أكدت معلومات صادرة عن وزارة النفط والثروة المعدنية أن ليتر البنزين يكلف الدولة 150 ليرة بينما تبيعه الآن بـ 100 ليرة، وتكلفة ليتر المازوت تصل إلى 180 ليرة و تبيعه بسعر 60 ليرة للمواطن.. لافتة إلى أن ليتر البنزين لم يكن مدعوماً قبل الأزمة حين كان يباع بسعر 40 ليرة، أما المازوت الذي كان سعر الليتر منه 20 ليرة فقد كان مدعوماً بمبلغ يتراوح بين 17-20 ليرة أي كانت تكلفته بين 37 و 40 ليرة- أما اليوم فهو مدعوم بمقدار 120 ليرة لكل ليتر وذلك بسبب تعديات المجموعات الإرهابية المسلحة على آبار النفط وخروجها عن الخدمة ما أدى إلى انخفاض إنتاج النفط من 385 ألف برميل يومياً عام 2010 إلى 20 ألف برميل حالياً، إذ كانت سورية تصدر جزءاً من هذا الإنتاج أما اليوم فتستورد المشتقات النفطية ما يشكل عبئاً مرهقاً على الخزينة العامة للدولة يزيد على 400 مليون دولار في الشهر الواحد ما يعادل 4.8 مليارات دولار سنوياً.
من جانبها بينت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أنها تشتري الكغ الواحد من الطحين بـ 110 ليرات، وتبيع كلغ الواحد من الخبز بنحو 9 ليرات، أي إن الدولة تدعم هذه المادة بنحو 101 ليرة، في حين وصل دعم بعض المواد الأخرى مثل السكر والرز إلى 300%
وبالعودة إلى الإحصاءات الرسمية لمعرفة الكميات التي تستهلكها البلاد من هذه المواد الثلاث الأساسية وحساب قيم الدعم لها نجد أن حاجة سورية اليومية من مادة المازوت تتجاوز 30 مليون ليتر مايعادل 10 مليارات ليتر سنوياً في الحالة الطبيعية وقد تنخفض حالياً بسبب الظروف الراهنة، أي إن قيمة دعم المازوت الذي تقدمه الدولة للمواطنين على اختلاف نشاطاتهم محدودي الدخل أو أصحاب فعاليات اقتصادية (تجار, صناعيين, مقدمي خدمات) يبلغ نحو 1200 مليار ليرة سنوياً.
أما حاجة سورية من البنزين فتبلغ حوالي 2 مليار ليتر سنوياً وحسب مقدار الدعم الحكومي المقدم لكل ليتر من هذه المادة- وفق المشار إليه- فإن المبلغ الإجمالي الذي تدفعه الحكومة لدعم هذه المادة بحدود 100 مليار ليرة سنوياً.
وبالنسبة لحاجة البلاد من الدقيق لزوم رغيف الخبز فتقدر بنحو 8 آلاف طن يوميا ما يعادل 2.92 مليون طن سنوياً ما يعني أن قيمة الدعم الحكومي لرغيف الخبز نحو 300 مليار ليرة خلال السنة الواحدة.
وبحساب مجموع قيم الدعم الحكومي للمواد الثلاث المذكورة نجد أنها بحدود 1600 مليار ليرة - وفق الأسعار الحالية- في السنة الواحدة.
تحديات الدعم
لكن التحدي الأكبر الذي يواجه الحكومة بعد تخصيص المبالغ المذكورة لدعم المازوت والبنزين والدقيق التمويني- ولا يعلمه معظم المواطنين- يكمن في التهريب والهدر اللذين يطولان جزءاً مهماً منها حيث قدرت الجهات المعنية الكميات المهربة من المازوت بنحو 1.5 مليار ليتر تهرّب إلى الدول المجاورة، وهذا الأمر يكلف سورية حوالي 180 مليار ليرة سنوياً.
وفي حين لم تتوافر معلومات رسمية عن الكميات المهربة من البنزين تشير الشركة العامة للمطاحن إلى أن نسبة الهدر في الدقيق التمويني بحدود 60% من الكميات الموزعة على الأفران وتبلغ قيمتها- وفق رقم الدعم المذكور لهذه المادة- نحو 180 مليار ليرة.
وبجمع مبلغي التهريب والهدر لمادتي المازوت والدقيق نستنتج أنهما بحدود 360 مليار ليرة سنويا أي ما يفوق كتلة الرواتب والأجور لجميع موظفي القطاع العام مدة عام كامل ما يستدعي تطبيق الحكومة إجراءات متشددة في مكافحة تهريب المازوت إلى البلدان المجاورة ووقف الهدر الحاصل في مراحل إنتاج الرغيف من خلال القيام بحملة توعية لاستخدامها للغايات المخصصة لها على أن تبدأ من المنزل يشترك فيها كل فئات الشعب وتشكيل لجان أزمة في كل حي تدخل فيها العناصر الكفوءة من مختلف الفئات والشرائح المجتمعية لمراقبة الدقيق التمويني واستهلاكه وجميع المواد المقننة التي تدعمها الدولة وتوزيعها بشكل عادل وبالأسعار النظامية حسب حاجة كل أسرة.
إضافة لذلك يجب على وزارة التجارة الداخلية و حماية المستهلك العمل بجدية لمراقبة استجرار مادة الدقيق التمويني وتوجيه استهلاكها للغاية المخصصة- رغيف الخبز وليس لصناعة الحلويات و المعجنات والخبز السياحي... الخ- وذلك من خلال تطبيق عدة إجراءات سبق أن حددتها من دون أن تلتزم بها الجهات المعنية ولاسيما أن المواطن يعلم قبل الحكومة أن المتاجرة بالدقيق التمويني أصبحت اليوم أكثر من أي وقت مضى وأصبح بعض الفعاليات الاقتصادية يجني مليارات الليرات من وراء هذه التجارة غير المشروعة من دون أن تخفض أسعار منتجاتها حيث أصبح معدل سعر الكغ من الحلويات نحو 5 آلاف ليرة.
وبهذه الصورة يمكن تحقيق ترشيد استهلاك هذه المواد المدعومة على مستوى الوطن وتوفير مئات المليارات من الليرات بسبب الهدر والتهريب وتوظيفها في مشروعات استثمارية وإنتاجية تشغل آلاف العاطلين عن العمل وتزيد من مصادر دخل الخزينة العامة للدولة.
المصدر: صحيفة تشرين المحلية