أطلق معهد بحوث كريدي سويس أمس تقريره السنوي الرابع للثروة العالمية 2013 حيث أشار إلى نمو إجمالي الثروات العائلية حول العالم بنسبة 4.9 بالقيمة الحالية للدولار بين منتصف عام 2012 ومنتصف عام 2013 ليصل إلى 241 تريليون دولار أميركي على الرغم من التحديات المتواصلة التي تفرضها البيئة الاقتصادية.
واستأثرت أميركا الشمالية بـ 8.4 تريليون دولار أميركي بزيادة قدرها 11.9 نتيجة انتعاش أسعار المنازل وسوق الأسهم القوية في الولايات المتحدة الأميركية لتصبح المنطقة الرائدة على صعيد إجمالي صافي الثروة للمرة الأولى منذ عام 2005 متجاوزةً بذلك المكتسبات الأوروبية التي أضافت 5.5 تريليون دولار بزيادة بلغت 7.7 .
ونتيجة انخفاض قيمة الين الياباني بنسبة 22 مقابل الدولار الأميركي خلال الفترة نفسها انخفضت الثروات العائلية في اليابان بنسبة 20.5 لتصل إلى 22.6 تريليون دولار أميركي ما أدى إلى هبوط إجمالي الثروة في منطقة آسيا الباسيفيك بنسبة 3.7 إلى 73.9 تريليون دولار أميركي. وعلى الرغم من ذلك فقد واصلت منطقة آسيا الباسيفيك باستثناء اليابان تسجيل نمو مستقرّ للثروة بنسبة 6.2 مسجلة 51.3 تريليون دولار أميركي في منتصف عام 2013.
وتوقع التقرير نمو الثروة بحوالى 40 خلال الأعوام الخمسة المقبلة لتصل إلى 334 تريليون دولار أميركي بحلول عام 2018.
ويتوقع أن تسجّل الأسواق الناشئة زيادةً في حصتها من الثروة العالمية لتبلغ 23 بحلول عام 2018 حيث ستستأثر الصين وحدها على أكثر من 10 من الثروة العالمية وقتها.
أميركا وسويسرا
كما توقع أن تنفرد الولايات المتحدة الأميركية بمركز الصدارة من حيث الثروة الإجمالية حيث سيقارب صافي إجمالي الثروة 100 تريليون دولار أميركي بحلول عام 2018. وشهد متوسط الثروة للفرد البالغ في منطقة اليورو تعافياً خلال عام 2013 بما يزيد على نصف الخسائر قبل 12 شهراً ويعود ذلك بصورة أساسية إلى ارتفاع أسعار الأسهم العادية.
وتحتل سويسرا المرتبة الأعلى من حيث متوسط الثروة حيث تجاوزت 500 ألف دولار أميركي لتصل إلى 513 ألف دولار للفرد البالغ. كما يتوقع أن يرتفع عدد أصحاب الملايين في مختلف أنحاء العالم بحوالى 16 مليون شخص ليصل إلى 47 مليون في عام 2018.
في هذا الإطار قال جايلز كيتنج الرئيس العالمي لوحدة بحوث الخدمات المصرفية الخاصة وإدارة الثروات في كريدي سويس: «يظهر تقرير كريدي سويس السنوي الرابع للثروة العالمية ارتفاعاً بمقدار 11 تريليون دولار أميركي في الثروة لتصل إلى أكثر من 241 تريليون دولار أميركي وتعتبر الولايات المتحدة الأميركية الرابح الأكبر بتجاوزها أوروبا مع تراجع منطقة آسيا الباسيفيك نتيجة الهبوط الحاد في قيمة الين. نحن نشهد انتقال الثروة للمرة الأولى ويبدو أن هذا التوجّه يسير بمعدلات مرتفعة للغاية. وعلى سبيل المثال حافظ أقلّ من ثلثي أصحاب المليارات على مكان لهم ضمن قائمة مجلة فوربس لعام 2000-2001 حتى عام 2005 وبالكاد كان نصفهم في القائمة بنهاية العقد».
