بيّنت الدكتورة " ريم رمضان أستاذة تمويل المشروعات الصغيرة بكلية الاقتصاد" أن إقراض المشروعات الصغيرة يعتبر عملية مصرفية محفوفة بالمخاطر وخصوصاً في ظل الوضع الراهن، وذلك بسبب عدم استقرار الأفراد في أماكن وجودهم وخاصة في المناطق الريفية، حيث تصبح عملية الإقراض عملية صعبة ومعقدة وخطرة ودون جدوى ولاسيما أن المشروع الصغير قد يتوقف عن العمل أو يصيبه الشلل والخراب في ظل الأزمة الحالية، كما يعتبر الاستقرار الاقتصادي والسياسي من العناصر المهمة لإنجاح أعمال المشروعات الصغيرة ويحتاج إلى وجود نشاط اقتصادي وبيئة يسودها النمو الاقتصادي، حيث ينمو الاقتصاد وتنمو معه مشروعات أصحاب الأعمال الصغيرة لازدياد الطلب على الخدمات التي تقدمها، كما يؤثر الاستقرار الاقتصادي في جعل أعمال مؤسسات الإقراض الصغيرة أكثر حيوية وقابلية للاستمرار، أما النزاعات والاضطرابات السياسية فإنها تؤثر في أعمال مؤسسات الإقراض الصغير.
وعن الدور الحكومي الحالي لتمويل المشروعات الصغيرة في هذه الأزمة أوضحت رمضان بحسب صحيفة "الوطن" المحلية أن التحول نحو تنمية القطاع الخاص والقطاع المالي -استجابة لتقلص دور الحكومة في الأنشطة الاقتصادية- يجعل التمويل البالغ الصغر جزءاً من الإستراتيجية العامة لتنمية القطاع الخاص.
ويمكن أن تلعب الحكومة دور «الضامن» لمؤسسات التمويل الصغير بحيث تشجعها على عملها وتلعب الدور الذي تلعبه «شركة التأمين» أمام القروض المتعثرة وبذلك تساعد مؤسسات التمويل الصغير على الاستمرار والبقاء في السوق وتقديم الخدمات.
كما يمكن أن يساعد هذا في تخفيف العبء الواقع على الموارد العامة عن طريق تخفيض الدعم المالي وتوجيه موارد الإنفاق إلى قطاعات الاقتصاد الأكثر إنتاجاً، نظراً إلى أن المؤسسات البالغة الصغر كثيرة استخدام الأيدي العاملة، فإن بإمكانها استيعاب جزء كبير من العمالة الفائضة. حيث إن المؤسسات البالغة الصغر غير مقيدة بمرونة سوق العمل، لأنها تشغل صاحب المؤسسة وأفراد أسرته.
وبينت أن جميع المصارف يمكن أن تقدم خدمات التمويل الصغير كما تشير التجارب السابقة في هذا المضمار، ومن أسس عمل المصارف ابتكار خدمات تتناسب مع أعمال المشروعات الصغيرة، ولكن عادةً المصارف لا تسعى إلى تمويل هذه الشريحة وذلك لارتفاع درجة المخاطرة في ذلك، ويمكن اللجوء إلى أساليب ومنتجات التمويل الإسلامي والتي تعد القروض والمنتجات فيها متنوعة ومبتكرة وتناسب طبيعة جميع أنواع المشاريع الصغيرة.
كما أوضحت أنه يمكن اللجوء إلى المصادر المحلية مثل الجمعيات الخيرية والمجتمع المدني الذي لديه أموال الزكاة وذلك كبديل من مصادر التمويل عن مشاريع التعاون الدولية التي كانت تدعم المشاريع الصغيرة.
والمفاضلة بين دعم المشروعات الصغيرة والكبيرة في ظل الحالة الراهنة حسب الدكتورة رمضان يجب أن تعتمد على نوع وطبيعة المشروع والمنطقة التي سيعمل فيها وعلى الجهات المستفيدة وسياسات الدولة في أولويات التنمية وفي جميع الأحوال يمكن أن تخدم المشروعات الصغيرة المشروعات الكبيرة من حيث إنتاجها للمواد والخدمات، وتكون بمنزلة مدخل للعملية الإنتاجية للمشروعات الكبيرة.
فمن المفيد التركيز على جميع القطاعات التي تعمل بها هذه المشروعات -والكلام لرمضان- وحسب كل منطقة من المناطق من حيث احتياجات المنطقة تبعاً لعدد السكان فيها إضافة إلى الميزة التنافسية التي تتمتع بها كل منطقة حسب طبيعتها الجغرافية والبشرية والسكانية والموارد الاقتصادية فيها، ويمكن التركيز مثلاً على المشروعات الصغيرة الخاصة بالمنتجات الزراعية في المناطق الزراعية مثلاً، ومشروعات صغيرة خاصة بالمنتجات السياحية لتخدم السائحين في المناطق السياحية من خلال المنتجات الحرفية، ثم يتم إجراء تبادل وتسويق بين مختلف القطاعات والمناطق في القطر.
وبينت رمضان أن في الحالة الراهنة للاقتصاد السوري يمكن أن تسهم المشروعات الصغيرة في النمو الاقتصادي بشكل عام ونمو إجمالي الناتج المحلي بشكل خاص. حيث تؤثر في المجتمعات بشكل إيجابي عندما يؤدي نمو وتطوير المشروعات الصغيرة إلى خلق الوظائف ما يزيد من دخل الأسر، وتظهر أهمية ذلك خاصة في حالات الركود الاقتصادي. وتعمل المشروعات الصغيرة على زيادة قدرة المجتمعات السكانية ذات الدخل المنخفض في الحصول بشكل أكبر على السلع والخدمات، وكنتيجة لذلك تتم الاستفادة من رأس المال في مشاريع إنتاجية، وبالتالي تخفيض معدلات البطالة، وإحداث نشاط اقتصادي من خلال خلق الطلب على السلع والخدمات. كما أن تمكين المشروعات الصغيرة قد يكون الأداة الوحيدة الأشد فعالية في معالجة أوضاع الفقر وإحداث مشاركة في النمو الاقتصادي ذي القاعدة العريضة، ويمكن أن تساعد المشروعات الصغيرة في تخفيض عدد الفقراء من خلال تشغيل القادرين منهم.