قال الصناعي بشار حتاحت: "طرحنا خلال الاجتماع مع معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية والفعاليات التجارية والصناعية يوم أمس، السماح بتمويل مستورداتنا بطرقنا الخاصة على أن يمول المركزي مستوردات القطاع العام، ويمول القطاع الخاص مستورداته ذاتياً، وبهذه الحالة تلغى عملية ترشيد الاستيراد، لكن هذا الاقتراح لم تقره وزارة الاقتصاد، لكنها سترفعه للجنة الاقتصادية".
في حين بين عضو مجلس إدارة "غرفة تجارة دمشق" أبو الهدى اللحام وفقا لصحيفة "الوطن" المحلية، أنه تم الاتفاق على إيجاد حلول مناسبة لحل مشكلة تمويل المستوردات، لكن الجهات في "وزارة الاقتصاد" لم تتخذ أي إجراء، وبحثت كيفية تمويل القطاع العام لمستورداته، مشيراً إلى أن الاجتماع لم يفد بأي نتيجة ولم يتم خلاله اتخاذ أي قرار.
وحول إمكانية التراجع عن الترشيد مقابل أن يقوم التجار بتمويل مستورداتهم بطرقهم الخاصة أكد عبد السلام علي، أن موضوع التمويل من اختصاص "المصرف المركزي"، مبيناً أنه لدى الوزارة أولويات في ظل الحصار الاقتصادي والظروف الراهنة، تتجلى في تأمين السلع الغذائية والاحتياجات الأساسية، إضافة إلى الأدوية والمواد الأولية اللازمة لصناعة الأدوية ومدخلات الصناعة التي نعطيها الأولوية، وتأجيل استيراد المواد الأخرى التي يمكن اعتبارها كمالية وذلك من باب التريث وليس المنع أي تأمين السلع والغذائية والأساسية على حساب السلع الأخرى.
وبين أنه لا يوجد فترة محددة الآن لإجراءات الترشيد "تأجيل استيراد بعض المواد"، وأنها ترتبط بتحسن الأوضاع الاقتصادية، علماً بأنه يتم حالياً العمل على توسيع قائمة السلع التي يمكن استيرادها والتي كانت محجوبة منذ مدة، ومع تحسن الظرف أكثر تنتفي عملية ترشيد الاستيراد تدريجياً.
وأكد أنه لا يوجد بشكل عام أي قرار لمنع الاستيراد، وأن الإجراءات الحالية اتخذت بشكل استثنائي في مواجهة مرحلة استثنائية، ومن الممكن أن تتغير مثل هذه الإجراءات أسبوعياً أو شهرياً.
وأشار إلى وجود آراء مختلفة حول آثار ترشيد الاستهلاك، وأن ذلك قيد المناقشة بشكل يومي بالمشاركة مع الفعاليات الاقتصادية من القطاع الخاص والعام، وهناك تفهم من "وزارة الاقتصاد والتجارة"، مبيناً أنه يمكن النظر لموضوع الترشيد على أنه عملية تقييد فني ومرحلي لبعض المواد التي ترى الوزارة إمكانية تأجيلها، بالتشاور مع "اتحادات غرف التجارة والصناعة" والتوفق معها.
ورأى علي أن قرار الترشيد لم يؤد لإحداث مشكلة كبيرة، والسلع بالمجمل لا تزال متوافرة، وعزا ارتفاع أسعار بعض السلع إلى ارتفاع تكاليف النقل وصعوباته.
وأكد أن المواد التي قلت في السوق هي مواد غير أساسية، مبيناً أن البرادات والغسالات ضرورية مثلاً في الحالة العادية، ولكن ضمن هذه الظروف قد لا تكون ضمن أولويات استيرادنا وبدلاً من استيرادها نستورد على سبيل المثال سمسم للصناعة وأصنع منه الطحينية والحلاوة ومنتجات غذائية، وبدلاً من استيراد أطر معدنية ومغاليق وعزق؛ نستورد فول الصويا ونصنع منه زيت الصويا وكسبة علف للثروة الحيوانية.
وشدد علي على استعداد الوزارة للموافقة على أي طلب لاستيراد مادة أو سلعة أساسية، وأنها ستحصل على الموافقة بشكل فوري.
وعن تدخل الدولة كتاجر كبير في السوق أوضح علي، أن الدولة بدأت بهذه الخطوة وأعلنت عن عدة مناقصات من خلال "المؤسسة العامة للتجارة الخارجية"، وأن الوقت الذي يتطلبه عادة القطاع العام لهذه الغاية أكثر من الوقت الذي يحتاجه القطاع الخاص للقيام بالتوريد، وأن ذلك سيتم من خلال مؤسسات التدخل الإيجابي كـ"الخزن والاستهلاكية"، حيث يتم البيع من خلالها بسعر التكلفة يضاف إليه ربح بسيط، وأن "التجارة" تستطيع التعاقد مباشرة للتوريد في حين تلتزم الجهات العامة بقانون المناقصات والعقود، وتحتاج لمقارنتها مع عروض بديلة ودراسة الكلف.
