استبدل العديد من مزارعي المنطقة الساحلية زراعة الخضر والفواكه إلى بزراعات بديلة، بحثا عن مصدر دخل لهم، بعد الارتفاع الكبير في أسعار مستلزمات إنتاج زراعة الخضر والفواكه وانخفاض ريعها الاقتصادي، فوجدوا في النباتات الطبية والعطرية بديلاً مناسباً، نظراً لقلة مستلزماتها الإنتاجية كما أن المنطقة الساحلية موطن أساس لأنواع كثيرة من هذه النباتات.
وبين مدير دائرة زراعة جبلة أحمد فندة، أن هذه الزراعات دخلت بشكل ثانوي إلى بعض الأراضي ذات الخصوبة الجيدة وحققت إنتاجاً أفضل في وحدة المساحة رغم خضوعها لقانون الحراج، علماً أن الإقبال على هذه الزراعة لا يزال ضئيلاً رغم أهميتها من الناحية الطبية والغذائية والاقتصادية، حيث بقي عدد قليل من مزارعي المحافظة على مدى العشرين عاما الماضية يعملون على جمع هذه النباتات وبيعها من دون تحقيق ربح مادي، لعدم إيجاد أسواق خارجية لهذه النباتات إذ يجب تجفيفها وتعليبها أو تقطيرها وتأمين الشتول ومصادر المياه اللازمة لها وتوفير قروض لتأمين خزانات المياه للسقاية ما يفتح مجالاً واسعاً للاستثمار أمام الكثير من أسر المحافظة.
وأضاف فندة، أن هذه الزراعة تسهم في تحقيق مردود اقتصادي جيد، خاصة في ظل ارتفاع سعر تكلفة الزراعات الأخرى والمحاصيل المثمرة، وتعمل مديرية الزراعة على حل التحديات التي تواجه زراعة النباتات الطبية والعطرية ولاسيما تأمين المياه الذي يعد عاملا أساسيا في زيادة الإنتاجية على وحدة المساحة وذلك عبر إقامة السدات المائية أو البرك.
وأشار فندة، إلى أن الظروف المناخية والترب الزراعية الصالحة لزراعة هذه النباتات متنوعة ومختلفة حسب كل نوع نباتي، فمنها ما يحتاج إلى مناخ معتدل ورطب أو معتدل ونصف رطب ومنها ما يحتاج لتربة خفيفة أو متوسطة أو ثقيلة أن بروز النباتات العطرية والطبية كمورد مهم اقتصادي للأسر يحتم العمل على تصنيع هذه النباتات من خلال التقطير واستخراج الزيوت العطرية والطبية أو تحويلها إلى مواد غذائية تدخل في الكثير من مجالات العلاج لتصبح زراعة رابحة ذات ريع اقتصادي، والابتعاد قدر الإمكان عن تصديرها كمادة خام غير مصنعة.
من جهته أوضح الخبير الاقتصادي عمار يوسف، أن الريعية الاقتصادية لكل كيلو غرام من النباتات الطبية المنتج منها يعادل 80 ضعفا من أي منتج آخر، فالعالم كله اليوم يتجه نحو هذه الزراعات لكونها ستكون البديل للأدوية الكيميائية وطبيعة حوض البحر الأبيض المتوسط والتنوع المناخي لهذه المنطقة يسمح بنمو أعشاب لا تتوافر في مناطق أخرى.
واقترح يوسف، وتأمين مستلزمات الإنتاج وإيلاء الاهتمام بها من الحكومة عن طريق منح قروض خاصة للمزارعين ودعم الإنتاجية تحت إشراف خبراء متخصصين بالزراعات الطبية بهدف توعية الفلاح، فالزعتر البري من أهم النباتات الطبية ولكن لايتم استغلاله بالشكل الأمثل فينمو بشكل عشوائي في البراري وقطافه لايتم بالشكل السليم، الأمر الذي يؤدي لموت النبتة في المواسم الأخرى.
يذكر أنه، بلغت قيمة الصادرات لأكبر دولة منتجة للنباتات العطرية مليار دولار أمريكي وهو ما يمثل 80,23 % من إجمالي الصادرات العالمية عام 2001، ومن أهم الدول المصدرة للنباتات الطبية والعطرية على مستوى العالم الصين والهند وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكيةو سنغافوره وتشيلي.، وأهم الدول المصدرة للنباتات الطبية والعطرية في الشرق الأوسط : مصر، وإيران، سورية، المغرب، وتونس، وأهم هذه الدول جمهورية مصر العربية، حيث احتلت مصر المركز الحادي عشر بين دول العالم، بحصة سوقية 2,33 % من إجمالي الصادرات العالمية.