أفاد وزير المالية الأسبق محمد خالد المهايني في تقرير قدمه إلى الهيئة العامة للبحث العملي، أن هناك زيادة بحجم اعتمادات الموازنة بشكل كبير تجاوز قدرة الاقتصاد الوطني على تأمين الموارد اللازمة لتغطية هذه الاعتمادات، ما أدى إلى عجز بنيوي في الموازنة بدءاً من 2002 واستمر بالتصاعد سنوياً، ما أدى كذلك إلى زيادة حجم مديونية الدولة.
وأضاف أن الموازنة العامة للدولة خلال الأعوام من 2008 حتى 2014 شهدت زيادات واضحة من 600 مليار إلى 1326.5 مليار ليرة.
وأشار إلى أن 2012 كان عام القفزة الملحوظة في حجم الاعتمادات وذلك بحجة اعادة هيكلة الموازنة بحسب تعبيره، إضافة إلى مبلغ بحوالي 400 مليار ليرة في جانبي النفقات والايرادات في موازنة 2012 لقاء التشابكات المالية، والتي كانت تعالج في الأعوام الماضية من خلال اصدار قوانين للتشابكات المالية من واقع الحسابات الختامية للمؤسسات المعنية، والارقام الفعلية لتلك العجوزات والتشابكات وكان يجري معالجتها قيديا بموجب تلك القوانين دون أية منعكسات تضخمية على الاقتصاد الوطني.
وأشار إلى أنه ومن خلال تحليل الاحصاءات المالية عن الارقام الفعلية المنفذة في موازنة 2012، ومن واقع قطع الحسابات إلى أن إجمالي الانفاق الفعلي لم يتجاوز 474 مليار ليرة وبنسبة 35.7% من إجمالي الاعتمادات، أما إجمالي الايرادات العامة الفعلية لتلك الموازنة فقد بلغ 174 مليار ليرة وبنسبة 22% فقط من تقديرات الايرادات في الموازنة المذكورة، مع العلم أن نسبة تنفيذ اعتمادات الموازنة العامة قبل الأزمة كانت تتراوح بين 90 و92 %، وذلك استناداً إلى نتائج قطع حسابات الموازنة العامة للدولة عن الاعوام ما قبل 2010.
ولفت إلى أن نسبة العجز الفعلية في الموازنة فقد وصلت إلى 30 و35 % من مجموع اعتمادات الموازنة في 2010، وذلك بسبب قصور الايرادات عن تغطية نفقات الموازنة ما يدل على أن سياسة الموازنة كانت تعتمد على سياسة توسعية في الانفاق تتجاوز حدود العجز المقبول اقتصادياً، ما انعكس على زيادة حجم المديونية الداخلية والخارجية للدولة، واستنزاف معظم القطع الاحتياطات النقدية الكبيرة التي كانت متوفرة في حسابات وزارة المالية لدى مصرف سورية المركزي منذ 2001.
وتوضح احصاءات الأرقام الاجمالية للإيرادات العامة الفعلية للموازنة خلال الأعوام 2008 – 2014، أنها تطورت من 504 مليارات في 2008 إلى 612 مليار في 2009 ثم إلى 645 مليار في 2010، ثم انخفضت إلى 470.7 في 2011 وإلى 471.1 في 2012، من واقع قطع الحسابات للموازنة.
وأشار إلى استنزاف معظم الاحتياطات النقدية التي كانت موجودة في حسابات “وزارة المالية” منذ 2001 لتغطية هذا العجز والقفزة الكبيرة في حجم اعتمادات الموازنة منذ 2012 واستمرت لـ2014، نتيجة إضافة مبالغ تشابكات مالية عن عجوز تموينية مقدرة في جانبي الموازنة انفاقا وايرادا، مع الإشارة إلى هذا التغير في أسلوب الموازنة أدى إلى تطبيق مبدأ اساس الاستحقاق في إعداد الموازنات منذ 2012 إلى 2014 بما يخالف احكام الفقرة (ب) من المادة 5 من القانون المالي الأساسي الصادر بالمرسوم التشريعي 54 لعام 2006.
كما تخالف أحكام المادة 46 من النظام المالي والمحاسبي للهيئات العامة ذات الطابع الاداري، الصادر بالمرسوم 488 لعام 2007، علماً أن القيد المزدوج لم يطبق حتى تاريخه في حسابات الموازنة ولا زال القيد المفرد هو المطبق.
ونوه المهايني إلى أن سورية تطبق الموازنة التقليدية والقائمة على موازنة البنود والرقابة، وذلك رغم السلبيات الناجمة عن تطبيق هذه الموازنة وقصورها في متابعة اداء البرامج والأنشطة الحكومية.
واقترح إدخال تحديد اعتمادات الموازنة العامة ضمن قدرات الاقتصاد الوطني، مع السعي إلى زيادة الموارد ضمن برنامج إصلاح شامل وإدخال موازنة البرامج والأداء، بدلاً من الموازنة التقليدية القائمة على البنود والرقابة، وذلك لإدخال تطوير حقيقي في الموازنة وفق ما اتجهت إليه العديد من دول العالم.