قالت مصادر في مصرف سورية المركزي ان الآلية المتبعة لمعالجة الديون المتعثرة تقوم على التمييز بين حالات التعثر مع مراعاة أن الأزمة لم تنتهِ بعد.
وأوضحت المصادر أن الصناعي قد لا يستطيع العودة للإنتاج لأسباب عديدة (سرقة معمله أو تدميره، أو وجوده في منطقة غير آمنة) حتى ولو تمت جدولة ديونه، لكن لا بد أن يبقى الحوار والمفاوضات مستمرة بينه وبين المصرف المقرض للوقوف على تطور أوضاعه وقدرته على السداد، وقد يكون المتعثر قادرا على متابعة أعماله جزئياً ويرغب بالالتزام بتسديد القروض المترتبة عليه فهذه الفئة من المتعثرين سوف تستفيد من المرونة التي ستمنحها الحكومة لجدولة الديون، في حين هناك فئة المتذرعين بالأزمة كغطاء لعزوفهم عن السداد على الرغم من توفر الملاءة المالية الكافية لتسديد مستحقاتهم أو على الأقل لتسوية أوضاعهم، و فئة ادعت التعثر ما قبل الأزمة علماً أنه لا علاقة للأزمة بديونها بل أنها استغلت الظروف لكي تتخلف كلياً عن دفع ما يترتب عليها وقامت بتحويل كامل قيمة مدخراتها إلى قطع أجنبي معولة على انخفاض قيمة الليرة السورية وبالتالي تسديد ما يترتب عليها من فرق سعر الصرف فقط وقد تنبه المصرف المركزي للنوايا المبيتة لهذه الفئة وقام بملاحقتها قبل الأزمة وما زالت المتابعة مستمرة.
ويتابع المركزي العمل لتحديد كل الحالات ومدى توفر حسن النية اي الرغبة بالسداد من عدمه، فبالنسبة للمتعثرين بسبب الأزمة مع توفر الرغبة والقدرة على السداد عمل مصرف سورية المركزي على استصدار المرسوم التشريعي رقم /8/ للعام 2014 المتعلق بجدولة ديون المشاريع الاقتصادية المتعثرة لدى المصارف العامة، وبسبب الطبيعة الخاصة للظروف الحالية فإن موجبات تعثر العملاء في تسديد ديونهم غير مستقرة، والعديد من المشاريع المتوقفة عن العمل جزئياً أو كلياً قادرة على الإقلاع واستعادة حركة الإنتاج وتقديم الخدمات بمجرد تغير الظروف وربما عند مستويات أعلى من السابق في ظل الفجوة الكبيرة بين الطلب والعرض المتوقع حدوثها عند عودة دوران العجلة الاقتصادية.
وبالتالي فإن مؤشرات التعثر هي على الأغلب ذات طبيعة مؤقتة تزول بزوال المسببات ويترتب على هذا الأمر معالجة الديون المتعثرة نتيجةً للظروف الحالية بصورة مختلفة عما تتم به معالجة الديون المتعثرة في ظل الظروف العادية، حيث يتطلب الأمر النظر إلى هذا التعثر على أنه مؤقت وبالنتيجة تمنح الفرصة للعميل المتعثر لسداد دينه عند تحسن الظروف.
أما بالنسبة للمتعثرين غير الراغبين بتسوية أوضاعهم على الرغم من قدرتهم على ذلك فإن المركزي، وفقا لصحيفة الثورة المحلية، يعمل حالياً بالتنسيق مع اللجنة الاقتصادية المصغرة على وضع التدابير الواجب اتخاذها لمعالجة وضع هذه الديون وتحديد معايير لانتقاء المدينين المتعثرين الواجب تطبيق الإجراءات الصارمة بحقهم لحثهم على التسديد وتسوية أوضاعهم مع المصارف، على أن يتم اتخاذ هذه الإجراءات من قبل إدارات المصارف العامة والخاصة المعنية لضمان عدم ضياع حقوق أياً من هذه المصارف إزاء المدينين في حال عدم التزامهم بتسوية أوضاعهم خلال الفترة المحددة لذلك.
ويعمل المصرف المركزي على إتباع أسس ومعايير منطقية وشفافة لمعالجة الديون المتعثرة بما يضمن حماية القطاع المصرفي وتجنيبه مخاطر الفشل المالي والحرص الدائم على إيجاد الطرق الكفيلة بتحصيل حقوق المصارف العاملة، مع التمييز دائماً بين العملاء حسب كل فئة وكل حالة .
وتتابع مصادر مصرف سورية المركزي بان المركزي حرص على مدار الأعوام السابقة على توفير البنية السليمة لحماية وضمان استقرار القطاع المصرفي وذلك من خلال حزمة الإجراءات الوقائية التي اتخذها والتي ساهمت في حماية القطاع المصرفي من مخاطر التعثر أو الانهيار أو التعرض للأزمات المالية، وتمثلت هذه الإجراءات بسلسلة القرارات والأنظمة التي أصدرها المركزي لتنظيم العمل المصرفي عموماً وتنظيم النشاط المصرفي الذي يتركز بشكل أساسي بمنح التسهيلات الائتمانية بشكل خاص، هذا بالإضافة إلى المتابعة المستمرة لمكونات القطاع المصرفي من خلال ممارسته لدوره الرقابي والإشرافي ومتابعة القطاع المصرفي وتقييم أدائه ومعالجة القصور ومواطن الضعف، كما أن إجراءات المصرف المركزي لم تتوقف عند الإجراءات الوقائية فحسب بل عمل على اتخاذ إجراءات علاجية لجهة متابعة المصارف بحق العملاء المتعثرين وتصنيف الديون وتشكيل المخصصات اللازمة لذلك.