لم يتجاوز معدل الأضرار الزراعية (حمضيات، موز، إنتاج خيم بلاستيكية) الناجمة عن العاصفة «ألكسا»، حتى ظهر أمس، الـ15 في المئة. إنما الكارثة تقع، إذا حطّ الجليد رحاله لأكثر من 48 ساعة.
يفيد أكثر من مزارع «السفير» أن «الأضرار حتى أمس، ما زالت محتملة، ومتوقعة»، مشيرين إلى أنهم كانوا قد استعدوا للعاصفة، ما خفف من وقوع المزيد من الأضرار، مضيفين أن «ألكسا لطفت بنا، ولم تصل إلى مستويات كارثية، كما كانت التوقعات».
يصلّي مزارعون، خصوصا مزارعي الحمضيات والموز، الذين يستعدون لبدء قطاف الموسم، أن «تبقى العاصفة ضمن المستوى المقبول، إذ إذا تخطت هذا المستوى، فلا أحد سيعوض علينا»، موضحين في هذا الخصوص، أنهم «حتى الآن ما زالوا ينتظرون تعويضات وُعدوا بها، منذ سنوات، ولم يتلقوا سوى الكلام».
اقتلاع أشجار وخيم
سببت العاصفة حتى أمس، وقوع أضرار زراعية جزئية في منطقة صور وقراها، إذ لم تتساقط حبات برد كبيرة، وكمية المتساقطات لم تشكل سيولاً جارفة خطيرة. كما أوقعت سرعة الرياح أضرارا جزئية في بساتين الحمضيات والموز والخضار. أما في سهلي صور والناقورة، فلوحظ تجمد ثمار واقتلاع أشجار، وأضرار بشتل موز وخيم بلاستيكية زراعية.
تكرر المشهد نفسه في منطقة عكار وقراها، إذ بسبب وقوع التأثير الأكبر للعاصفة شمالاً، سُجّلت أضرار جسيمة في خيم بلاستيكية، كما أتلف الجليد محتوياتها. ويفيد أصحاب خيم في بلدات عكارية «السفير» أن «شدة الرياح مزقت أغطية النايلون»، معربين عن خشيتهم من تدني درجات الحرارة تحت 5 درجات، وتشكل الجليد، ما يسبب تلف إنتاج الخيم من خيار وبندورة وخس وكوسا وملفوف ولوبياء.. وغيرها من المزروعات، بالكامل.
«عادية حتى الآن»
يوضح كل من رئيس «جمعية المزارعين اللبنانيين» أنطوان الحويك ومسؤول القطاع الزراعي في الجنوب رامز عسيران لـ«السفير» أن «أضرار العاصفة ما زالت محتملة وعادية، وضمن المستوى المقبول، إذ جاءت أقل من التوقعات التي أرعبت الناس والمزارعين، ولم تبلغ حدود الكارثة الوطنية».
وفيما يؤكد الحويك أنه «حتى يوم أمس، لم تتلق الجمعية تقارير زراعية كارثية»، يشير عسيران إلى أن «تقدير حجم الضرر الفعلي، يمكن أن يتضح في بدايات الأسبوع المقبل، أما في الأيام الثلاثة الماضية، فلم يتجاوز نسبة 15 في المئة من مجمل المزروعات بجميع الأصناف إن كان في الخيم أو الحمضيات أو الموز».
يلفت الحويك الانتباه إلى أن المزارعين يعلمون أنه في فصل الشتاء، وعند هبوب العواصف «ستقلب شتل الموز، وتهرّ ثمار الحمضيات عن الشجر، وتسبب تطاير الخيم البلاستيكية غير المثبتة في الأرض، أو النايلون الذي انتهت صلاحيته بعد 3 أو 5 سنوات من الخدمة».
الخوف من الصقيع
لكن يستدرك الحويك وعسيران، ليؤكدا أن الخوف هو من الصقيع وهبوط الحرارة، ما يتسبب بتلف إنتاج الخيم من خيار وبندورة، ويتكرر المشهد نفسه الذي وقع في شتاء العام 2008، عندما أتلف الجليد المزروعات، وسبب كارثة فادحة على المزارعين.
في هذا السياق، يؤكد عسيران أن «المشكلة التي تشهدها مناطق الساحل في الجنوب، هي بدء الصقيع والتدني في درجات الحرارة منذ ساعات صباح أمس»، متوقعًا أن «يؤدي ذلك إلى أضرار جسيمة على المزروعات، إن كان في الخيم أو في الحقول المفتوحة».
ويقول: «المزارعون الآن في حالة ترقب، وبعد 48 ساعة يمكن رصد حجم الضرر»، كاشفًا أن «الحرارة على الساحل تتراوح بين 4 و5 درجات، مع رياح ناشفة، ما قد يسبب موجات صقيع في الليل حتى الفجر، يؤدي إلى تلف عدد كبير من المزروعات».
ويصل إنتاج لبنان السنوي من الحمضيات إلى حوالي 250 ألف طن يصدّر منه حوالي 50 في المئة. ومن الموز حوالي 200 ألف يصدر منه حوالي 30 في المئة.
وتبلغ كلفة نايلون الخيمة الزراعية الواحدة (طول 50 مترًا وعرض 8 أمتار) بين 800 وألف دول (حسب نوعية النايلون)، ويخدم ثلاث سنوات. أما كلفة الدونم المزروع (ثمن شتل، أدوية، أسمدة، مبيدات) فتتراوح بين 3 و4 ملايين ليرة بحسب الصنف، يضاف إليها 2.5 مليون يد عاملة، أي تبلغ الكلفة الفعلية حوالي 6.5 ملايين ليرة لإنتاج 8 أو 10 ملايين ليرة بحسب الصنف. ويشير عسيران هنا، إلى أنه «عند وقوع الكارثة في الخيمة، وتموت الشتلة بسبب الجليد مثلاً، فإن الخسارة تشمل المبلغ كله، وساعتئذ على المزارع أن يؤسس من جديد».
اجراءات مزعجة
عن وسائل الوقاية، يوضح الحويك أن «المزارعين في المناطق الجبلية والساحلية، يفترض أن يكونوا قد ربطوا أشجارهم كي لا تتكسر أغصانها، وغطّوا شتل الفواكه، كما يفترض بأصحاب الخيم أن يكونوا قد جددوا النايلون، وثبتوا خيمهم في الأرض».
أما عسيران فيلحظ أن إمكانيات المزارعين للوقاية من العواصف والجليد غير متوافرة، وتنفيذها صعب إن لم يكن مستحيلاً، فضلا عن ذلك أن الإجراءات الاحترازية في هذا الصدد مزعجة جدًا، منها مثلا: إشعال موقدة في الحقل لتشكيل غيمة دخان فوقه في ساعات الصباح الأولى للحدّ من أضرار الجليد، وتنفيذ ذلك ليس سهلا على المزارع.
أمام هذا الوضع، لا يجد الحويك وعسيران سوى الدعاء، لأن يلطف الله بالمزارعين، في ظل دولة غائبة كليًّا عن وضع الخطط للحالات الطارئة تحدّ من الأزمات، ويأملان أن «يتمكن المزارع من تخطّي الأضرار، بعدما أثبتت التجارب السابقة أن التعويضات حبر على ورق، وليس للمزارع من يحميه، ويحمي مواسمه، سوى الله».