وأوضح أن تعطل مناقصة استيراد الفروج عدة مرات نجم عن الحسابات التي بينت، أن كلفته مستورداً قد يزيد على سعر الفروج المحلي، وبالتالي لا يوجد سبب وجيه لنخصص له قطع أجنبي ونستورده.
وطلب علي من المستهلكين ألا يكون لهم موقف سلبي من أي قرار، لأنه يتخذ لمواجهة ظرف استثنائي، وعندما يعود الوضع إلى الطبيعي ستنفرج كافة الأمور وتعود إلى طبيعتها.
وفي سياق متصل بينت مديرة التخطيط وتعزيز التنافسية سمر قصيباتي، أنه في الظروف الاستثنائية يتم اتخاذ قرارات "يغلب عليها الطابع الارتجالي"، حيث لا تكون هذه القرارات اقتصادية بحتة، وإنما اقتصادية من حيث أنها مناسبة لوقتها، وتوصف بأنها ردة فعل لا تخلق التوازن للاقتصاد وإنما تؤدي إلى اختلالات واختناقات.
وبينت قصيباتي أن ترشيد الاستيراد يؤدي إلى ظهور أزمات وسوق سوداء، ينجم عنها حالة من فوضى الأسعار التي تصل أحياناً إلى مستويات مرتفعة وفاحشة بسبب عدم وجود توازن فيها بين العرض والطلب، حيث تكون الأسواق غير منضبطة في هذه الحالة وبما أن الاستيراد من أحد أسباب المنافسة، فإن الترشيد يؤدي إلى حالة معاكسة وهي الاحتكار والجشع والتحكم من قلة من التجار.
وكانت "وزارة الاقتصاد" بحثت قبل أيام إعادة تمويل المواد الغذائية والأساسية عن طريق "البنك المركزي" ووضع قوائم بها، شريطة أن تكون الاقتصاد مسؤولة عن منح قطع التصدير وليس المركزي بما يمنع من تمويل تجار لم يحصلوا على إجازات استيراد.
ولم يرق للتجار الذين اعتبروا أن الترشيد بجميع الحالات غير منطقي، وفضلوا عدم تمويل المركزي لمستورداتهم مقابل عدم وضع قيود عليها.
هذا ويطرح القطاع الخاص حالياً مسألة تمويل مستورداته من خلال عدة بدائل أهمها، الأموال المجمدة بالخارج الخاصة بالمصارف السورية بموجب قرارات العقوبات الاقتصادية والتي تستثنى منها عمليات تمويل المواد الغذائية والدوائية، أو أن يكون التمويل بأسلوب المقايضة وفق الأسس التي حددتها "وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية"، أو من الحوالات الخاصة بحسابات السوريين في الخارج لمصلحة المستوردين، أو من التسهيلات المصرفية للقطاعين العام والخاص المقدمة من الدول الصديقة، أو من التسهيلات الائتمانية المقدمة من المصدرين الأجانب المستوردين السوريين.
وأصبح وزير الاقتصاد مخولاً بمنح القطع الأجنبي الخاص بإجازات الاستيراد للمواد الأساسية والضرورية والأولية، وقطع التبديل والأدوية.
وكان مصادر قد ذكرت سابقا، أن وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية يبحث وسائل أخرى لتخفيض أسعار المواد بالسوق وخلق حالة توازن بين العرض والطلب بطرق أخرى، بعيداً عن ترشيد الاستيراد، مؤكدة أنه لدى العودة إلى نسب الاستيراد أثناء تطبيق برنامج ترشيد الاستيراد، تبين أن الكثير من التجار لم يستوردوا موادهم وفق الإجازات الممنوحة وأن الطلب على الاستهلاك زاد كثيراً، رغم أن الكثيرين غادروا القطر مايعني أن هناك خللاً في تطبيق البرنامج وتحايلاً عليه.
يشار إلى أن "وزارة الاقتصاد" وسّعت قائمة موافقات الاستيراد بالاجتماع مع المستوردين، وذلك ضمن كميات محددة ومقبولة دون أن يكون مبالغ فيها لتضم مواد مثل "النيونات واللمبات وأدوات فصل وقطع التيار الكهربائي، ومواد أولية لصناعة المنظفات والصابون ومواد أولية لصناعة المحارم الورقية والبراغي والعزق والخراطيم وغيرها من السلع".