قال أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد بجامعة دمشق " الدكتور هيثم عيسى " إن احتساب مقياس مؤشر أسعار المستهلك يتم بشكل سنوي أو خلال ربع السنة ويعكس متوسط التغيير في أسعار السلع الموجودة في الأسواق (الأسعار النهائية).
وأشار عيسى وفقا لصحيفة "الوطن" إلى أنه وحسب إحصائية المكتب المركزي للإحصاء فإن متوسط الزيادة ارتفع خلال فترة الأزمة ما بين 35% إلى 40%، يمكن تقسيمه من عام 2010 إلى عام 2011 ارتفع بمقدار الثلث وعاد وارتفع من 2011 إلى 2012 بمقدار الثلث عن الارتفاع السابق، ليرتفع مجدداً من 2012 إلى 2013 كذلك بمقدار الثلث عن الارتفاع السابق، أي إن محصلة الارتفاع هي تراكمية.
وأضاف: إن بنية هذا المؤشر تقسم إلى أغذية ومشروبات والسكن وغيرها، ولكن الأغذية هي التي شهدت الارتفاع الأكبر في أسعارها، فحسب الإحصائية فإن متوسط الزيادة في أسعار السلع الغذائية ارتفع ما بين 100% إلى 150%.
ولفت عيسى إلى أن أهم الأسباب وراء هذا الارتفاع هو تناقص القدرة الإنتاجية للاقتصاد السوري والتراجع الحاد في حجم الإنتاج، وتعرض المنشآت الصناعية للتخريب والنهب إضافة إلى هجرة الصناعيين إلى دول الجوار، ومن جهة أخرى هناك الفلاحون وضعف إنتاجيتهم مبيناً أن العديد منهم لم يتمكنوا من جني المحصول وتسويقه وهناك من لم يتمكن من زراعته، كما أن العقوبات الاقتصادية المفروضة أضعفت القدرة على استيراد المواد الأولية وقطع الغيار وغيرها من مستلزمات الإنتاج الزراعي والصناعي.
ولفت عيسى إلى أن الأسواق السورية لا تخضع لضوابط أو سلطة مباشرة من الجهات الحكومية، وهناك ضعف في الكوادر الحكومية المسؤولة عن متابعة ومراقبة الأسواق وملاحقة المتلاعبين بالأسعار، حيث شهد السوق تلاعباً واضحاً من التجار بالأسعار وخصوصاً مع ما شهده سعر صرف الدولار من ارتفاع حاد إلى انخفاض سريع، حيث ادعى التاجر عند ارتفاع سعر الدولار على أنه اشترى بضاعته وفقاً للسعر الجديد مع أن السعر لم يمض وقت طويل على طرحه، وعند انخفاض السعر يجد التاجر لنفسه مبرراً في الاستمرار برفع الأسعار بحجة أنه اشترى البضاعة عندما كان الدولار مرتفعاً، ولولا ضعف التدخل الحكومي لما تمكن التاجر من التلاعب بالسوق بالطريقة التي يريدها، إضافة إلى عدم تناسق الإجراءات التي اتخذت من الجهات الحكومية، فالكثير من قرارات التدخل في السوق لم تكن مدروسة واتخذت على عجل ولم يحسب لها نتائج مستقبلية.
وقسّم الدكتور عيسى المستهلك السوري إلى قسمين خلال الأزمة، فالقسم الأول هو من لم يتأثر بارتفاع الأسعار وإنما استفاد منها وهم التجار والصناعيون الذين تحكموا بالأسواق وتعتبر الأزمة لهم هي فترة ربح استثنائية.
والقسم الآخر فئة الدخل المحدود وكان لهم عدة ردود فعل لجؤوا إليها للتعامل مع ارتفاع الأسعار، فمنهم من قام بالادخار، وهم سكان المناطق الريفية أو من تمكنوا في المدن من تخزين المؤونة، للتخفيف من مصاريف شراء المواد الغذائية، ولكن الأغلبية العظمى لم يتمكنوا من التخزين وكانوا الأكثر تأثراً وقاموا بتخفيض الكميات المستهلكة وهو ما يسمى (عقلنة الإنفاق أو تقريش الإنفاق) أي كل قرش يجب أن يوضع في مكانه.
وأكد عيسى أن التدخل الحكومي الصحيح يخفف من آثار الأزمة في ارتفاع متوسط الإنفاق للأسرة، ويمكن أن نعطي مثالاً في وجود سوق وحيد للخضار والفواكه في دمشق وهو سوق الهال، ولو أن الحكومة أوجدت سوقاً منافساً له لكانت هناك تنافسية في العرض والطلب تؤدي لخفض الأسعار، كما يجب على الحكومة تفعيل دور المؤسسات الحكومية وتقوية دورها في التدخل لحماية المستهلك، والأهم هو أن تدخل الحكومة في السوق وتصبح كالتاجر وتبتعد عن دور المخطط للسوق وتصبح فاعلاً أساسياً فيه.