أوضح عميد المعهد العالي لإدارة الأعمال علي الخضر، أنه كان لا بد للتقرير الأول للاستثمار الأجنبي المباشر في سورية أن يتضمن دراسة تقويمية للمرحلة السابقة تظهر فيها نقاط القوة والضعف بشكل أكبر وعلى مدار 23 عاماً الماضية من عمر الاستثمار في سورية وكان الكثير من ثمار الاستثمار الاجنبي المباشر ومخرجاته غير مرضٍ ولم يكن على قدر المأمول منه.
وأضاف الخضر،خلال فعالية إطلاق التقرير، أن حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في مجال النفط بلغ خلال الفترة الماضية 1.5 مليار ليرة وهو ما يمثل نسبة 87% من حجم الاستثمار الأجنبي وهذا مؤشر على أنه لا توجد استثمارات أجنبية مباشرة في مختلف القطاعات الاقتصادية وهو الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في ذلك والعمل على توجيه الاستثمارات التي تحتاجها بشكل فعلي العديد من قطاعاتنا الاقتصادية.
وذكر الخضر، وفقاً لجريدة تشرين، أن اعتبار قيمة 10% من رأسمال المشروع أجنبي هو كاف لاعتباره مشروع استثمار أجنبياً مباشراً أيضاً تحتاج إلى إعادة النظر وخاصة أن الكثير من المعايير العالمية غير ذلك وتصل في بعض البلدان لنسبة 100%.
ولفت الخضر، إلى ضرورة التفكير بالأبعاد السياسية للاستثمار الأجنبي المباشر، فالاستثمارات العالمية بطبيعتها موجهة سياسياً ولكون سورية في موقع الاستهداف فإن هذا قد يتسبب بضعف الاستثمار الأجنبي فيها، لذا لابد من البحث عن السيناريو الملائم للتوجه لدول معينة يمكن لها التفاعل مع منظومتنا الاقتصادية لاستقطاب الرساميل الأجنبية والتفكير باستقطاب استثمارات تشاركية تفاعلية وماعدا ذلك فالاستثمارات لن تأتي، وما لم نضمن بيئة استثمارات جاذبة فإن جميع الأرقام المعروضة لن تكون أكثر من فقاعة صابون، مع أهمية دراسة العقبات ومعرفة لماذا لم نستطع جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في سورية حتى في فترة ما قبل الأزمة.
بدوره بين الباحث الاقتصادي نبيل سكر،وفقاً لجريدة الوطن، أن الهدف من إطلاق تقرير الاستثمار الأجنبي المباشر في سورية FDI لم يكن التحدث عن الاستثمارات العائدة لفترة ما قبل الأزمة، بقدر ما كانت الغاية هي الاستفادة من بياناته وتحليلاته ومقترحاته لإعادة تكوين استثمار أجنبي في مرحلة إعادة الإعمار، حيث إن ما تضمنه التقرير هو بمنزلة استراتيجية عامة لإطلاق استثمار أجنبي جذاب.
وأضاف سكر، أنه على الرغم من أن الاستثمارات مسيسة لكن وجود استثمارات أجنبية مباشرة بدول الجنوب مثل الهند والصين وماليزيا من خلال وجود شركات متعددة الجنسيات يؤكد أن المشكلة ليست سياسية فحسب، لكنها متعلقة فعلاً بعدم امتلاك سورية لبيئة جاذبة للاستثمارات لعدم توافر القدرات التكنولوجية لجذب الاستثمارات النوعية. مبيناً أن المهم حالياً هو الوصول للاستثمار الباحث عن الكفاءة وليس الموارد.
وذكر سكر، أن الاستثمار الأجنبي المباشر في سورية لم يعمل أثراً كبيراً على النمو الاقتصادي رغم زيادته، لكنه أتى فقط بموارد ضريبية وقطع أجنبي، في حين أن الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم يتجه للدول النامية والصناعية، وللدول التي لديها بيئة استثمارية وتقدم اقتصادي وإمكانيات تكنولوجية وكلف منخفضة، وهذا النوع من الاستثمارات الذي يخلق نمواً لم يصل لسورية بعد -حسب سكر- وهذا ما يجب أن يدفعنا للبحث عن الاستثمار الباحث عن الكفاءة وليس الموارد. مقترحاً في سبيل تفعيل دور الاستثمار الأجنبي المباشر في الاقتصاد توضيح الحوافز لكل القطاعات وتشجيع القطاع الخاص وزيادة القدرة التمكينية للاقتصاد السوري من خلال بناء قدرة تكنولوجية وطنية تركز على التقانة الزراعية والاتصالات والتكنولوجيا وتطوير القدرات المحلية في مجال التكنولوجيا، فلولا هذا العنصر لن تأتي الاستثمارات الخارجية لأنها ستفتقد البنى التحتية لعملها كما لابد من تطوير قدرات القطاع الخاص ليلعب دور الشريك مع المستثمر الأجنبي، وهذا ما يفتقده الاستثمار الأجنبي في بلادنا، كما تحدث عن ضرورة تطوير القدرات البشرية وتعزيز التشابك بين الاستثمار الأجنبي المباشر والمؤسسات الإنتاجية المحلية لنقل المعرفة والتكنولوجيا للبلد.
من جهتها أكدت مديرة هيئة الاستثمار السورية هالة غزال، أن سوريا أهل للاستثمار، وبيئتنا هي المثلى لذلك لكن نوعية الاقتصاد في المرحلة السابقة هي ما جعلتنا من الدول النامية في الاستثمار النوعي، كما أن قانون الاستثمار الجديد درس كل المستجدات العالمية الاستثمارية وسيبدأ من حيث انتهى الآخرون لأن العالم أصبح بيئة واحدة متنافسة.
وأردفت غزال، أن الغرض من إطلاق هذا التقرير ليس التغني بالأرقام لأن هذه الأرقام هي مطب ما لم تخضع للدراسة والتحليل، ولابد من الاستفادة منه لرسم توجه مستقبلي بناء على توصياته وأرقامه، مبينة أن أهم معوقات الاستثمار حالياً تتمثل بتعدد الجهات الناظمة للاستثمار وتضارب البلاغات والقرارات، في حين أن الهدف المرجو هو وجود جهة واحدة للاستثمار كما في كل دول العالم، وقالت: من واجب الوزارات وضع المواصفات الفنية والشروط العامة لاستثماراتها دون التدخل في النواحي الإجرائية والتنفيذية للمشاريع الاستثمارية، إذ إن هذه مهمة هيئة الاستثمار فقط، ليكون هناك قانون واحد للاستثمارات في سورية.