قدرت دراسة أن الإنفاق الحالي للأسرة السورية المكونة من خمسة أفراد شهرياً يعادل (84400) ليرة سورية، واعتمدت الدراسة التي قدمها الباحث الدكتور نضال طالب على آخر مسح لإنفاق الأسرة أجراه المكتب المركزي للإحصاء عام 2009، حيث قدر متوسط إنفاق الأسرة السورية شهرياً في حينه بحوالي (30900) ليرة سورية، وبحسب تقديرات المكتب نفسه لمعدلات التضخم السنوية فإن معدل التضخم التراكمي في سورية منذ ما قبل الأزمة عام 2010 حتى نهاية عام 2013 بلغ (173)%.
وإذا ما عكس معدل التضخم على تقديرات الإنفاق عام 2009 فهذا يعني أن الأسرة السورية التي كان وسطي إنفاقها على مكونات السلة الاستهلاكية بحسب الأرقام الحكومية قبل الأزمة (30900) ليرة سورية، أصبح إنفاقها حالياً (84400) ليرة سورية شهرياً لتنفقها على كامل مكونات السلة، وهي تعكس الحاجة الفعلية للأسرة السورية شهرياً.
مكونات السلة
ورأت الدراسة أن مكونات السلة الاستهلاكية هي مجموعة من الحاجات المعيشية الضرورية من سلع وخدمات، تختلف أوزان هذه الحاجات بحسب مستوى تأثيرها وباختلاف ظروف وعادات كل مجتمع مصنفة دولياً ضمن 13 مكوناً أهمها: المواد الغذائية والمشروبات– السكن والوقود والإضاءة- الملابس والأحذية- الصحة - الاتصالات- النقل- التعليم - التبغ - سلع وخدمات أخرى ....
وبالنسبة للأغذية والمشروبات ووفق التصنيف العالمي للحاجات الغذائية والسعرات الحرارية اللازمة لحياة الفرد يومياً والتي تعتمد على عدّة عوامل منها السنّ وحجم الجسم والطول والجنس ونمط الحياة والحالة الصحية ككلّ، والمقدرة وسطياً بـحوالي (2400) حريرة يومياً فإن حاجات الإنسان الغذائية يومياً تقدر بمبلغ (289) ليرة سورية لكي تحقق تغذية سليمة للفرد وفقاً للتصنيف العالمي، وتكون الحاجة شهرياً للفرد الواحد (8670) ليرة سورية، ولأسرة مكونة من خمسة أشخاص (43350) ليرة سورية شهرياً، وإذا ما أضفنا قيمة مشروبات (2200) ليرة سورية ثمن كيلوشاي وكيلو البن تصبح قيمة الإنفاق شهرياً على الأغذية والمشروبات اللازمة لأسرة مكونة من خمسة أشخاص هي (45550) ليرة سورية.
السكن
وبحسب الباحث فإن المكون الثاني في سلة الاستهلاك هومكون مركب من السكن أوالإيجار، ويقدر وسطي الإيجار لشقة مفروشة مؤلفة من غرفتين وصالون في مناطق السكن العشوائي بحوالي (25) ألف ليرة سورية وفي حال تملك المنزل وعدم دفع إيجار فإن ذلك لا يعني عدم ترتب إنفاق وإنما هناك قيمة عقار مجمدة وتستحق فائدة على رأس المال.
النقل والمواصلات
ورأت الدراسة أن أجور النقل الجماعي ارتفعت بالمتوسط من 10 ليرات سورية لخط السير الواحد في عام 2010، إلى 25 ليرة سورية حالياً أي بنسبة 150% ، وإذا ما افترضنا أن أسرة مكونة من خمسة أشخاص يتحرك يومياً ثلاثة منهم فقط للعمل والدراسة وبتكلفة مواصلات (50) ليرة سورية يومياً للفرد تكون تكاليف النقل شهرياً لكامل الأسرة حوالي (4500) ليرة سورية، (ولم يتم التطرق لحاجات استخدام سيارات الأجرة الخاصة).
