قال " الباحث الاقتصادي الدكتور عمار يوسف " في رؤية وافية حول واقع الكهرباء في البيوت والمحلات التجارية وذلك بعد انخفاض القدرة الانتاجية 65% أنه :" الملاحظ على أرض الواقع أنه من بين كل ثلاثة منازل في سورية هنالك منزل يملك مولدة كهربائية تعمل على البنزين وبين كل خمسة محلات تجارية هنالك أربع محال تملك مولدة كهربائية على البنزين أو المازوت حسب حجم المحل التجاري وبين كل عشرة مصانع هنالك ثمانية مصانع تملك مولدة ضخمة تعمل على المازوت.
نتيجة هذا الانتشار غير المسبوق للمولدات الكهربائية على مستوى سورية أصبح اقتناء المولدة حاجة أساسية للمواطن السوري ومن المعلوم أن المولدة الكهربائية الأعم والأشمل استعمالاً في سورية هي المولدات الصينية والمولدات مجهولة المنشأ التي تظهر في الأسواق بين فترة وأخرى حيث تحول بائع الخضرة إلى بائع للمولدات ومورداً لها.
بحساب بسيط وتقريبي نرى أن مجموع ما دخل على سورية من مولدات خلال السنتين الماضيتين ما يزيد على مليون ومئة وخمسين ألف مولدة توزع بين العاملة على البنزين والعاملة على المازوت باستطاعات تتراوح بين 1000 شمعة و25000 ألف شمعة وهي الصناعية منها.
ولدراسة التأثير الاقتصادي لهذا الحجم الضخم من المولدات يضيف الدكتور يوسف: لابد لنا بداية من معرفة الثمن التقريبي لهذه المولدات فإذا تم افتراض السعر الوسطي هو300 دولار أميركي للمولدة الواحدة باعتبار أنه متوسط فيما بين المولدة الصغيرة المنزلية والمولدة الكبيرة الصناعية فنرى أن السعر يبلغ 460 مليون دولار هي قيمة ما تم استيراده من هذه المولدات من الأسواق الخارجية بواقع هامش زيادة أو نقص 10% هذا هو الأمر الأول.
وبعد شراء المولدة لابد لنا من تشغيل هذه المولدة من خلال مادة التشغيل وهي البنزين أو المازوت.
ومن المعروف أن معدل استهلاك البنزين بالنسبة للمولدات المنزلية وحسب ما تتحمله تلك المولدة من استعمال للأجهزة الكهربائية يصل إلى نحو ليتر واحد من البنزين كل ساعة ويصل استهلاك المولدات الصناعية والضخمة والتي على المازوت إلى ما يزيد على ستة لترات من المازوت الساعة الواحدة بالنسبة للمولدات التي تبلغ استطاعتها (60) كي في أ وهي المولدات الصناعية وتتناقص هذه النسبة بمعدل ليتر واحد لكل 10 كي في أ.
ولو قمنا بشكل افتراضي أقرب للواقعي بتوزيع نسبة المولدات التي تعمل على البنزين والمنزلية القليلة الاستطاعة نجد منها ما يقارب المليون مولدة تعمل على مدى ثماني ساعات وسطياً باستهلاك ليتر واحد من البنزين في الساعة ليبلغ تكاليف تشغيل هذه المولدات في اليوم الواحد ما يقارب 960 مليون ليرة سورية يومياً أي ما يقارب المليار.
أما المولدات الصناعية التي تعمل على المازوت والتي افترضنا أنها تشمل الباقي وقدره 150 ألف مولدة باستهلاك وسطي أربعة لترات في الساعة الواحدة وتعمل لمدة ثماني ساعات يومياً فتبلغ الكلفة لتشغيل المولدات في اليوم الواحد 312 مليون ليرة سورية.
بإضافة الرقمين نجد أن كلفة ما يتحمله المواطن نتيجة استهداف القطاع الكهربائي في سورية مليار ومئتان واثنان وسبعون مليون ليرة سورية يومياً وذلك كلفة تشغيل هذه المولدات وإذا تم إضافة الصيانة وما يتم استهلاكه من زيوت وقطع تبديل وما يتعلق بالمولدة من تمديدات كهربائية تتناسب معها وبافتراض أن كل مولدة تكلف سنوياً ما يقارب 2500 ليرة سورية بدل صيانة وزيوت وخلافه لوصلت تلك التكاليف إلى مليارين وثمانمئة وخمسة وسبعين مليون ليرة سورية سنوياً بجمع تلك المبالغ جميعها نصل إلى رقم فلكي غير قابل للتصديق هي ما يتحمله المواطن السوري نتيجة استهداف القطاع الكهربائي من المجموعات الإرهابية المسلحة.
وهنا وعلى هامش هذه الدراسة لابد من ملاحظة أمور أساسية:
أولها: إن هذه المولدات مصممة بطريقة تجعلها في أحياناً كثيرة غير قابلة للإصلاح ما يؤدي إلى رمي المولدة عند أول عطل يصيبها فليست مصممة على أساس الديمومة وهي من دون أي كفالة من البائع وغير معروفة المنشأ.
الثاني: ما تسببه تلك المولدات من أثر خطير على البيئة حيث تبلغ نسبة الانبعاثات الغازية من تلك المولدات حداً غير مسبوق نتيجة سوء الصنع ونتيجة عدم إمكانية الصيانة المتكررة والدورية في ظل عدم وجود المتخصص في معالجة الآثار البيئية الخطيرة وفي الأخص أنها تستخدم في شرفات المنازل والمناطق السكنية ما يضاعف آثار التلوث على صحة المستخدم وجاره بشكل مباشر.
الثالث الأثر الاجتماعي:
وهو الأثر الأهم عند استخدام تلك المولدات فهي على الأغلب من دون أي كاتم للصوت ما يجعل الجوار ينزعجون من أصوات تلك المولدات وخاصة في حال عدم امتلاكهم لمولدة خاصة لهم ما يؤدي إلى مشاكل كثيرة فيما بين الجوار وخلافات وصلت في بعض الأحيان إلى الشجار والاختلاف إضافة إلى ذلك النوع الخاص من التلوث وهو التلوث بالضجيج وهو من المصطلحات المعروفة بما يسببه من ضغط نفسي على مستعمل المولدة ومن يسمع صوتها.
إن سورية في حالة حرب وإن استهداف قطاع الكهرباء في سورية هو الذي أفرز هذه الأزمة المتعلقة بالمولدات وهو السبب الأساسي لهذه الخسائر التي ليس لها ما يبررها وهي تكاليف تنال من الاقتصاد الوطني وكذلك من الاقتصاد الفردي حيث تشكل عبئاً على المواطن المستخدم لهذه المولدات في منزله من خلال ثمنها وتكاليف البنزين وكذلك تشكل عبئاً على المنتج بالنسبة للمولدات الصناعية التي تستخدم في المعامل حيث يتم تحميل تكاليفها على المنتج ما يؤدي إلى ارتفاع سعره بنسبة 3-4%.