أوضع معاون مدير عام "الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية" في "وزارة الزراعة" أواديس أرسلان، أن هناك مصدر هائل من المياه غير التقليدية ما زال يهدر بمعظمه لافتا إلى أن مجموع المياه غير التقليدية السنوية تصل إلى حوالي 3 مليارات متر مكعب، وأن استخدام مثل هذه الكمية من المياه تنتج نظرياً أكثر من 5 ملايين طن من المادة العلفية الجافة.
ولفت وفقا لصحيفة "الثورة" الحكومية، أرسلان أن الكمية المذكورة تكفي لسد الفجوة العلفية وتغني عن استيراد القسم الأكبر من الأعلاف التي يدفع ثمنها بالعملة الصعبة، ناهيك عن التأثيرات البيئية الإيجابية من استخدام مثل هذه المياه في إنتاج الأعلاف في التربة والمياه الجوفية والسطحية.
وقال أرسلان: إن "محدودية الموارد المائية في سورية والمساحات الزراعية الشاسعة القابلة للاستثمار الزراعي والتي تدخل في نطاق الأراضي المروية، والتي تزداد كل عام عن طريق دخول أراض جديدة في العملية الزراعية بعد استصلاحها، وتزايد كميات مياه الصرف الزراعي بسبب مشاريع الاستصلاح، يحتمان دراسة إمكانية استخدام هذه المياه في ري المحاصيل ولاسيما الأعلاف إما بشكل مباشر أو بعد خلطها أو بالتناوب مع المياه العذبة".
وأضاف: إن "الاستخدام الأمثل لهذه المياه يؤدي إلى إضافة مساحات جديدة من الأراضي الزراعية إلى أراض منتجة من الغذاء، ويوفر الكثير من المياه العذبة المستخدمة حالياً في الري".
وأوضح أرسلان بأن الحاجة للموارد العلفية في السنوات الأخيرة تضاعفت، بسبب قلة الهطولات المطرية وعدم حصاد المحاصيل المزروعة في مناطق الاستقرار الثانية والثالثة والرابعة، إضافة إلى ضعف نمو النباتات الرعوية في أراضي البادية، الأمر الذي انعكس سلباً على الثروة الحيوانية بالقطر سواء على مستوى أعدادها أو تذبذب أسعارها بالإضافة إلى الحاجة لاستيراد أعلاف بالعملة الصعبة.
وخلص معاون مدير البحوث إلى أهمية التفكير في حلول أخرى، كزراعة بعض المحاصيل العلفية ذات القيمة العالية على مدار العام، ونتيجة للطلب المتزايد على مصادر المياه في العالم وبشكل خاص في المناطق الجافة وشبه الجافة، اضطر المزارعون إلى استخدام مياه ذات نوعية متدنية للري كمياه الصرف والمياه الجوفية المالحة.
واعتبر أواديس أن عملية خلط ماء الصرف الزراعي مع مياه ذات نوعية جيدة، بنسب تسمح بإبقاء ملوحة مياه الري تحت عتبة ملوحة محاصيل علفية مختارة متحملة للملوحة، طريقة جيدة وممارسة مقبولة من قبل العديد من العلماء، كما أن اختيار طريقة الري الملائة يمكن أن تزيد من كفاءة الري وتقلل من الطلب على المياه العذبة، فعملية التناوب في الري بين مياه عذبة ومياه الصرف تعد طريقة سهلة وليست بحاجة لخزانات لخلط نوعين من المياه، ويعتبر بعض العلماء أن هذا التناوب مهم في المراحل الحساسة من عمر النبات حيث تعطى رية بمياه عذبة.
وأوضح أرسلان بأن إنتاج نباتات اقتصادية متحملة للملوحة للاستفادة من المياه المالحة المتاحة سواء مياه الصرف الزراعي أو مياه الآبار المالحة، نفذت تجارب حقلية في مركز بحوث دير الزور موقع المريعية الثالث لبحوث الأراضي ومحطات ومواقع أخرى في المناطق المتأثرة بالملوحة، تم زراعة أربعة أنواع من النباتات الرعوية "رغل سوري، رغل ملحي، رغل أميركي، روثا"، ورويت بمياه متباينة الملوحة وصلت إلى 12 مرة ملوحة مياه نهر الفرات وكان النمو الخضري جيداً يمكّن تصنيع أعلاف لسد جزء من احتياجات الثروة الحيوانية.
كما قامت "الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية" بدراسة إنتاجية عدد من المحاصيل العلفية في الترب المالحة أحياناً، وباستخدام مياه بدرجات مختلفة من الملوحة في الأحواض المتأثرة بالملوحة كحوض الفرات والخابور لحوالي عشر سنوات مع منظمات عربية ودولية مثل "المركز الدولي للزراعة الملحية واكساد وايكاردا".
وكان رئيس "اتحاد غرف الزراعة السورية" محمد الكشتو، قد أوضح سابقا أنه لا يوجد استغلال صحيح للإمكانيات الزراعية الموجودة لدينا، والجهل بهذه الإمكانيات أضاع على الخزينة العامة وعلى الفلاح الكثير من الأرباح وجعلنا مستوردين للأعلاف.