قال رئيس “هيئة التخطيط والتعاون الدولي” همام الجزائري: “إن عام 2014 سيحقق نمواً اقتصادياً للمرة الأولى إيجابياً لم يحقق خلال أعوام الأزمة وسيصل إلى 2٪، وكان يمكن أن يصل إلى 3.5٪ لولا تراجع مستوى الأمطار هذا العام”.
وأضاف في تصريح لصحيفة “الثورة” الحكومية، أن ذروة الأزمة تجلت في سورية بمنتصف 2012 حتى أيلول 2013، “ولكن منذ تشرين الأول 2013 وحتى اليوم وخلال النصف الأول من العام الحالي نحن نراقب ونقيم التحسن بمؤشرات الإنتاج والانفاق الاستهلاكي والحركة التجارية والاستثمارية وإن كانت الأخيرة بدرجة أقل”.
ولفت إلى تركيز الحكومة بشكل رئيسي على قطاع الصناعات التحويلية والزراعية والانفاق الاستهلاكي والانفاق الحكومي، ومع بداية العام القادم سيؤثر إيجاباً القطاع الإنشائي في تعزيز هذا النمو.
وعن أثر الدعم الحكومي في إعادة عجلة الاقتصاد وماذا عن النتائج، قال الجزائري: “إن القرارات التي اتخذت والتوجه الحكومي بالسياسة الاقتصادية ودعم المنتجين، أعطى نتائجه الملموسة حتى على صعيد المؤسسات بالتعاون بين القطاعين العام والخاص”.
وأوضح “على سبيل المثال فإن إطلاق اتحاد المصدرين السوري بروح جديدة سرعان ما أثبت قدرته من خلال ما يحقق من نتائج على الأرض وبفترة زمنية قياسية، وآخرها إعادة تجميع الصناعيين القادرين على التصدير، وهنا يظهر عمل الاتحاد وليس هيئة التخطيط كون الهيئة هي العقل الفني للحكومة وليس وكالة تنفيذية، فهي تقدم مشورتها في صناعة وتصنيع القرار الاقتصادي، في حين كان اتحاد المصدرين نواة لنا مع المصنعين حيث التقينا العديد منهم في مجالات مختلفة، وخاصة الصناعيين العائدين إلى حوش بلاس وسبينة، لنرى احتياجاتهم التي على أساسها تصاغ القرارات الاقتصادية وبدأت ورشاتها تعمل فعلا على الأرض وتسهل عودة الصناعيين بعد أن بدأت تظهر النتائج المشجعة”.
وأشار إلى وجود استراتيجية تعمل من خلالها الهيئة مرتبطة بالموارد، فالتحدي الأساسي اليوم إدارة هذه الموارد، من أجل زيادة قدرة الدولة بالتدخل في مرحلة مقبلة لزيادة فرص العمل والتشغيل وخلق مطارح ضريبية، فالاستهداف اليوم هو توسيع المطارح الضريبية، فمشكلة الدولة حالياً ايراداتها الضريبية، حيث سيكون هناك تشاركية للبحث عن مطارح ضريبية جديدة لها تحصِّل مستوى ضريبياً أعلى، سيكون مصدراً رئيسياً لموارد الدولة بغياب النفط والموارد الأخرى.
وفيما يتعلق بإعادة الإعمار، نوه الجزائري إلى ضرورة التركيز على القطاعات التالية بالدرجة الأولى، وهي القطاع الطاقوي والكهربائي والنفطي والغازي إنتاجاً ونقلاً ، ومن ثم الاستثمار بداية من خلال مشاريع توسيع مرفأي طرطوس واللاذقية باعتبارهما منفذاً رئيسياً لإعادة إعمار البلاد، وتطوير “مطار دمشق الدولي” و”مطار باسل الأسد” و”مطار اللاذقية” ليكون ذلك بمجمله محطة رئيسية لإعادة إعمار مدينة حلب والمنطقة الشرقية.
وكذلك الاستثمار بتأسيس وإحداث قرى للشحن ومراكز ومرافئ جافة تشكل عقداً رئيسية لوجستية، والأولوية الأخرى إعادة تفعيل خطوط السكك الحديدية داخلياً وخارجياً وخاصة مع العراق، الذي ما زال السوق الرئيسي لسورية. وكل تلك الأولويات هي الحلول اللوجستية الضرورية التي ترتكز عليها إعادة الإعمار.
أما تكاليف الإعمار وفقاً للجزائري، “فلن تكون بالتكاليف الباهظة والمبالغ بها والتي تطرح بمواقع عديدة، وستشارك بإعادة الإعمار الفعاليات السورية كافة من خلال التشاركية بين القطاعين العام والخاص”.
وبيّن أن لدى سورية كما أي دولة ذات اقتصاد نامي ولديها خياران أساسيان لتمويل الإعمار، إما بالاقتراض الدولي وإما بزيادة الاستثمارات المحلية أو الأجنبية، “ومقاربتنا في سورية لخيار زيادة الاستثمارات وزيادة مساهمته بإعادة الإعمار، بهدف التقليل من الحاجة للاقتراض الدولي، وضمن هذه الرؤية والمقاربة جاء قانون التشاركية لخلق الإطار التشريعي لمساهمة القطاع الخاص بتوسيع القطاع العام”.
وأشار إلى أن سورية لن تدخل بفخ المديونية الدولية ولن تحتاج للاقتراض، “فالدولة بالتشارك مع القطاع الخاص قادرة على تنفيذ الإعمار تدريجياً”.
وبالنسبة لهوية الاقتصاد الوطني قال الجزائري: “يقوم الاقتصاد السوري على ثلاثة محاور رئيسية المتمثل بالدولة التدخلية التنموية التي تقوم على قطاع عام ذي إنتاج رائد يشكل البنية الأساسية للصناعات والبنى التحتية، وقطاع خاص فعال وتنموي وقطاع أهلي رديف ومكمل للقطاعين العام والخاص”.
وأوضح “إذا أردنا أن نعطي عنواناً يقوم على هذه المحاور الثلاثة، فهو اقتصاد يقوم على الحرية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، الحرية الاقتصادية التي تتيح الفرصة للمبادرة الفردية المنتجة، والعدالة الاجتماعية التي يحققها الوجود القوي للقطاع العام سواء على المستوى التجاري أم الصناعي أم الإنشائي لضبط تشوهات السوق”.
يشار إلى أن رئيس “هيئة التخطيط والتعاون الدولي” همام الجزائري قال مؤخراً: “إن أهم مشروع بالعمل الحكومي اليوم هو زيادة الاهتمام بتوسيع المطرح الضريبي والإيرادات الضريبية وليس الاقتصار على ترشيد الانفاق، فالسياسة التي ترتكز على ترشيد الانفاق دون تعزيز الإيرادات سياسة لها حدود، وهذه مقاربة تبنتها الحكومة”.