مع الانخفاض الذي تسجله أسعار صرف الدولار مؤخراً واستقرارها عند مستويات جديدة تحدث بعض المعنيين في الجمعيات الأهلية التي تعنى بحماية المستهلك عن ضرورة قيام الحكومة على الفور بتخفيض أسعار المشتقات النفطية لما سيكون لها انعكاس إيجابي كبير على انخفاض أسعار السلع والمنتجات على حد تعبير المعنيين في حماية المستهلك
مشيرين إلى رفع أسعار البنزين والمازوت مؤخراً أسهم في ازدياد ثقل الأعباء على جيب وكتف المواطن المستهلك نظراً لارتباط هذه السمشتقات بالكثير من تفاصيل العادات الاستهلاكية وتكاليف الحياة المعيشية اليومية للمواطن.
وتعليقاً على هذه المطالبة قال الباحث الاقتصادي الدكتور قيس خضر: لا يجب تناول مسألة تغيير أسعار حوامل الطاقة بهذه البساطة لأن مثل هذا الطرح يمكن تناوله من زوايا عدة.
موضحاً أنه كما هو متعارف عليه اقتصادياً، فإنه دوماً وأبداً يتم ربط المتغير إلى ثابت، لذلك لا يمكننا ربط أسعار حوامل الطاقة على سعر صرف هو بذاته يحتاج إلى مثبت آخر.
وأضاف الباحث خضر: من زاوية ثانية، سنقول إن أسعار حوامل الطاقة لا تزال حتى الوقت الراهن مدعومة، ولذلك لا يمكن القول إن الحكومة تحقق أرباح نتيجة تغيرات سعر الصرف أو نتيجة للأسعار الحالية، لهذا أيضاً ومن وجهة نظر اقتصادية بحتة فإن هذا المطلب غير مبرر اقتصادياً، وإنما كاقتصاديين أو مسؤولين لا يجب دائماً البحث عن زيادة الإنفاق أو أخذ الموارد من الدولة، وعلينا التفكير بشكل منطقي – وإن كنا لا نوافق الحكومة بكل ما تذهب إليه – وموضوعي بالإيرادات كما يتم التفكير بالنفقات، أي إنه لا يمكن الطلب إلى الحكومة زيادة الدعم أو أن تعود إلى تقديم الدعم كما كان عليه الأمر في وقت سابق.
ولفت خضر إلى ما يردده الكثير من مسؤولي وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عن أن مسألة النقل تتحمل الجزء الأكبر من ارتفاع الأسعار، نحن بدورنا نقول لهم إن هذا الكلام غير منطقي أو صحيح لأن الكثير من أسواق السلع التي تنتج وتسوق في أماكن إنتاجها لا تستجيب لانخفاضات الأسعار، ومثال ذلك أننا لا نجد في أسواق الخضار في كل من طرطوس ودرعا استجابات لانخفاض التكاليف مشفوعة بعدم وجود تكاليف نقل، لا بل تشهد هذه الأسواق حالة من الانفلات السعري مثلها مثل بقية الأسواق كما في حلب وفي دمشق، ونسبياً تكون الأمور غير مبررة على الإطلاق.
وبالتالي فإن النقطة الأهم في ضبط الأسعار تكون في توجيه الأصابع دوماً إلى وزارة التجارة الداخلية، حيث لا يمكن بطبيعة الحال أن تقوم الوزارة أو مديرية حماية المستهلك فيها بقذف الكرة إلى ملاعب أخرى، علماً أننا لا ننكر ولا نلغي مسألة تكاليف النقل ووجودها ولكن ثمة أبعاداً اقتصادية وعلمية ومنطقية ينبغي الالتزام بها عند الحديث عن هذه الارتفاعات والتجاوزات.
أي إن مسألة تكاليف النقل يمكن لها تحمل نسبة 5% أو 20% إضافية على أسعار المنتجات ويمكن الموافقة عليها، أما أن نقول إن حالة الانفلات السعري في السوق السورية هي ناتجة عن أسعار أو تكاليف النقل فإن هذا الكلام يجانب الصحة.
وفي السياق ذاته أكد الباحث خضر أنه على وزارة التجارة الداخلية القيام بما هو منوط بها لضبط الأسعار عند التجار بمختلف أنواعهم، «وأنا أكاد أجزم أن المواطن السوري سوف يتقبل تحمل تكاليف النقل إذا ما انعكست بحجمها الحقيقي لا بأضعاف مضاعفة يتلطى خلفها بعض التجار ودون انتهازية التجار، لأن هذه الانتهازية تتحمل مسؤوليتها كاملة وزارة التجارة الداخلية».
وتابع بالقول: قالت الحكومة في فترة من الفترات إن 85% من الأسعار هي أسعار محررة ثم نفاجأ بقرارات وزارة التجارة الداخلية بإلغاء تحرير بعض الأسعار وتحديد أسعار جديدة، ولماذا لم تقم الوزارة بهذا الأمر قبل فترة عامين وهنا علامة استفهام كبيرة على هذا الأمر؟.
وختم بالقول: إن الحجة بعدم وجود عدد كاف من المراقبين التموينيين غير مقنعة، وخصوصاً أن مراقب تمويني واحد قادر على إغلاق سوق بأكملها عندما تتوافر الإرادة والإدارة الكفيلتان بذلك.