أوضح "مدير عام هيئة تنمية وترويج الصادرات إيهاب اسمندر" أن إن الدولة السورية مضطرة للاستيراد بكثافة لتعويض النقص الحاد في بعض المنتجات في الوقت الراهن، وأن مفهوم إحلال المستوردات لا يعتبر حلاً مثالياً لكل المشاكل التي تعصف بالاقتصاد السوري.
وبين "إسمندر" بحسب صحيفة "الوطن" أن مفهوم إحلال المستوردات وبالرغم من أنه يبدو من الناحية الظاهرية منطقي ومناسب في العديد من الأنظمة الاقتصادية إلا أن التطبيق العملي له يكشف العديد من الثغرات فيه؛ فالإمكانات المتاحة للاقتصاد لا تستطيع تعويض كل المواد المستوردة ببدائل محلية، إضافة إلى أن العناقيد الإنتاجية وتسلسل العمل الإنتاجي قد يكون مكلفاً أكثر من تلك الخاصة بالدول التي نستورد منها.
وأوضح اسمندر أن الاقتصاد السوري يعتبر من الاقتصاديات التي تندمج بشكل كبير بالاقتصاد العالمي في جانب التجارة الخارجية؛ فمعدل الانكشاف الاقتصادي في السنوات الأخيرة ما قبل عام 2011 تجاوز نسبة 60% وكان للقوانين التيسيرية التي اتخذتها الحكومة حينذاك بالغ الأثر في تسهيل عملية التبادل التجاري سواءً أكان تصديراً أم استيراداً، وبالمحصلة أدى هذا الانفتاح التجاري إلى تطور نوعي في بعض المنتجات التصديرية السورية على المستوى العربي والدولي ولاسيما صناعات الأغذية المعلبة والصناعات النسيجية، فكانت سورية ما قبل الأزمة الدولة الأولى عربياً من ناحية معدل كفاءة التجارة في الصناعات النسيجية كما كان لدى سورية فائض في العديد من المنتجات الزراعية وبعض المنتجات الصناعية كالمشتقات النفطية لكننا بسبب ظروف الأزمة أصبحنا نعاني نقصاً في هذه المنتجات ما يضطر الدولة إلى اللجوء للاستيراد.
ولفت اسمندر إلى أنه ليس من السهل على الاقتصاد السوري أن يقوم بإحلال مستورداته لأنه اعتاد على التبادل والانفتاح التجاري. مؤكداً ضرورة العمل على تطوير جميع مكامن القوة في الاقتصاد السوري سواءً في ظل العقوبات أم في عدمها بما فيها المكمن الإنتاجي والتركيز على السلع القابلة للتطور مع الأخذ بعين الاعتبار عدم إمكانية أن تصل كل المنتجات التي ننوي تطويرها إلى المستوى المنشود لأن الرغبة شيء والإمكانات شيء آخر؛ وعليه نحن مضطرون إلى استيراد بعض الأنواع من السلع الضرورية للعمل الاقتصادي كتلك التي تمتلك محتوى تكنولوجياص غير متاح في الاقتصاد الوطني وبعض السلع الأولية والسلع الغذائية والطبية والدوائية التي يصعب تأمينها عبر الإنتاج المحلي.
هذا ودعا اسمندر إلى العمل على ترشيد الاستيراد قدر المستطاع مشيراً إلى أن الانفتاح الاقتصادي عادةً ما يؤدي إلى الترشيد بحكم أن المنافسة تصبح سيدة الموقف ما يرتب علينا أن نكون أكثر عقلانية في عملية الإنتاج وأن تكون مستورداتنا منتقاة بعناية حيث تلبي الاحتياج الحقيقي حتى لا تؤثر في تكاليف المواد التي نخطط لتصديرها لاحقاً.
وفيما يخص إعادة النظر في التشريعات والقوانين الحمائية وخصوصاً بعد التجربة التركية بيّن اسمندر في حديثه لـ«الوطن» أن الضرر الناجم عن تحرير التجارة مع دولة معينة يكون في بعض الأحيان ناتجاً عن آلية التحرير وليس من فكرة التحرير بحد ذاتها؛ فعندما يُصاغ التحرير بطريقة تأخذ بعين الاعتبار جوانب القوة والضعف في الاقتصاد السوري سيكون بالإمكان تعظيم إيجابيات التحرير على حساب سلبياته، وليس أدل على ذلك -حسب اسمندر- من اتفاقية الـGAFTA (اتفاقية تحرير التجارة العربية الكبرى) والتي قامت سورية من خلالها بتحرير تجارتها بالكامل مع جميع الدول العربية وبدرجة أكبر مما كان عليه الحال مع تركيا ومع ذلك بقيت سورية هي الطرف المستفيد من تلك الاتفاقية، كما أشار اسمندر إلى أن معظم اتفاقيات تحرير التجارة تتضمن بنوداً خاصةً للمراجعة الدورية مشدداً على أهمية أن تكون المراجعة بطريقة علمية مدروسة تشمل كل الجوانب التشريعية وتقيس مدى مواءمتها للحالة الاقتصادية التي تمر بها الدولة حيث تنعكس بالشكل الأمثل على الاقتصاد الوطني.