واصل القطاع المصرفي اللبناني أداءه القوي خلال العام 2013 ، على الرغم من التباطؤ في النمو الاقتصادي، الذي يعاني منه الاقتصاد اللبناني ومن الاضطرابات في الدول المجاورة والمنتشرة فيها المصارف اللبنانية. في حين أظهر مؤشر النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص BLOM LEBANON PMI انكماشاً في الحركة الاقتصادية خلال النصف الثاني من العام الماضي، كانت المصارف اللبنانية الثلاثة الكبرى تسجل نمواً في التسليف والودائع وتحافظ على مستوى عالٍ من الأرباح. فقد كان مجموع الأرباح الصافية للثلاثة مصارف الكبرى عن العام 2013 بحدود 815 مليون دولار أميركي على الرغم من اقتطاع هذه المصارف مؤونات صافية مرتفعة لمواجهة الأخطار والأعباء.
على صعيد الأرباح لكل مصرف بمفرده، ووفقا لصحيفة "السفير" اللبنانية فقد كان "بنك لبنان والمهجر" المصرف الوحيد بين المصارف الثلاثة الكبرى، الذي حقق نمواً في أرباحه، كما حقق أعلى مستوى للأرباح بلغ 353 مليون دولار بزيادة 5 في المئة عن عام 2012. وجاء "بنك عوده" في المرتبة الثانية حيث بلغت أرباحه 305 ملايين دولار بانخفاض 15 في المئة عن 2012، وحلّ "بنك بيبلوس" في المرتبة الثالثة إذ بلغ مستوى أرباحه 157 مليون دولار بانخفاض قدره 6 في المئة.
كذلك يحافظ "بنك لبنان والمهجر" على المرتبة الأولى، إذا ما قارنا الأداء في الربحية وفي الكلفة لكل من البنوك الثلاثة. بالنظر إلى المعدلات النسبية للربحية التي تقيس الإنتاجية في استخدام رأس المال والموجودات لتوليد الإيرادات، فقد حلّ "بنك لبنان والمهجر" في المرتبة الأولى حيث بلغ المردود على متوسط رأس المال (ROAE) 16.75 في المئة والمردود على متوسط الموجودات 1.38 في المئة (ROAA)، بينما حلّ "بنك عوده" في المرتبة الثانية إذ بلغ الـ ROAE 12.6 في المئة والـ ROAA 0.9 في المئة، في حين بلغ كلّ من المردود المماثل 10.77 في المئة و0.89 في المئة على التوالي لـ "بنك بيبلوس". ومما يفسر الأداء الأفضل لـ"بنك لبنان والمهجر" هو الكفاءة في تحقيق الإيرادات والفعالية في التحكم بالكلفة التشغيلية مقارنة بالبنوك الأخرى ، حيث بلغت نسبة الكلفة إلى الإيرادات (مع احتساب خسائر الإئتمان Credit Loss) لـ"بنك لبنان والمهجر" 37.8 في المئة بينما بلغت النسبة المماثلة 56.5 في المئة و48.1 في المئة لكل من "بنك عودة" و"بنك بيبلوس" على التوالي.
أما في ما يتعلق بميزانيات المصارف، فإنه يمكن القول ان ميزانيات البنوك الثلاثة الكبرى قد اتسمت بشكل عام بنمو قوي ومتوازن. فعلى صعيد "بنك عوده"، ارتفعت موجودات البنك إلى 36.12 مليار دولار بزيادة 15.36 في المئة عن عام 2012 وازدادت القروض إلى 14.6 مليار دولار، بزيادة قوية قدرها 43.18 في . وتعود الزيادة اللافتة في ميزانية "بنك عودة" في المقام الأول إلى أن عام 2013 هو العام الأول الكامل التشغيلي للمصرف في تركيا، حيث كان المصدر الاساسي لزيادة ودائع وتسليفات البنك. وبالنسبة ل"بنك لبنان والمهجر"، فقد ثابر أيضا على نموه العضوي المتزن والقوي، حيث ازدادت موجودات البنك إلى 26.15 مليار دولار بزيادة 4.4 في المئة وارتفعت القروض إلى 6.33 مليارات دولار بزيادة 5.23 في المئة. أما "بنك بيبلوس"، فقد شهدت ميزانيته أيضاً نموا قوياً إذ ارتفعت موجودات البنك إلى 18.49 مليار دولار بزيادة 8.65 في المئة وازدادت القروض إلى 4.5 مليارات دولار بزيادة 9.52 في المئة.
تـجدر الإشارة إلى أن المصارف الثلاثة الكبرى قد استطاعت زيادة حقوق المساهمين لديها، فأتت الزيادة على النحو التالي: تجاوزت زيادة حقوق المساهمين لدى "بنك لبنان والمهجر" نسبة 7.6 في المئة ليصل إلى 2.35 مليار دولار بينما ارتفع بند حقوق المساهمين لدى "عوده" بحدود 1 في المئة ولدى "بيبلوس" 0.73 في المئة ليصل إلى 2.7 مليار دولار و1.7 مليار دولار على التوالي.
مما لا شك فيه أن عام 2013 كان عاماً صعباً على لبنان من حيث عدم الاستقرار السياسي والأمني الذي انسحب، وبشكل طبيعي، على الاداء الاقتصادي. إلا ان المصارف اللبنانية استطاعت التأقلم والحفاظ على نتائج جيدة، بفضل إداراتها المحافظة ومرونتها وقدرتها على التعامل مع الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعصف بلبنان والمنطقة ، خصوصا ان هذه النتائج قد اقترنت بمؤشرات مالية سليمة على صعيد كفاية رأس المال والسيولة والقروض المشكوك بتحصيلها وبتغطيتها.