مع حلول عيد الفطر المبارك، وحسبما جرت عليه الأحوال في كل عام في مثل هذه المناسبة، بدأت تتدفق عبر شبكات الاتصالات وشبكة الإنترنت عشرات ملايين الرسائل الإلكترونية التي يتبادلها السوريين من مشتركي الخلوي والإنترنت ومستخدمي الهواتف المتنقلة التقليدية والذكية للتهنئة والمباركة بالعيد.
وبعد حوالي عقد من الزمن سيطرت فيه الرسائل النصية القصيرة "SMS" على سلوكيات التراسل والتواصل بين السوريين من مشتركي الخلوي في الأيام العادية أو في المناسبات العامة والأعياد، بدأت هذه الوسيلة تفقد بريقها منذ أكثر من أربع سنوات مع انتشار الهواتف الذكية لتترك مكان الصدارة لتطبيقات التراسل الفوري التي تسمى اصطلاحا بخدمات الـ"OTT" وخصوصا "الواتس أب" الذي أضحى وسيلة أساسية لدى السوريين من مستخدمي الهواتف الذكية للتواصل اليومي أو للتهنئة بالأعياد.
ويؤكّد خبراء في قطاع الاتصالات أن سيطرة تطبيقات التراسل مثل "الواتس أب" على مرتبة متقدمة في استخدامات مشتركي الهواتف الذكية في سورية ترجع الى ما تتميز به هذه التطبيقات من مجانية وسرعة وسهولة في الاستخدام الى جانب تنوع المحتوى الذي من الممكن أن يتبادله المستخدمون عبر هذه الوسيلة (محتوى نصي، صور، وفيديو) تحتل المرتبة الأولى في قائمة وسائل التهاني والمعايدات الإلكترونية، قد يرافقها في هذه المرتبة أو تأتي خلفها شبكات التواصل الاجتماعي لاسيما "الفيسبوك" والتي توفر مزايا للتواصل الاجتماعي التفاعلي السريع والفعال الفردي أو الجماعي.
ويقول العاملون في القطاع إن رسائل الخلوي النصية هي موجودة ومستخدمة ويتركز استخدامها من قبل المستخدمين من مشتركي الهواتف التقليدية التي لا ترتبط بالإنترنت وبالتالي لا تتوافر فيها تطبيقات التراسل، حيث ما يزال هؤلاء يعتمدون على الرسائل القصيرة للتهنئة بالعيد، فيما تتراجع خدمة البريد الإلكتروني الى مرتبة متأخرة للتواصل والتهنئة بالمناسبات، لأنها بدأت تنحصر في الاستخدامات الرسمية في مجال العمل وفي شريحة المؤسسات والشركات أكثر من الأفراد العاديين.
ويشير هؤلاء الى أن انخفاض الكلف في تطبيقات التراسل هي أبرز العوامل التي وسعت من استخدام هذه التطبيقات التي يحرص مستخدمو الهواتف الذكية على تنزيلها وتحميلها بمجرد اقتنائهم هواتفهم الذكية والتي تزيد نسبة انتشارها على 60 % من إجمالي مشتركي الخلوي في سورية
وبلغة الأرقام يتجاوز عدد اشتراكات الخلوي في سورية عن 10.3 مليون اشتراك، أكثر من 292 % منها من فئة المدفوع مسبقا، ويقدر عدد مستخدمي الإنترنت بحوالي 6.3 مليون مستخدم، فيما يقدر عدد مستخدمي الفيسبوك بحوالي 4.2 مليون مستخدم.
ويقول أحد المواطنين من متابعي الشبكة الالكترونية" محمد" إنه يعتمد على كافة الوسائل سابقة الذكر للتهنئة بالعيد ولكنه يرى أن "الواتس أب" يتصدر المشهد في سوق الاتصالات في سورية، موضحا أنه يستخدم هاتفين أحدهما ذكي والآخر تقليدي حيث يحرص في كل مناسبة على تهنئة معارفه وأهله وزملائه كل حسب الهاتف الذي يمتلكه، حيث يبث دفعة من رسائل الخلوي النصية لمعارفه من مستخدمي الهواتف التقليدية، بينما يتواصل ويهنأ عبر "الواتس أب" و"الفسيبوك" كل من يملك هواتف ذكية ويشترك في هذه التطبيقات والخدمات.
ويضيف محمد لموقع B2B-SY”"أعتقد أن هذه التطبيقات أصبحت تشكل شكل حياة مختلف عما مضى مقارنة بطرق وخدمات الاتصالات السابقة، حيث تتيح هذه التطبيقات إمكانات هائلة للتواصل الدائم في كل الأوقات متجاوزة كل حدود الجغرافيا، كما اعتقد أن شريحة الشباب هي الأكثر استخداما ونشرا لاستخدامات ومحتوى هذه التطبيقات".
عن هذه التحولات في سلوكيات استخدام الرسائل الإلكترونية بشكل عام ورسائل التهنئة الإلكترونية أشار احد العاملين في قطاع شركة الاتصالات في سورية الذي يعتقد أن انتشار الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، متزامنا بتوفير شبكات الاتصالات والإنترنت عريض النطاق من الجيل الثالث من قبل شركات الاتصالات الرئيسية في جميع أسواق العالم والسوق المحلية غيّر الكثير من سلوكيات استخدام مختلف خدمات الاتصالات التقليدية.
وأوضح إن انتشار الهواتف الذكية واستخدام تطبيقاتها لاسيما المجانية منها جعل المستخدمين يتحولون من الاعتماد على الرسائل الخلوية القصيرة التي قال إنها ما تزال وسيلة معتمدة للتهنئة الإلكترونية ولكن من قبل حاملي الهواتف التقليدية الذين لم يتبنوا بعد هواتف ذكية.
وأشار المصدر لموقع "B2B-SY" الى أن تطبيقات التراسل مثل "الواتس أب" و"فايبر" و"تانغو" و"سكايب" وغيرها الكثير من التطبيقات بما تتصف به من مجانية وسهولة في الاستخدام هي أكثر تطبيقات الهواتف استخداما، وهي تتصدر اليوم قائمة وسائل التهنئة الإلكترونية وخصوصا "الواتس أب" الأكثر شهرة وشعبية، وقال إن هذه التطبيقات بدأت تؤثر منذ أكثر من أربع سنوات على إيرادات شركات الخلوي حتى في الأيام العادية نتيجة تراجع تداول الرسائل الخلوية العادية وفقدان جزء من الحركة الهاتفية الدولية عبر الشبكات التقليدية مع إتاحة عدد من هذه التطبيقات ميزة المكالمات الصوتية عبر الإنترنت.
وذكر أيضاً أن شبكات التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" و"تويتر" تحتل المرتبة الثانية وخصوصا من خلال الهواتف الذكية، حيث أصبحت هذه الوسائل منصات رئيسية للتهنئة الفردية أو الجماعية وبمحتوى غني، لتأتي بعد ذلك الرسائل النصية القصيرة SMS ومن ثم البريد الإلكتروني الذي ما يزال معتمدا كوسيلة للتهنئة في الأعياد.
وكانت دراسة عالمية قدرت حجم الإيرادات الضائعة من شركات الخلوي حول العالم بسبب تطبيقات التراسل في 2013 بنحو 32.5 مليار دولار على شكل رسوم رسائل نصية، وذلك وفقاً لبحث أجرته شركة "أوفام" المحدودة، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 54 مليار دولار بحلول العام 2016.