بدأت وزارة المالية إجراءاتها لتحصيل أقساط القروض المستحقة والمترتبة على العاملين لدى جميع الجهات العامة تأسيسا على اهتمام رئاسة مجلس الوزراء بهذا الأمر نظرا لالتزام البعض من المؤسسات العامة بسداد الأقساط وتأخر بعضها في سداد هذه الأقساط، وهي المسألة التي عانت منها المصارف العامة كثيراً خلال الفترة الماضية، كما يبدو أن كل الجهات الوصائية بدأت تدرك مشكلة هذه القروض المتراكمة تبعا لكون الأغلبية العظمى من المقترضين يسددون من رواتبهم عن طريق مؤسساتهم ولكن التحويل لا يتم وبذلك يكون المقترض إما ملاحقاً وإما متأخراً عن السداد.
المصارف العامة بدورها تفاعلت مع المسألة وعممت على فروعها ضرورة سداد وتحويل أقساط القروض -في مواعيدها- المستحقة والمترتبة على العاملين لدى الفروع نتيجة اقتراضهم من المصارف العامة وعدم التأخر في تحويلها مع تحمل إدارة الفرع والعاملون المكلفون مسؤولية التأخير في التحويل مع التزام إدارة كل فرع بتزويد الإدارة العامة التي تتبع لها بأسماء المؤسسات والجهات العامة التي تتخلف عن تحويل الأقساط المستحقة على العاملين لديها لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
وكانت مسألة القروض المتعثرة لدى الموظفين في الجهات العامة قد تحولت إلى معضلة حقيقية أمام المصارف العامة ولاسيما بعد أن تدنت الإيرادات نسبيا إضافة إلى كونها تلقي عبئا ثقيلا على عاتق المصارف في المعاملات وإجراءات الملاحقة القانونية، ووفقا لما طرحته المصارف العامة نفسها فإن مشكلة المشكلات تكمن في أن الموظف يتحول إلى مدين نتيجة عدم السداد في حين أن الأقساط تقتطع من راتبه دورياً من قبل الجهة العامة التي يعمل لديها، إذ يبادر معتمد الرواتب أو محاسب الإدارة (أو أيا كانت تسميته) إلى اقتطاع مبلغ القسط المترتب على الموظف من راتبه قبل تسليمه له، وهو اقتطاع يتضح في إيصال الراتب وبنوده ومبالغ الاقتطاع، في حين لا يحول من هذا الاقتطاع إلى المصرف ممول القرض شيئاً، لدرجة أن المقترض يتحول بحسب حالة التأخر إما إلى مدين وإما إلى ملاحق قانوناً نظراً لنكوله عن التزاماته تجاه المصرف المقرض له، وفي المقلب المقابل نجد أن المصرف يتضرر من هذه الحالة أيضاً بالنظر إلى أن المصرف لم يتمكن من تحصيل الربح المزمع له وهو عبارة عن نسب الفائدة المترتبة على أصل المبلغ، بل لم ينجح كذلك في تحصيل رأس مال القرض، ومن هنا كانت مبادرة رئيس مجلس الوزراء في عدم اقتطاع أي فوائد على الأقساط المترتبة في ذمة الموظف العامل لدى أي من الجهات العامة، وفي هذا السياق أشارت مصادر مصرفية إلى أن الفترة الأخيرة شهدت حالات كثيرة وعديدة فوجئ خلالها الموظف بأنه مدين بكامل مبلغ القرض الذي يعود لسنوات خلت في حين أنه يطلب براءة ذمة من المصرف نفسه لكونه سدد عن طريق الجهة العامة التي يعمل فيها.