تحقيق| أريج درويش – حيان الضلع
شهدت شركات حوالات الأموال في دمشق تحولاً ملحوظاً في عملها وانخفاض مستوى أدائها في تسليم الحوالات للناس وقلة عدد المكاتب العاملة إلى درجة الاحتكار الفج، ما أدى لتراكم الحوالات وازدحام الناس على أبواب مكاتب الشركة الوحيدة العاملة في دمشق " تواصل " حتى باتوا يصطفون في طوابير طويلة، وبدأت هذه المعاناة من الفترة التي سبقت عيد الأضحى ولا تزال مستمرة حتى الآن ولا يتوقع لها أن تنحسر في الفترة القريبة.
حيث اشتكى عدد من المواطنين من وقوفهم الطويل الذي امتد لأسابيع وأيام وصلت إلى قرابة الشهر، أمام شركة تواصل لتحويل الأموال من الخارج عبر الويسترن يونيون لاستلام حوالاتهم، ممن أرسل لهم أبناءهم أو أقاربهم مايكفيهم لسداد حاجاتهم المعيشية، وسط جنون الأسعار في الأسواق، ليأتيهم الرد من الشركة بمعاودة القدوم في اليوم التالي.
موقع "B2B " قام بجولة لدى فروع شركة " تواصل " الستة المنتشرة في محافظة دمشق علماً أنها الشركة الوحيدة حالياً التي تسلم له تسلم الحوالات الخارجية "ويسترن نيون" حالياً، فقد أبدت أم لؤي الآتية من حمص استياءها، بالقول "يطلب الموظفون تسجيل اسماءنا منذ الصباح الباكر، وننتظر على أقدامنا حتى الخامسة أو السابعة مساء فيخبروننا أن الوقت انتهى، ونأتي في اليوم الذي يليه فيطلبون أن نعيد تسجيل أسماءنامرة أخرى.. وهكذا".
وأضافت أم لؤي، "صرفت كل ما لدي في أجور المواصلات والمنامة، ولا أملك مالا يكفي للعودة أو النوم، كماباءت كل محاولاتي باستجداء العاملين بالفشل عدا عن تعاملهم السيء مع الناس.. فلا أدري هل يقومون بتشغيل أموالنا أم ينتظرون ارتفاع الدولار".
ليذهب بعضهم إلى اتهام الشركة بسرقتهم مستغلة تفردها بسوق الحوالات بعد إغلاق السلطات عدة مكاتب وعزوف مكاتب أخرى عن الاستمرار في تقديم هذه الخدمة.
ولا يتوقف الأمر عند شكوى التاجر من تأخر الشركة في تسليم الحوالة وتعطيل أعماله وتجارته، بل يذهب إلى الشريحة الواسعة والمتمثلة بمن ينتظر حوالة بسيطة لا تتعدى العشرة الآلاف طلبها من قريب أو صديق له في بلاد الاغتراب لتعينه على قضاء حوائج العيد، وعند هذا الحد يظهر بوضوح انعكاس تأخير الشركة في تسليم الحوالات على واقع السوق المحلي، لأن هذه الأموال كانت ستصب في السوق المحلي في الفترة التي تشهد عمليات بيع وشراء بكثافة وهي فترة ما قبل العيد وسينتج عنها دائرة مال تعود بالفائدة على الوطن والمواطن.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، أين باقي شركات الحوالات التي كانت تعمل في الفترة السابقة؟ وما الفائدة التي عادت على جيب الحكومة من توقف هذه الشركات دون ترميم النقص ومعالجة الاختناقات؟ وخصوصاً أن العاصمة تشهد اختناقاً سكاني لا تغطيه شركة واحدة لا تملك إلا عدة مكاتب لا تكفي لسداد الاختناق الحاصل.