من جانبه قال مايكل أوسوليفان من معهد بحوث كريدي سويس: «تظهر أبحاثنا أن الثروة العالمية تضاعفت منذ عام 2000 ويعتبر ذلك مقنعاً تماماً نظراً إلى بعض التحديات الاقتصادية التي شهدها العقد الأخير. ونتوقع أن يستمرّ هذا التوجه في المستقبل المنظور مدفوعاً إلى حدٍّ كبير بالنمو الاقتصادي القوي وارتفاع معدلات السكان».
ويوفر كريدي سويس أكثر مصدر للمعلومات شمولية وموثوقية بشأن الثروات العائلية حول العالم. ويشمل التحليل الثروات الخاصة التي يمتلكها 4.7 مليار فرد بالغ في 200 دولة بدءاً من أصحاب المليارات في القمة إلى الفئات المتوسطة والدنيا ضمن هرم الثروة والتي غالباً ما تتجاهلها الدراسات الأخرى.
التغيّرات من 2012-2013
وأبرز ما جاء في تقرير الثروة العالمية 2013 أنّ إجمالي الثروات العائلية حول العالم ارتفع بالقيمة الحالية للدولار إلى 241 تريليون دولار أميركي أو 51.600 دولار أميركي للفرد البالغ في العالم وهو أعلى متوسط لصافي الثروة على الإطلاق.
وفي الأعوام الأخيرة أثرت تقلبات سعر الصرف مقابل الدولار الأميركي بشكلٍ كبير على التصنيفات النسبية للثروة في كل دولة على حدة. وخلال العام المنتهي في منتصف عام 2013 كانت أسعار الصرف تقتصر على مجموعةٍ أصغر مقارنةً مع ما كانت عليه الحال في الماضي ولذلك كان التأثير أقل. وتتضمّن الاستثناءات اليابان التي انخفضت قيمة عملتها بنسبة 22 إضافة إلى مصر والأرجنتين وجنوب أفريقيا التي انخفضت قيمة عملاتها بأكثر من 15 .
وفي معظم الأجزاء الأخرى من العالم كانت البيئة الاقتصادية مواتية عموماً للاستحواذ على الثروة. وبينما أدت قضايا العملات في اليابان إلى خسارة صافية في منطقة آسيا الباسيفيك تم تسجيل أرباح في جميع المناطق الأخرى. وتفوّق إجمالي الثروة في أميركا الشمالية بزيادة 11.9 على الممتلكات الأوروبية بزيادة 7.7 لتصبح المنطقة الرائدة للمرة الأولى منذ عام 2005.
التركيز على منطقة اليورو
ويوضّح بنك كريدي سويس في تقريره بالتفصيل عودة الثروات في منطقة اليورو حيث من المتوقع أن يسهم ارتفاع أسعار الأسهم العادية والتقلبات الإيجابية نوعاً ما بين سعر اليورو والدولار في استعادة أكثر من نصف الخسائر الضخمة التي شهدتها الثروات قبل 12 شهراً.
وفي منتصف عام 2003 بلغ متوسط الثروة للفرد البالغ في منطقة اليورو بمجملها 154.900 يورو مع فوارق كبيرة بين الدول. وتشير تقديرات كريدي سويس إلى أن الثروات العائلية في أستراليا وألمانيا وأيرلندا وهولندا مشابهة لمستوياتها في منطقة اليورو لكنها أعلى بحوالى 20 في إيطاليا وبلجيكا وبنحو 50 في فرنسا ولوكسمبورغ. وتتضمّن قائمة الدول ذات الترتيب المتدني كلاً من إسبانيا وقبرص مع 60 تقريباً من معدل منطقة اليورو واليونان مع حوالى نصف معدل منطقة اليورو وإستونيا وسلوفاكيا بأقلّ من 20 من مستوى منطقة اليورو.
الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سجلت قطر أعلى متوسط ثروة للفرد البالغ بواقع 153.294 دولار أميركي في منتصف عام 2013 بنمو نسبته 2 مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي تلتها دولة الإمارات برقم قريب يبلغ 126.791 دولار أميركي ما يمثل ارتفاعاً بنسبة 4 .
