الشعبية والمجتمعية، فمع ارتفاع الأسعار قررت الدولة التوسع في السلة الغذائية، كما ترافق رفع أسعار المحروقات بسياسات استهدافية لبعض القطاعات الإنتاجية، مع وجود برامج يتم تطويرها حالياً، وستدخل موضع التنفيذ قريباً في استهداف قطاعات إنتاجية محددة، تساهم أولاً في تحقيق الأمن الغذائي وثانياً في إعادة تفعيل العمل الإنتاجي محلياً.
وكانت الحكومة توجهت لرفع أسعار حوامل الطاقة من كهرباء ومازوت وغيرها حيث أصدرت "وزارة الكهرباء" قراراً ينص على رفع تعرفة بيع الكيلو واط الساعي لاستجرار الطاقة الكهربائية بالنسبة للمشتركين على التوتر 0.4 ك.ف، للأغراض التجارية والصناعية والحرفية، وللأغراض الأخرى، بنسبة وسطية 100%، بحيث يبدأ تنفيذه اعتباراً من 1\9\2013، كما عملت على رفع أسعار المازوت إلى 60 ليرة للتر بعد رفعه عدة مرات وبشكل تدريجي.
يشار إلى أن الحكومة رصدت مبلغ 512 مليار ليرة سورية، لدعم المواد الأساسية والتموينية والمشتقات النفطية خلال العام الجاري كما تسعى إلى تطبيق التسعير الإداري للكثير من السلع والمواد الأساسية، كما عملت على توسيع عدد المواد الغذائية التي يحصل عليها المستهلك من منافذ التدخل الإيجابي لتشمل الشاي والسمنة والزيت بالإضافة إلى الأرز والسكر.