حلت سورية في مراتب متأخرة ضمن مؤشرات عالمية تقيس وضع التجارة والإجراءات الجمركية، حيث أكد تقرير التنافسية الأخير انحداراً في الأداء الجمركي من حيث النفاذ للأسواق المجاورة وإدارة الجمارك وكفاءة الاستيراد والتصدير والشفافية في إدارة الحدود والأداء اللوجستي وتوافر خدمات النقل.
وأشارت أرقام المديرية العامة للجمارك، إلى انخفاض الإيرادات الجمركية منذ بداية العام وحتى نهاية الربع الثالث منه إلى 37,386 مليار ليرة، مقابل 46 ملياراً للفترة نفسها من عام 2012 و68 ملياراً للفترة نفسها من العام 2011. كما تبين أن القيمة الإجمالية للبضائع وصلت هذا العام إلى 620 مليار ليرة استيراداً وتصديراً وترانزيتاً، مقابل 924 مليار ليرة العام الماضي بنسبة تراجع بلغت 31٪ للوزن و32٪ للقيمة و18٪ للرسم الجمركي.
وكانت الحكومة، قد أعلنت مؤخراً عن تقليص العقبات الجمركية، والحد من التهريب وحل مشكلات شريحة واسعة من المستوردين، من خلال مشروع مرسوم تعديل الرسوم الجمركية بهدف ترشيد التعرفة وإعادة تنسيقها ضمن مجموعة قليلة من المعدلات وتلبية للتوجهات بتقليص شرائح الرسوم الجمركية.
وبين تقرير التنافسية، أن سورية تأخرت في مشروع النفاذ للأسواق المحلية والأجنبية وجاءت في المركز 122/132، فلا تزال معدلات التعرفة الجمركية مرتفعة مقارنةً مع بقية دول العالم إذ بلغت 12% في حين تبلغ 0% في دول مثل هونغ كونغ وسنغافورة والدانمارك وتبلغ 5,1% في تركيا، وتركزت نقاط القوة في نطاق النفاذ للأسواق المحلية في عدد التعريفات الجمركية المميزة المطبقة على المستوردات التي تبلغ 12 تعريفة وتالياً أخذت سورية المرتبة 37/132 كما أنه لا يوجد أي تعريفات جمركية كمية، واحتلت سورية المرتبة 59/132 في مؤشر التعريفات الجمركية المطبقة على الصادرات التي تبلغ 5,6% بالمتوسط في حين يبلغ هامش التفضيل في الأسواق المستهدفة 49,8%.
وأضاف التقرير، أن سورية تراجعت بشدة في مؤشر كفاءة إدارة الجمارك فلا يزال عبء الإجراءات الجمركية مرتفعاً في تسهيل دخول وخروج البضائع وأخذت فيه سورية المرتبة الأخيرة 132/132 مع الإشارة إلى أن التخفيض في عدد الأيام اللازمة للإفراج يؤدي إلى زيادة التجارة بنمو 4% وتالياً فإن تصحيح درجة هذا المؤشر يساعد في تحسين ترتيب سورية في تقرير التنافسية نوعاً ما، كما تراجعت سورية في مؤشر الخدمات الجمركية وأصبحت في المركز 119 وبقيمة مؤشر منخفضة بلغت 1,3، وتراجعت في مؤشر كفاءة إجراءات الاستيراد والتصدير 4 مراتب لعام 2012 وأصبحت في المركز 91/ 132 كما تأخرت في مؤشر كفاءة عمليات التخليص الجمركي 19 مرتبة.
وأوضح الباحث الاقتصادي إياد أنيس محمد، أن وجود سورية في مرتبة متدنية في تقرير التنافسية له اعتبارات مختلفة منها ما هو متعلق بعمل الجمارك ومنها يعود لنقص في المعلومات لدى مؤسسات البنك الدولي التي لا نثق بها كثيراً وإن أصابت، والمتتبع لعمل الجمارك يجد أنها شهدت عدة محاولات لتطوير الأداء والانتقال بعملها إلى الأتمتة وتطبيق الأساليب الحديثة ولكن تعدد القوانين الناظمة وتشعبها وتشتتها وكثرة التعليمات التنفيذية أتاح لمن أراد التلاعب إيجاد عدة تفاسير للقواعد والإجراءات الناظمة للتعرفة الجمركية وقنوات مرور فيما بين الكودات المتبعة عالمياً وتفسيراتها المحلية، إضافة إلى مهارة قطاع التخليص الجمركي في النفاذ بين بنود التعرفة لتخفيض الرسوم الجمركية على بعض المواد بشكل كبير جداً وبالشكل الذي يحقق أرباحاً كبيرة يتم توزيعها على التجار والمخلصين والموظفين في الكشف والمراقبة على دخول هذه البضائع ومن يراقبهم أيضاً، وبالتالي نمت هذه الظاهرة خلال الفترات الماضية وطورت نفسها واخترعت وسائل وأساليب مبتكرة وفي الوقت نفسه قوبلت بمحاولات دائمة من الجهات الحكومية وإدارات الجمارك المتعاقبة لفكفكة هذه المجموعات وحققوا بعض التقدم.