الصحة
تنفق العائلات السورية سنوياً نحو(70) مليار ليرة سورية على الرعاية الصحية من دخلها الخاص، إضافة إلى ما تنفقه الحكومة من موازناتها السنوية والبالغ حوالي (63) مليار ليرة سورية، وذلك وفقاً لدراسة الإنفاق الأسري التي أنجزت عام 2010 بالتعاون بين وزارة الصحة وجامعة دمشق والاتحاد الأوروبي، وبالتالي يكون متوسط إنفاق الفرد سنوياً على الرعاية الصحية من دخله الخاص حوالي (3043) ليرة سورية، ويساوي شهرياً (254) ليرة سورية، وبالطبع بحسب بيانات عام 2010 أي قبل تأثر قطاع الرعاية الصحية بالتضخم أيضاً، أي يكون إنفاق الأسرة المكونة من خمسة أشخاص شهرياً بشكل تقديري حوالي (1000) ليرة سورية.
التعليم
وفق إحصاءات مؤكدة فإن تجهيز أسرة لديها ثلاثة طلاب في المراحل المدرسية المختلفة يحتاج إلى (15) ألف ليرة سورية بالحد الأدنى، وبالتالي فإن توزيعه على الأشهر يبلغ (1250) ليرة سورية.
والحديث هنا عن التعليم ما قبل الجامعي ولم تتطرق الدراسة لاحتساب تكلفة التعليم الجامعي، حيث تشكل تكلفة شراء الكتب والمحاضرات جزءاً من تكاليفها فقط، وتقدر بالحد الوسطي لطالب جامعي لديه 12 مقرراً بحوالي (12) ألف ليرة سورية خلال السنة مع تكلفة القرطاسية، لتصل تكلفة طالب التعليم العالي الواحد في الأسرة إلى (1000) ليرة سورية شهرياً بالحد الأدنى، لأغراض الدراسة فقط، بينما ارتفعت رسوم التسجيل السنوية أيضاً بنسبة 100% من (700) ليرة سورية في كلية الآداب مثلاً إلى (1400) ليرة سورية، أما طلاب التعليم المفتوح فبلغت نسبة الارتفاع 66% عن الرسوم السابقة.
الألبسة
ورأت الدراسة ارتفاعاً فاحشاً في أسعار الألبسة لارتباطها بالقطاع الإنتاجي الوطني المتعثر نتيجة الأزمة من جهة، ولعلاقتها بسعر القطع الأجنبي اللازم لاستيراد الملابس ومستلزماتها من جهة أخرى، وبفرض أن الفرد بحاجة لكسوة صيفية وأخرى شتوية وعلى مدار ثلاثة أعوام وليس لعام واحد نتيجة الوضع الحالي. نجد أن إنفاق الفرد على كلتا الكسوتين ثلاث سنوات بالمتوسط (6000) ليرة سورية أي (2000) ليرة سنوياً، وحوالي (200) ليرة سورية شهرياً، ويكون إنفاق الأسرة شهرياً حوالي (1000) ليرة سورية.
الخدمات
تم رفع أسعار الكهرباء والماء رسمياً مؤخراً الأمر الذي سينعكس أيضاً على النفقات، ونفترض في هذا الإطار تقديرياً إنفاق الأسرة شهرياً حوالي (1500) ليرة سورية.
وبالنتيجة وبالاكتفاء بالمكونات الأساسية المذكورة آنفاً استناداً إلى التصنيف العالمي نجد أن الحد الأدنى اللازم لمعيشة الأسرة السورية المكونة من خمسة أفراد 80000 ليرة.
الفجوة
وأوضح الدكتور طالب أن الفجوة بين الحد الأدنى للأجر المعمول به في سورية البالغ (13675) ليرة سورية، وبين الحد الأدنى اللازم للمعيشة (80000) ليرة سورية كما ورد آنفاً هي (66325) ليرة سورية، وهذه الفجوة لم تتطرق لأمور كثيرة منها تكاليف الدراسة الجامعية والإنفاق على التبغ والسجائر والإنفاق الطارئ على شراء أثاث أوإصلاح تجهيزات أوطلاء منزل، وتم الاكتفاء بشرائح إنفاق متدنية على الماء والكهرباء والملبس وغيره.....