"ياناس قومو على سحوركم" بهذه الكلمات اعتاد السوريون أن يستيقظوا في وقت السحور خلال شهر رمضان المبارك، ولكن هذا العام غاب "المسحراتي" عن معظم الأحياء الدمشقية بسبب الأوضاع الأمنية، في حين حاول جاهداً أن يحافظ على بقائه بالأحياء الاكثر أمناً ولكن بمواعيد مبكرة من الليل بعض الأحيان.
وبدت شوارع احياء دمشق كالعباسيين ومشروع دمر والمزة وجديدة عرطوز، هذا العام كئيبة وصامتة نتيجة افتقادها لصوت المسحر، وذلك بسبب الأوضاع الأمنية التي منعت تواجده ليلاً، بالاضافة إلى خوف بعضهم من التجوال في وقت متأخر من الليل مادفعهم للعمل في وقت مبكر للحفاظ على التراث ليس الا.
ووفقا لوكالة فلسطين حرة فإن السوريون يعتبرون أن المسحراتي رمز من رموز بلادهم الجميلة وركن أساسي من أركان الشهر الفضيل لديهم، حيث عبرت ريم "أحد سكان المزة" عن أسفها لغياب المسحراتي هذا العام عن احياء المزة بأكملها قائلة: "الاستيقاظ على صوت المسحر هو من أجمل الطقوس الرمضانية، حيث ينتظره الاطفال بشغف كبير فجر كل يوم ويرددون وراءه "يا نايم وحد الدايم"، "قوموا على سحوركم قوموا".
وحاول المسحر أن يحافظ على بقائه بالأحياء الآمنة كالميدان والصالحية وركن الدين وكفرسوسة، ولكن بأوقات مبكرة من الليل بعض الاحيان، حيث يقول محمود أحد سكان ركن الدين: " إن المسحر لم يختف هذا العام عن ركن الدين ولكنه يأتي في وقت مبكر أي في الساعة الثانية بعد منتصف الليل"، مشيراً إلى أن لشهر رمضان طقوسه المحددة والخاصة في "الشام"، ومن أهمها "المسحر" الذي يجوب في شوارع دمشق بطبلته وزيه الخاص ليوقظ الناس قبل أذان الفجر بساعتين ليقوموا بإعداد سحورهم والقيام ببعض العبادات".
و"المسحر" هو الرجل المميز في رمضان، وينحصر عمله في ذلك الشهر، فهو الذي يوقظ الناس للسحور، ولكل حي مسحر أو أكثر حسب مساحة الحي وكثرة سكانه.
ويبدأ المسحر جولته قبل موعد الإمساك بساعتين، يحمل طبلته بحبل في رقبته فتتدلى إلى صدره، أو يحملها بيده، ويضرب عليها بعصا خاصة.
وكان يرافقه شخص آخر يحمل الفانوس، لما كانت إنارة الشوارع محدودة. ثم اختفى الفانوس وبقي المسحر الذي يعرف اصحاب الدور، فيقف عند أبواب بعضهم ويصيح باسمه ليوقظه.
جولات المسحر..
وكان للمسحر ثلاث جولات:
الأولى: يومية تشمل كل الحي لإيقاظ الناس وقت السحر،
الثانية: يومية تشمل بعض الأحياء بالتناوب لجمع الطعام والمساعدات، ويصطحب معه في هذه الجولة مساعداً ليحمل سلة وبعض الأطباق لوضع ما تجود به العائلات من أطعمة، ويضطر لوضعها مع بعضها في طبق واحد أحياناً. لذلك يتردد على ألسنة الناس المثل الشعبي الذي يقول "مثل أكلات المسحر" لمن يضع في طبقه عدة أنواع من الطعام دفعة واحدة. وأصبح الناس اليوم يجودون بالمال بدل الطعام، فهو الأفضل.
الجولة الثالثة للمسحر: فكانت أيام العيد لجمع "العيديات" من الناس. وترافقه في هذه الجولات طبلته التي هي بمثابة هويته الخاصة.