وتقوم ويسترن يونيون باستلام الحوالات بالدولار الأميركي وتسليمها إلى أصحابها بالليرة السورية، وذلك وفقا لسعر البيع لدى المصرف المركزي. وأشارت وسائل إعلام، إلى أنه في حال اجتمع كل يوم على كل أفرع الشركة 500 شخص بانتظار حوالاتهم، واستلم نصف عدد المنتظرين فقط حوالاتهم، وتم تأجيل 250 شخصاً إلى اليوم التالي، ولو افترضنا أن وسطي الحوالة المستلمة الواحدة هو 50 ألف ليرة سورية فقط، هذا يعني أن الوفر المتراكم يومياً عند الشركة الأم أو المصرف المركزي هو:250 *50000 =12,500,000 أي إثنا عشر مليون وخمسمائة ألف ليرة سورية يومياً، و375 مليون ليرة شهرياً.
وتختلف حكاية المواطن " فياض المنجد "، عن أم فادي حيث أوضح "أنتظر الحصول على حوالة من أخي لإجراء عملية لابني، فالمشفى رفض استقبالنا قبل دفع المبلغ، هذا هو اليوم السادس عشر الذي أقف فيه منتظرا،وحجة الموظفين الدائمة هو عطل في الشبكة... ولدى مراجعة أخي للشركة في بلده، تم إخباره بأن ويسترن يونيون متوقف في سوريا!"
أما في محافظة اللاذقية فالمشهد يختلف، إذ تواصل شركات تحويل الأموال في اللاذقية، والبالغ عددها قرابة 5 شركات، عملها وسط صعوبات في التحويل من الدول الأوروبية بشكل خاص.
موقع "B2B" تواصل مع عدد من الشركات وحصل على معلومات تفيد بإمكانية استقبال الأموال فقط من عدد من الدول العربية أبرزها ( الإمارات – الأردن – الكويت – لبنان-العراق- البحرين )، فيما توجد مشكلة رئيسية باستلام الأموال من السعودية.
أحد الموظفين أوضح أن على السوريين في الدول التي لا يمكن استلام الأموال منها القيام بتحويل أموالهم إلى معارفهم في الإمارات أو الأردن ومن ثم يعاد توجيهها من هناك إلى سورية.
بعض المغتربين من محافظة اللاذقية قالوا أنهم أحجموا منذ فترة عن تحويل أموالهم عبر الشركات مكتفين بإرسالها مع الأصدقاء القادمين أو المغادرين، وذلك بعد الأنباء التي يسمعونها عن إغلاق الشركات المتكرر هنا في سورية ما يشكل حالة من عدم الثقة.
اللافت أن فروعاً لأسماء شركات معروفة تم إغلاقها في دمشق ما تزال تواصل عملها في تحويل الأموال في اللاذقية، ولدى الاستفسار عن الأمر جاء الجواب بأن ما تم إغلاقه هو الشق المتعلق بتصريف الأموال من الشركة وليس تحويلها.
لا أوراق ثبوتية إضافية أو تعقيدات مطلوبة لاستلام الأموال، حيث يمكن للمستلم اصطحاب هويته الشخصية أو جواز سفر فقط وفقا لما أفادنا به أحد موظفي الشركات، فيما تحتاج بعض الحوالات انتظار لنحو أسبوع أو أكثر لإمكانية الاستلام.
بدوره أوضح خبير اقتصادي لموقع "B2B "، أنه بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا باتت ويسترن يونيون هي الشركة الوحيدة في سوريا التي تقوم بتحويل الأموال، مما يستدعي وقتا طويلا لتخديم العدد الهائل من الحوالات، عدا عن صعوبة وصول الحوالات إلى سوريا، حيث تمر عبر عدة دول قبل أن تصل إلى سوريا وخاصة إذا كانت محولة من بلد اجنبي، وربما يسبب ذلك عطلا في الشبكات. يذكر أن، شركة تواصل هي الشركة الوحيدة حالياً للتحويل عبر ويسترن يونيون، ولها خمسة فروع فقط في دمشق.