كشفت دراسة حكومية اعدت مؤخراً حول ظاهرة ارتفاع الأسعار في الأسواق والتلاعب الذي مارسه العديد من التجار كما قدمت مقاربة لأداء ومهام الجهات المعنية بضبط الأسعار ومراقبة الجودة وتناولت أهم الإجراءات التي اتخذتها هذه الجهات لوضع حد لارتفاع الأسعار ومن ثم تطرقت لأهم نقاط الخلل التي تعرقل أدائها للمهام الموكلة إليها
فيما يتعلق بأداء الجهات المعنية برسم سياسات ضبط الأسعار ومراقبة جودة السلع يرى العديد من المختصين أن دور وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لم يكن فعالا بالرغم من أن مرسوم إحداثها رقم 46 لعام 2012 أناط بها مهام وزارة التموين والتجارة الداخلية سابقاً بما يعنيه من عودة الوزارة لممارسة دور تدخلي فعلي في الأسواق إلا أنها لم تتمكن من القيام بهذا الدور بالشكل المطلوب نظراً لتعارض هذه المهام مع سياسات الانفتاح الاقتصادي المتبعة من قبل وماراكمته خلال تلك الفترة من قوانين وتشريعات تحد من دور الدولة التدخلي كما أن عدم صدور النطام الداخلي للوزارة والتأخر في اعتماد بناء الهيكل التنظيمي المناسب بالرغم من مرور أشهر على إحداثها أثر سلباً على قدرة الوزارة في تحقيق ما هو مأمول منها .
بنفس الوقت بينت الدراسة وفقا لصحيفة "الثورة" تأثر أداء وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بسياسات تحرير الأسواق التي جرى تكريسها في السنوات الماضية من خلال حزمة من القوانين والقرارات الحكومية لاسيما المرسوم التشريعي رقم 21 لعام 2007 الذي حدد مهام الوزارة بمعالجة الآثار السلبية على الاقتصاد الوطني ووضع الآليات الملائمة للمحافظة على توازن السوق الداخلية وخلق بيئة ملائمة لتفعيل المنافسة وحماية المستهلك، وفي هذا السياق لابد من الإشارة إلى تأثر أداء الوزارة بعدد من العقبات وخاصة عملية الاستيراد بسبب الحظر الخارجي والعقوبات الاقتصادية لاسيما آلية تمويل المستوردات وتأمين الأسواق البديلة الأمر الذي حدا من إمكانية ممارسة تدخل إيجابي مؤثر في الأسواق في الوقت الذي لم تتمكن فيه الوزارة من تعديل مهامها بما يتناسب مع التطورات المستجدة ويساعد على التكامل في الأدوار مع وزارة التجارة الداخلية والجهات المعنية الأخرى .
واخيرا تخلص الدراسة إلى جملة من المقترحات بغرض تفعيل دور الجهات المعنية بضبط الأسعار ومراقبة الجودة ومن أهمها ضرورة تنسيق جهود الجهات المعنية بضبط الأسواق لاسيما وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ووزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية والمصرف المركزي والهيئة العامة للمنافسة ومنع الاحتكار بالإضافة الى غرف التجارة والصناعة وجمعية حماية المستهلك بصورة تحقق التكامل بين جميع مكونات منظومة الرقابة على الأسعار لتؤدي النتائج المرجوة منها ومن المقترحات الهامة ايضا اعتماد سياسة واضحة واتخاذ الاجراءات لمواجهة فوضى الأسواق وتلاعب التجار بما يسهم في تفعيل دور مؤسسات التدخل الايجابي لتلعب دوراً قوياَ وفعال في ضبط الأسواق بالإضافة إلى توفير الإطار القانوني لهذه الجهات لاسيما اصدار النظام الداخلي وبناء الهيكل التنظيمي المناسب لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وإعادة النظر بالمهام الحالية لوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية الحالية وبالتشريعات والقرارات الناظمة لعملها.
إيلاء الاهتمام بتطوير آلية صناعة القرار الحكومي والاستفادة ما أمكن من التقينات المتطورة وأنظمة الإنذار المبكر ودعم القرار واستطلاعات الرأي بالإضافة إلى وضع آليات منهجية لتقييم أداء الجهات العامة ترتكز على معايير واضحة يتم من خلالها التعرف على نقاط الخلل التي تعاني منها بغرض الارتقاء بالأداء الحكومي بما يعزز الثقة بين المواطن والحكومة .