قال أنطوان بتنجانة " عضو اتحاد المصدرين السوري ان الدولة تعرض برغم بالوضع الاقتصادي الصعب، مرافق واراضي بأسعار أرخص وشروط مغرية، وبالتقسيط الذي يصل لعشر سنوات.
وأشار ان بعد مرور ثلاث سنوات للازمة في بلدنا إلا ان بعض المصدرين والمصنعين والمستثمرين السوريين الذين انتقلوا الى البلدان االمجاورة لتسيير أعمالهم بدؤوا بالعودة إلى بلدهم الآن.
وقال بتنجانة لرويترز على هامش معرض للصناعات الغذائية في دبي حيث كان يعمل على تسويق المنتجات السورية إن المرء لا يعرف قيمة ما عنده إلى أن يضيع من يديه.
وأضاف أن تشغيل أعماله من الخارج أكثر كلفة بكثير وفي لبنان الذي انتقل إليه تكلفة الكهرباء والماء أكثر كثيرا مما كان يدفعه في سوريا. وقال على سبيل المثال إن سعر المتر المربع من الأرض في المجمعات الصناعية في سوريا 16 دولارا فقط ويمكن دفعها على فترة عشر سنوات مع إتاحة استعمال كل المرافق وتوفير الطاقة الرخيصة.
ويبدو تسويق الصادرات الغذائية في وقت تجد فيه سوريا صعوبة بالغة في اطعام سكانها حلما اكثر منه واقعا لكنه يعبر عن رغبة شديدة من جانب الأسر التي استثمرت كل حياتها في نشاطها التجاري في الحفاظ على استمراره.
ونقل بتنجانة - الذي يشارك في عدد من انشطة تجارة المواد الغذائية إلى جانب تصدير زيت الزيتون - مكتبه إلى لبنان لكنه قرر عدم إقامة مصنع هناك بعد ان درس امكانية ذلك.
وقد تنقل بين بيروت ودمشق ما يزيد على عشر مرات في الشهر الاخير ويخطط الان للعودة بشكل دائم لإدارة أعماله في مجال زراعة الزيتون في منطقة دمشق وعصره وتكرير الزيت في مصنع في طرطوس على ساحل البحر المتوسط قرب الحدود اللبنانية.
وأفلتت طرطوس نسبيا من اضرار القتال بينما تسير الحياة بشكل يسمح بالعمل في دمشق وبعض الضواحي التي تسيطر عليها الحكومة برغم عدم استقرار امدادات الكهرباء.
وكانت صناعة الملابس والصناعات الغذائية تولد قبل الصراع الجانب الاكبر من نشاط التصدير السوري. وكانت سوريا رابع اكبر مصدر في العالم لزيت الزيتون حيث كانت تنتج 250 الف طن سنويا وتصدر زهاء 50 في المئة من تلك الكمية.
وقال بتنجانة إن كثيرا من زيت الزيتون كان يصدر في صورته الخام الى إيطاليا حيث يعبأ ويعاد تصديره.
وتضاءلت الصادرات الان الى كميات لا تذكر.
وأدى الصراع إلى تدمير 80 في المئة من المصانع وقضى تماما على المنطقة الصناعية في حلب. ويعد النهب ايضا مشكلة مألوفة تستنزف المحزونات في مواقع التخزين.
ويقوم الباحثون عن ربح سريع بشحن زيت الزيتون وغيره من السلع الغذائية الى الخارج. وقال بتنجانة إن كثيرا من السلع ومن بينها الزيتون تهرب الآن عبر الحدود الى بلدان مثل تركيا.
لكن برغم استمرار هيمنة المشاكل المالية ومشاكل النقل والتخزين يقول رئيس اتحاد المصدرين محمد السواح إنه لا بديل بالنسبة للبعض غير محاولة تشغيل أعمالهم في سوريا.
وقال السواح إن هؤلاء الناس لهم مصانع ولا يمكن لأحد أن يحمل مصنعه على كتفه ويرحل مضيفا أنها ثقافة مختلفة عن ثقافة التجارة.
ويقول أصحاب المصانع إن بعض المناطق في سوريا لم تتأثر بالحرب والعمل فيها آمن ومن بينها مناطق حتى في حمص التي خرب القتال أحياءها القديمة التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة.
وقال السواح إن دمشق وبعض ضواحيها صالحة للعمل التجاري وحمص وطرطوس لم تلحق بهما أضرار بالمرة لكنهما تعانيان من مشاكل بسبب صعوبة النقل. وأضاف أن الطرق باتت الآن أكثر أمنا والطرق السريعة مفتوحة ومن ثم تحسنت مشاكل النقل كثيرا.
واضطرت بعض المصانع التي عادت للعمل في الأشهر الأخيرة للتركيز على إمداد السوق المحلية لا التصدير بسبب نقص السلع في تلك السوق. وأفاد السواح يأن قطاع الصناعات الغذائية ينتج الآن نحو 15 في المئة مما كان ينتجه قبل الحرب.
ومن يتمكنون من التصدير يتغلبون على مشاكل التمويل وصعوبات النقل التي قد تنشأ اعتمادا على علاقات تجارية راسخة منذ أمد بعيد.
وقال السواح إنه على سبيل المثال يزاول النشاط التجاري الآن مع شخص كان جده يتعامل معه مضيفا أن مثل هذه العلاقات لا تقام بين يوم وليلة. وقال إن بعض المصنعين يتعاملون تجاريا مع أقاربهم في بلدان مجاورة مثل العراق.
ومع ذلك فبغض النظر عن مدى قوة الرغبة في العودة إلى العمل كالمعتاد فما زال الأمن هو الشغل الشاغل.
وقال بتنجانة "لا نطلب شيئا من الحكومة كل ما نريده هو أن تظل المناطق الصناعية في دمشق وحمص وحلب آمنة."
ويقع جناح الشركة السورية لزيت الزيتون في المعرض السنوي للصناعات الغذائية في دبي (جلفود) الذي تجري فعالياته حالياً ضمن الجناح السوري والذي يضم عدة شركات سورية اخرى تسعى لتسويق منتجاتها من الحلويات والمكسرات والعدس وغيرها من السلع.
ولا تنطبق العقوبات التي يفرضها الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة وبلدان اخرى على الحكومة السورية على الغذاء لكن تجميد المعاملات المالية الدولية عوق إلى حد بعيد قدرة سوريا على عقد صفقات استيراد لسلع حيوية مثل دقيق القمح والأرز والسكر.
وعانى القطاع الزراعي الكثير أيضا وكان محصول القمح في سوريا هذا الموسم أضعف محصول منذ ثلاث سنوات. وتشير التقديرات التي جمعتها رويترز مما يزيد على عشرة من مسؤولي الحبوب والتجار المحليين في أواخر يوليو تموز إلى أن المحصول أقل من نصف مستواه المعتاد قبل الحرب.