كشفت صحيفة "الوطن" المحلية أن الحكومة السورية تبنت خلال العام الجاري ما سمته «مقاربة تنموية تدخلية». ووضعت لهذه المقاربة أبعاداً لكل منها أهداف خاصة، تسعى الدولة من خلالها إلى تدعيم حركة النشاط الاقتصادي وزيادة القدرة على ضبط الأسواق وخفض الأسعار، بما في ذلك العمل على تعزيز مبدأ التشاركية وغيرها من الأهداف التي تحقق الاندماج بمختلف أنواعه وأشكاله في العملية التنموية.
وحسب المعلومات فإن الأهداف التي وضعتها الحكومة تتعلق بسياستها على المستويين الآني والمتوسط، إذ لا يمكن ترجمة تلك الأهداف إلى واقع فعلي وملموس إلا من خلال توظيف تلك الأهداف ضمن خطط تفصيلية وأخرى متوسطة؛ ستعمل الجهات العامة كافة من وزارات ومؤسسات إلى المشاركة في وضعها ومناقشتها ليتم اعتمادها بشكل أساسي كنهج اقتصادي تنموي جديد للحكومة.
وتقوم «المقاربة التنموية التدخلية» التي تبنتها الحكومة خلال 2014 على مجموعة من الأهداف ذات ثلاثة أبعاد، يتعلق الأول بتفعيل الحركة الاقتصادية والاجتماعية وإعطاء الأولوية للقطاع الإنتاجي الزراعي والصناعي، كما يتعلق البعد الثاني بزيادة قدرة الدولة على التدخل في السوق، أما البعد الثالث فيعتمد على تعزيز مفهوم التشاركية وإعادة الاندماج الاقتصادي والاجتماعي في العملية التنموية والإنتاجية.
ومن أجل ترجمة الأبعاد المذكورة إلى واقع فعلي، قالت مصادر حكومية مطلعة لـ«الوطن» إنه تم تحديد أهداف تنموية محددة تقوم عليها سياسة الدولة التنموية على المستويين الآني والمتوسط، إذ تتركز تلك الأهداف في خلق قنوات إنتاجية جديدة تساهم في رفد الخزينة العامة للدولة بالليرة السورية وبالقطع الأجنبي أي الدولار التصديري.
ومن بين تلك الأهداف أيضاً تحسين المستوى المعيشي وزيادة القدرة الشرائية للمواطنين من خلال تخفيض تكاليف الإنتاج والأسعار النهائية وتوفير السلع بكميات كبيرة في الأسواق، إلى جانب تطوير الإنتاج المحلي السلعي والخدمي بطريقة مرنة من حيث القطاع والنشاط والتوزع الجغرافي.
وركزت الأهداف أيضاً على زيادة معدلات التشغيل وإعادة الاندماج في النسيج الاجتماعي، كذلك زيادة المكون المحلي في السلة الاستهلاكية باتجاه تحسين مقومات الأمن الغذائي، وأخيراً تخفيف أعباء الاستيراد وتعزيز الطلب على الليرة السورية.
وتضيف المصادر لـ«الوطن»: إنه لكي تصبح الأهداف المذكورة أمراً واقعاً لابد من استكمال عوامل نجاحها من حيث التخطيط والتنفيذ والمتابعة، سواء أكان على المستوى الكلي أم القطاعي أو الجزئي أو المحلي. مشيرة إلى أن توصيات المجلس الأعلى للتخطيط وبيان الحكومة المالي كانت الخطوة الأولى في تحقيق هذه الأهداف.
وفي هذا الصدد، تؤكد المصادر الحكومية المطلعة على هذا الشأن لـ»الوطن» أنه وبتوجيه من رئيس مجلس الوزراء وائل الحلقي تم الطلب من جميع الوزراء وضع خطة تفصيلية من حيث الأهداف والسياسات والمشاريع والبرامج التي تهدف إلى الارتقاء بالعملية التنموية وبالعمل الحكومي في ظل ترشيد وضبط الإنفاق بشقيه الجاري والاستثماري وبما يساهم في تحقيق الأهداف المذكورة أعلاه.
وإلى جانب تلك الخطة التفصيلية المذكورة، تم الطلب أيضاً وضع خطة متوسطة لثلاث سنوات متتالية تشكل إطاراً عاماً وتفصيلياً لخطط مختلف الجهات العامة التابعة لجميع الوزارات، بحيث تعطي الخطة مرونة التكيف للجهات المختلفة لتنفيذ مشاريعها، وتمنح الجهات المختصة القدرة على تحديد المسؤولية وفق النتائج المحققة، وحسب المصادر نفسها فإن الوزارات وبعد وضعها الخطط المذكورة سيتم مناقشتها لدى هيئة التخطيط والتعاون الدولي ليصار إلى صياغتها من الهيئة في إطار خطة واحدة متكاملة ومن ثم إقراراها في مجلس الوزراء.
ويلاحظ من خلال هذا التوجه أن الحكومة بدأت وبعد دراسة للآثار السلبية التي انعكست على الوضع الاقتصادي كله نتيجة ظروف الأزمة التي تمر بها البلاد؛ العمل على التدخل الفوري والسريع لإعادة ترميم ما تم تخريبه على بعض المستويات، إذ إن الخطط المزمع وضعها ستعوض نوعاً من الخسارات التي تعرض لها المواطن على صعيد انخفاض القوة الشرائية لليرة، كذلك تخفيض الأسعار بعد أن ارتفعت إلى مستويات قياسية غير معهودة. بالإضافة إلى أن الخطط يمكن أن تتضمن خطوات تساعد على تنشيط التصدير بشكل محدود لطالما ركز أحد الأهداف على رفد الخزينة بالقطع وعلى الأخص الدولار التصديري، كما يبرز الهدف الأهم في الخطط المرتقبة وهو إعادة الاندماج الاقتصادي والاجتماعي في عملية التنمية بعد أن عملت الأزمة على إحداث شرخ كبير أدى إلى خروج الكثير من القطاعات الاقتصادية عن خدمة النسيج الاجتماعي وإغلاق الكثير من الورش المهنية والصناعية التي أفقدت الكثير من العاملين وظائفهم ومهنهم بعد أن كانوا يقومون بشيء من التنمية وإن كانت بحدود ضيقة ونسب ضئيلة.