وجاءت الكويت في المركز الثالث في المنطقة بمتوسط ثروة للفرد البالغ قدره 119.101 دولار أميركي لكن مع تراجع بنسبة 0.3 عن العام الماضي. ونما متوسط الثروة للفرد البالغ في عُمان والبحرين بنسبة 2 منذ منتصف العام الماضي. كما ارتفع متوسط الثروة للفرد البالغ في المملكة العربية السعودية الاقتصاد الأكبر في المنطقة بنسبة 0.7 منذ منتصف عام 2012 ليصل إلى 37 346 دولار أميركي فيما تراجع متوسط الثروة للفرد البالغ في مصر بنسبة 12 إلى 7.285 دولار أميركي.
على صعيد إجمالي الثروة احتلت المملكة العربية السعودية المركز الأول بما يقدّر بـ0.6 تريليون دولاراً أميركياً تلتها مباشرة دولة الإمارات بحوالى 0.5 تريليون دولار أميركي. واحتلت مصر المركز الثالث بحوالى 0.4 تريليون دولار أميركي.
الثروة في المستقبل
من المتوقع أن تشهد الثروات نمواً بنحو 40 خلال السنوات الخمس المقبلة لتصل إلى 334 تريليون دولار أميركي بحلول عام 2018. ويتوقع كريدي سويس أن تواصل الأسواق الناشئة توليد الثروات بوتيرة أعلى من الأسواق المتقدمة. ويقدر أن تصل حصة الأسواق الناشئة إلى 23 من الثروة العالمية لتبلغ 76.9 تريليون دولار أميركي بحلول عام 2018 بزيادة قدرها 0.5 سنوياً. ويتوقع أن يكون معدل الزيادة السنوية في الأسواق الناشئة 9 1 مقابل 6 1 للأسواق المتقدمة.
ومن بين الاقتصادات الكبرى يشير التقرير إلى أن الصين ستكون الرابح الأكبر من خلال نمو ثروتها بوتيرة سريعة بمعدل 10 1 خلال السنوات الخمس المقبلة لتبلغ 35 9 تريليون دولار أميركي. وتستأثر الصين بحصة تبلغ 9 2 من الثروة العالمية ومن المتوقع أن ترتفع إلى 10 7 .
وعلى الرغم من تراجع حصة الولايات المتحدة إلا أنها ستحافظ على 29 من الثروة العالمية بقيمة 98 تريليون دولار أميركي في عام 2018. كما ستشهد ثروة الهند نمواً سريعاً للغاية بوتيرة سنوية تبلغ 9 3 لتصل إلى 5 6 تريليون دولار أميركي في عام 2018. في المقابل ستحقق حصة الفرد البالغ في الصين نمواً بواقع 12 100 دولار أميركي لتصل إلى 34 400 دولار أميركي وفي الهند بواقع 1 900 دولار لتصل إلى 6 600 دولار أميركي.
وتشير تقديرات كريديت سويس إلى أنّ عدد أصحاب الملايين في العالم قد يتجاوز 47 مليون شخص في عام 2018 بزيادة قدرها 16 مليون تقريباً. وبينما لا تزال أعداد أصحاب الملايين في الاقتصادات الناشئة أدنى بكثير من مستوياتها في الولايات المتحدة 18 6 مليون أو أوروبا 15 0 مليون إلا أنه من المتوقع أن تشهد زيادة كبيرة في السنوات القليلة المقبلة. ومن المرجح أن يتضاعف عدد أصحاب الملايين في الصين بحلول عام 2018 ليرتفع عددهم الإجمالي إلى 2.1 مليون. كما يتوقع كريدي سويس زيادة كبيرة في عدد أصحاب الملايين في أميركا اللاتينية مدفوعة بالبرازيل التي ستشهد زيادة بواقع 186 000 والمكسيك التي ستشهد زيادة بواقع 87 000 حيث سيبلغ عددهم قرابة المليون في غضون خمس سنوات.