وكان مجلس الوزراء أقر مشروع لتعديل الرسوم الجمركية، بهدف ترشيد التعرفة وإعادة تنسيقها ضمن مجموعة قليلة من المعدلات وتلبية التوجهات بتقليص شرائح الرسوم الجمركية. ويتضمن المشروع إلغاء شريحة الصفر، والإبقاء على شريحة 1% وعلى شريحة أخرى خاصة بمادة السكر مع رفعها من 2% إلى 3% وضغط شرائح 3% و5% و7% بشريحة واحدة لتصبح 5%، وضغط شرائح 10% و15% و20% بشريحة واحدة لتصبح 15%، وضغط شرائح 30% و40% و50% و60% و80% بشريحة واحدة مقدارها 50%، فلا تزيد أعلى شريحة عن هذا الحد.
ولفت عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق أبو الهدى اللحام، إلى أنه لا توجد مشكلات على البضائع التي تقل رسومها عن 1% لا بالتخليص ولا بالجمارك، لكن المشكلة بالبضائع التي تبدأ رسومها من 5 % ولا تنتهي عند 70% حيث توجد اجتهادات على تصنيفها وتبويبها، وإن الرسوم المرتفعة تدفع التجار لأساليب غير مشروعة للتهرب، فالتاجر الذي كان يستورد بضاعته من الصين كان يرسلها إلى دبي كمرحلة أولى ثم يدخلها إلى سورية عن طريق دبي وليس الصين وذلك بسبب ارتباط سورية باتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى مع دبي وتالياً فالتاجر يستفيد من ميزات هذه الاتفاقية. منوهاً بأن المرافئ والبواخر والنقل تؤثر بقيمة البضاعة وترفعها إلى حدود كثيرة، ومن هنا فالتاجر قد يقلل نفقاته بطرق قد تضره أحياناً كأن لا يستعين بمخلص جمركي مرخص فبعض الوسطاء أو الوكلاء يقومون بأعمال التخليص بأجور تقل عن أجور المخلصين ولكن يخلطون قيم البضائع وكميتها ببعضها وكثيراً ما تمر هذه الأساليب على موظفي الجمارك، أما في حال أتمتة الجمارك فيمكن التأكد من صحة البيان الجمركي على الكمبيوتر.
وأكد الاستبيان الذي أجرته هيئة تنمية وترويج الصادرات، أن 79% من المستوردين يقرون بارتفاع تكاليف النقل في بلد المنشأ، وأن قطاع الأعمال يعاني من مشكلات حقيقية يأتي في مقدمتها ارتفاع تكاليف النقل التجاري ويشمل تكاليف النقل المباشرة مثل الشحن والتأمين والتكاليف غير المباشرة مثل الجرد والتخزين، كما يؤكد الاستبيان مشكلة القيود على المواصفات وهو ما يستدعي العمل على اعتماد المواصفة الدولية للسلعة، واستمرار القيود على معاينة البضائع ومطابقتها والمبالغة في الشروط الصحية وتكرار الإجراءات الجمركية في كل منفذ جمركي والقيود الفنية على دلالة المنشأ ومن هنا لابد ـ حسب التقرير ـ من التوصل إلى حل سريع لموضوع قواعد المنشأ نظراً لأهميته في الحد من العراقيل التي تواجه التجارة.
ووصلت نسبة المستوردين الذين تحدثوا عن تعقيد في إجراءات التخليص الجمركي،بحسب الاستبيان، إلى 94% ووصلت نسبة الذين أشاروا إلى اعتماد الجمارك على الإجراءات الورقية التقليدية إلى 92% والذين تحدثوا عن صعوبة في تصنيف البضائع لأغراض التعرفة الجمركية 82% ومن هنا تجب إعادة النظر بالتصنيف الجمركي لأنه يخلق عراقيل منظورة أمام الصادرات السورية، كما أن 89% من المستوردين أشاروا إلى وجود قيود على معاينة البضاعة ومطابقتها، والنسبة ذاتها للذين تحدثوا عن تكرار الإجراءات الجمركية في كل منفذ جمركي، وأكد 76% منهم انتشار ظاهرة المدفوعات غير الرسمية في الصادرات والواردات (الرشاوى).
من ناحية أخرى، بين تقرير تبسيط الإجراءات الجمركية الصادر عن هيئة تنمية الصادرات، وأن السلطات الجمركية لا تفرج عادة عن البضاعة من التخليص إلا عند حل جميع القضايا وسداد الرسوم والضرائب المستحقة وكثيراً ما يصعب استكمال تصنيف البضائع لأغراض التعرفة الجمركية على الطبيعة مثلما هو الحال بالنسبة للمواد الكيميائية التي قد تتطلب تحليلاً مطولاً في المختبرات كما أن المنازعات قد تطول بشأن التقدير الصحيح للقيمة.
وذكر التقرير، أن الشواغل والمشكلات التي تعوق السداد والإفراج النهائيين لها أثر سلبي في القدرة التنافسية للتجار وتنبغي إزالتها وإن فصل إجراءات الإفراج عن إجراءات التخليص من شأنه أن يعمل بالإفراج عن البضائع، أما في ظل الإجراءات الجمركية التقليدية الحالية في إدارة الجمارك العامة في سورية فتخضع البضائع للمراقبة عند الوصول إلى الحدود أو في ميناء الدخول ويتم تخزينها عادة في مخزن أو على رصيف إلى حين تقديم المستورد أو وكيله المخلص الإقرار والمستندات الداعمة للتخليص في مكتب جمركي وقد تستغرق هذه العملية عدة أيام وربما أسابيع إذا حدثت منازعات أو مخالفات ومع ذلك تظل البضائع في الحجز الجمركي إلى حين أداء جميع الفحوصات وتلبية كل المتطلبات بما في ذلك سداد الرسوم والضرائب.