أكد الباحث الاقتصادي الدكتور قيس خضر:" إن الباحث عن الإيرادات الحكومية هو في زمن عزّت فيه الموارد في لحظات الأزمة كما هي الآن، إلا أنه ثمة إجماع- قد يكون عاطفياً أو عقلانياً في آن معاً- فيما يتعلق برغيف خبز المواطن السوري، فمن العادات الاجتماعية للمواطن السوري أن يقبل كسرة الخبز المرمية على الأرض ويضعها على رأسه ثم ينحيها جانباً، ولقد رأى الشارع السوري الكثير من الخبز الذي يرمى في الشارع نظراً لأن التكاليف التي يدفعها المواطن غير العقلاني- في الكثير من الأحيان- زهيدة جداً".
وأشار الباحث خضر إلى أن قرار رفع سعر الخبز هو قرار مبرر بشكل عقلاني ومجتمعي أيضاً، ولذلك لا نرى أي ضير في رفع هذا السعر ولاسيما أن مقدار الرفع إلى 25 ليرة سورية للربطة الواحدة لن يرهق الأسرة السورية على اختلاف شرائحها في حال أخذنا بعين الاعتبار الانخفاض الكبير في القوة الشرائية للعملة السورية في هذه الأزمة، «أي إن مبلغ 25 ليرة يعادل ثمن قطعة بسكويت واحدة يشتريها الأهل لطفل صغير».
وفي سؤال حول المبالغ التي سيتم توفيرها من هذا الدعم قال الباحث خضر: السؤال الأهم هو ما الذي ستفعله الحكومة بهذا الوفر؟ ولذلك يجب النظر إلى موضوع الدعم الحكومي على أنه سلة متكاملة أي إن عقلنة الدعم وفقاً لمصطلحات الفريق الاقتصادي يجب أن تكون كسلة واحدة، وما يؤخذ من هنا يجب أن يوظف في مكان آخر أو في جهة أخرى، وهذا من منظور إعادة التوزيع وهي نقطة جوهرية جداً.
فإعادة توزيع الدعم هي سياسة كلية يمكن أن ينظر إلى موضوع الخبز فيها كمرحلة جديدة، أي ما أخذ هنا يجب أن يوضع في مكان آخر مما يحتاجه الشعب السوري ومستحقي الدعم بشكل كامل، ولا ننسى أن موضوع الدعم الذي تتكفله الحكومة يحتاج إلى المزيد من التدقيق ولاسيما في الفكر السياسي للاقتصاد السياسي لإعادة توزيع الدعم، وذلك لأن الحكومة ليست مالكة للمصادر وإنما هي مصادر أنتجها الشعب السوري نفسه الذي يُوجَّه إليه الدعم.
وأضاف: كمحلل اقتصادي يمكن أن اعتبر أن رغيف الخبز لا يزال حتى تاريخه خطاً أحمر. ووفقاً لهذه الظروف لا تزال الحكومة تنظر بعين الرحمة إلى الفئات الفقيرة من السوريين، ولا ننسى أن الحكومة قدمت وعملت الكثير من أجل الحفاظ على البنية الاجتماعية وأن معارضة بعض قراراتها لا يعني أن كل عمل الحكومة هو عمل خاطئ، ولكن على المواطن أيضاً أن يقدّر أن الأزمة فرضت شروطاً أخرى وأن ما نناقشه مع الحكومة هي عقلنة إعادة التوزيع تتلخص في أن يتحمل المواطن أو المستهلك شيئاً من أعباء الأزمة على أن يتحمل صانع القرار مسؤولية عقلانية القرارات المتخذة من قبله.
وأكد الباحث خضر أنه وفقاً للمعادلة الرياضية فإن الهدر في استهلاك الخبز يجب بعد رفع سعر الربطة أن يخف كثيراً، وفي «المدرسة الحدية» التي يقوم عليها علم الاقتصاد بأكمله يمكن أقول من خلالها: إن البحار الذي لا يدرك أهمية قطرة المياه لا يمكن أن يتحضر للعاصفة، فرفع سعر الربطة بمقدار 10 ليرات سورية يعني أن التكلفة الحدية للخبز العلفي ارتفعت ويجب على المستهلك السوري أن يأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار أي إنه من ناحية كمية يجب أن تنخفض كمية الهدر، إلا أن حجم الهدر الذي سيتم توفيره لاحقاً سيعتمد على العائد الذي سيحصل عليه المستهلك من خلال بيع عوادم الخبز، أي يجب أن نسأل ما مقدار ما يبيع به الخبز المدعوم أو الذي تتم إعادة تدويره مرة أخرى بعد أن يتم شراؤه من أجل مقارنة حجم الوفر.