أكد عدد من الاقتصاديين، وجود صعوبة في قياس الأداء الحكومي، لأنه يندرج تحت معايير غير كمية تتعلق بالنواحي الأخلاقية من استقامة ونزاهة، فضلاً عن التشابكات الكبيرة بين مؤسسات القطاع العام، وإذا ما أردنا تقييم أداء أي شركة عامة لابد من مراجعة ميزانيتها بشكل أساسي لمعرفة قيمة أرباحها الحقيقية.
وبين مدير شؤون المؤسسات والشركات في وزارة الاقتصاد والتجارة أحمد حامد، أن بعض المديرين العامين يتباهى بربحية مؤسسته غير الرابحة في الأصل وفق حسابات الميزانية الختامية للمؤسسة، على اعتبار أن نفقاتها أكبر من إيراداتها، فعلى سبيل المثال يورد بعض المديرين أمام رؤسائه أن قيمة شراء سلعة ما بلغ 10 ملايين ليرة سورية، وتم بيعها بـ 12 مليوناً، أي إن قيمة الربح الصافي من هذه العملية هو 2 مليون، لكنه في حقيقة الأمر يخفي ما يلحق بها من نفقات إدارية ورواتب وأجور، فتكون المؤسسة في نهاية المطاف خاسرة لدى حساب الميزانية الختامية لها.
ولفت حامد، وفقاً لجريدة البعث، إلى أن الحل الأمثل لتحسين مستوى الأداء يتمثل بضرورة تعديل مراسيم إحداث هذه المؤسسات بما يتماشى مع الواقع الراهن والمنافسة الحقيقية مع القطاع الخاص، حيث تمنح المؤسسات الاقتصادية التجارية والصناعية الاستقلالية في ميزانياتها، وأن تتعامل بمنطق الربح والخسارة مثلها مثل أي تاجر، لأن استمرار العمل بالأنظمة الحالية في ظل المنافسة الشديدة للقطاعات الأخرى يزيد من تراجع أدائها ويوقعها في مآزق مالية لا يمكن أن تستمر معها.
بدوره أوضح الاقتصادي زكوان قريط، أنه لدى معاينة مستوى أداء إحدى شركات القطاع العام، يجب حساب قيمة موجوداتها وأصولها الثابتة وخاصة الأرض التي هي في حالة ارتفاع دائم، إلى جانب حساب المصاريف المترتبة عليها نتيجة التشابكات المالية بينها وبين الشركات العامة الأخرى وتصفيتها، كفواتير الكهرباء والهاتف وغيرها من التراكمات، حتى نستطيع الوقوف على الوضع المالي لهذه الشركات لنرى ما إذا كانت خاسرة أم رابحة وبالتالي يمكن قياس أدائها بشكل دقيق.
وأكد قريط، على أهمية قياس الأداء أولاً بأوّل وبشكل مستمر، وذلك من خلال تفعيل دور المواطن حيث يعبّر عن مستوى رضاه عما يقدّم له من خدمات، واعتماد أساليب تواصل معه كاستطلاعات الرأي، وهنا يجب على الإعلام أن يلعب دوراً كبيراً فيها وعليه أن يكون شريكاً مهماً واستراتيجياً في هذه العملية.
وأضاف قريط، أن العامل الثاني لقياس الأداء يتمثل بوجود جهة رقابية مستقلة ذات صلاحيات واسعة جداً وقادرة على محاسبة المقصّر الفاسد، ومكافأة المجدّ المثابر، معتبراً أن الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش غير قادرة على القيام بهذا الدور لكونها أصبحت عجوزاً، مقترحاً إحداث هيئة عليا لقياس الأداء الحكومي تقوم بمراقبة كل مفاصل عمل القطاع العام، ومحاسبة كل من لا يُقوّم أداءه بعد إعادة هيكلتها، لا أن يتم اللجوء إلى بيع المؤسسات الاقتصادية الخاسرة وإلحاق موظفيها بجهات إدارية أخرى تحت ذريعة الحفاظ على حقوقهم، فالأجدى إما البحث عن مشروع آخر يحقق إيرادات للخزينة العامة للدولة، أو تطوير العمل بكل حيثياته وتفاصيله بدءاً من الكادر البشري، ومروراً بالآلات، وانتهاءً بالتسويق.