قمة هرم الثروة
تشير تقديرات كريدي سويس إلى وجود 98 700 فرد من أصحاب الثروات العالية جداً UHNW في العالم ممّن تتجاوز أصولهم الصافية 50 مليون دولار أميركي. ومنهم 33 900 فرد يملكون 100 مليون على الأقل و3 100 فرد تفوق أصولهم 500 مليون دولار أميركي. وتتصدر أميركا الشمالية الترتيب الإقليمي لأصحاب الثروات العالية جداً بواقع 48 000 فرد 49 بينما يبلغ عددهم في أوروبا 24 800 فرد 25 وفي آسيا الباسفيك 21 790 فرداً 22 بما في ذلك الصين والهند.
ثروات الدول
تتوزّع أغنى الدول التي يتجاوز فيها ثروة الفرد البالغ 100 000 دولار في أميركا الشمالية وأوروبا الغربية فضلاً عن الدول الغنية في آسيا الباسفيك والشرق الأوسط. وتتصدّر سويسرا قائمة هذه الدول حيث تمّ تصنيفها في عام 2011 كأول دولة يتخطى فيها متوسط ثروة الفرد عتبة 500 000 دولار أميركي. وعلى الرغم من تراجعها في عام 2012 إلا أنّ ارتفاع أسعار الأسهم هذا العام أدى إلى وصول متوسط ثروة الفرد البالغ إلى ذروة جديدة بلغت 513 000 دولار أميركي.
انتقال الثروة
في حين يقدم هرم الثروة «لمحة» عن الثروة العالمية عند نقطة معيّنة من الزمن يتنقل الأفراد باستمرار بين مختلف طبقات الهرم. وقام كريدي سويس بدراسة انتقال الثروة للاطلاع على التغيّرات التي تطرأ على ترتيب ثروات الأفراد.
وعلى الرغم من أنّ النسبة المئوية لأصحاب المليارات الثابتين متشابهة على نطاق واسع عبر الدول إلا أنّ هناك بعض التباينات اللافتة بين الدول من حيث انتقال الثروة حيث يتوقع أن تكون لدى فرنسا وإيطاليا واليابان نسبة أقلّ من أصحاب المليارات الثابتين إذ تراجع ترتيبها إلى حدّ كبير على مدار العقد الماضي.
وتعتبر معدلات أصحاب المليارات الثابتين منخفضة نسبياً في كندا وألمانيا والمملكة المتحدة. وحتى الآن تمتلك الولايات المتحدة أعلى المعدلات من حيث أصحاب المليارات الثابتين حيث تمكن 78 من أصحاب المليارات لعامي 2000 و2001 من البقاء ضمن هذه الفئة حتى عام 2005 وقد أصبحت هذه النسبة 65 في عام 2010. وهذا يدلّ على أنّ أصحاب المليارات في الولايات المتحدة يملكون متوسط ثروة أعلى ويتطلب الأمر انخفاضاً أكبر في هذا المتوسط لكي يخرجوا من هذه الفئة. كما إنهم يواجهون مخاطر قليلة أو منعدمة في سعر الصرف بينما في دول أخرى قد يعتمد الدخول إلى فئة أصحاب المليارات والخروج منها ببساطة على سعر صرف الدولار الأميركي.
ومن اللافت للنظر في دول البريكس الزيادة الحادة في عدد أصحاب المليارات في الصين بعد عام 2005 ما يعكس النمو السريع لطبقة الأثرياء في قمة هرم الثروة الصينية والذي يؤدي إلى ارتفاع معدل التنقل إلى الفئات الأكثر ثراء في الهرم.
وبالنسبة إلى دول البريكس يمتلك أصحاب المليارات في روسيا أعلى فرص للبقاء ضمن هذه الفئة. وقد ازداد عدد أصحاب المليارات في روسيا إلى أكثر من الضعف منذ عام 2005 وحتى 2010. وتعكس معدلات البقاء العالية انخفاض مستوى التنقل من قمة الهرم إلى الفئات الأقل ثراء وحجم ثروات يفوق متوسط الثروة العام بين أصحاب المليارات في العالم وعلى الأرجح حماية الدولة لمصالح أصحاب المليارات مما يؤدي إلى انخفاض مستويات التنقل إلى فئات أدنى مقارنة مع الدول الأخرى.