لم تضطلع المصارف العاملة في سورية حتى الآن بدورها في التنمية الاجتماعية والذي من شأنه أن يحل مشكلة يعاني منها المجتمع السوري وهي تأمين السكن المناسب عن طريق طرح منتج التمويل السكني بشروط يستفيد منها المحتاج فعلاً لمسكن يأويه وأسرته، ما وضع المصارف موضع اتهام بتوجهها نحو القروض التي تحقق الربحية السريعة على حساب نظيرتها التنموية بشقيها الاجتماعي والاقتصادي، وأنها وجدت لاستنزاف المدخرات عبر تشجيعها العملاء على القروض الاستهلاكية، وإحجامها عن طرح منتجات وقروض سكنية بشروط ميسرة تتناسب والشريحة العظمى ذات الدخل المتدني في مجتمع بات فيه الحصول على منزل من أعتى التحديات.
رغم وجود ما يزيد على 15 مصرفاً ما بين عام وخاص بشقين تقليدي وإسلامي، لا يزال التمويل السكني في أدنى مستوياته لأسباب ردها الخبير المصرفي أنس كرسون إلى عدم طرح كل المصارف الخاصة قروض التمويل السكني على اعتبار أنها عادة ما تكون على فترات طويلة تمتد من 10 – 15 سنة، إلى جانب ارتباطها بموضوع متوسط الدخل الذي يعتبر مشكلة حقيقية موضحا لـ«تشرين» أنه إذا أراد مصرف ما إعطاء قرض سكني فإن ذلك يتوقف على مدى قدرة العميل على الاستغناء عن نسبة من دخله ليدفع قسط البيت بحيث لا يزيد على 40%، وما يزيد المشكلة تعقيداً هو ارتفاع أسعار العقارات بشكل جنوني.
وضرب كرسون مثالاً: في حال موّل البنك شراء بيت سعره 3 ملايين ليرة، فإنه يدفع 50% من ثمنه أي (1,5 ليرة مليون) تقسط من قبل العميل على 15 سنة بمعدل نحو 10 آلاف شهريا، وهنا يجب ألا يقل الدخل الشهري للعميل عن 35 ألف ليرة شهرياً حتى يحصل على القرض إن لم يكن أكثر.
وأضاف كرسون هناك عوامل أخرى تلعب دوراً في مدى نجاح القروض السكنية كالفترة الزمنية الطويلة وما تستوجبه من فوائد عالية تصل أحيانا إلى نسبة 11%، مشيراً إلى أن البنك لا يستطيع إعطاء قروض طويلة إذا لم يكن لديه إيداعات طويلة الأجل.
لاشك أن الأزمة عرقلت الأعمال المصرفية بما فيها التمويل السكني، كما أنها عطلت إلى حد كبير حركة البيع والشراء، لكن التمويل السكني لم يكن بالمستوى المطلوب حتى قبل سنوات الأزمة، وفي هذا السياق دعا كرسون إلى ضرورة أن يكون هناك دعم مباشر أو غير مباشر من الدولة لهذا النوع من القروض.