أوضح أستاذ التحليل الاقتصادي في جامعة دمشقعابد فضلية، أنه لا يؤيد مصطلح "عقلنة الدعم"، لأن الدعم هو عقلاني وله هدف اجتماعي، فلا يوجد دعم عقلاني ودعم غير عقلاني، هناك آليات دعم صحيحة أو غير صحيحة والدعم بحد ذاته عقلانياً.
وأضاف أنه يمكننا الحديث عن إعادة توزيع الدعم أو تقليصه، أو التعويض عنه بآليات أخرى.
ووجد فضلية، أن الدعم حالة استثنائية بأي مجتمع وهو مساعدة مستمرة لشرائح عريضة من المجتمع، هي بحاجة للدعم المستمر.
وأشار إلى أنه من هنا لابد أن تضع الحكومة خطة استراتيجية للانتهاء من حالة الدعم على المدى المتوسط والبعيد، وأخرى على المدى القصير لكن هنا تعيد توزيع الدعم كما تراه مناسباً، وبحسب الظروف والاحتياجات.
وقال فضلية، إن ما حصل تقليص للدعم عبر زيادة أسعار المواد الاساسية التموينية وغير التموينية، كالمشتقات النفطية التي لها تأثير كبير على ارتفاع أسعار المواد الاساسية للمواطن.
ولفت إلى أن ماحدث لا يسمى عقلنة ولا يمكن عقلنته، "برأيه هو ضرورة نتيجة الظروف الاقتصادية للمواطن السوري والضغط على الخزينة و ضغط نفقات الدولة".
ونوه إلى أنه بالمقابل ونتيجة الظروف التي يمر بها الاقتصاد السوري نحن بحاجة للدعم أكثر من فترة ما قبل الأزمة، وأن يكون تعويض نقص الايرادات ليس بالطريقة التي يسير عليها مفهوم عقلنة الدعم، بل تعويضها عبر أقنية أخرى لاتضر بلقمة عيش المواطن.
وأوضح أنه بالنتيجة الحكومة ترى أن إعادة هيكلة الدعم يأتي في إطار حزمة من السياسات التي تستهدف تعميق مفهوم العدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي.
وفي السياق، فإن سياسات الدعم السابقة أثبتت فشلها ولم تجد نفعاً، بل على العكس ذهب الدعم لغير مستحقيه، هذا الواقع فرض على الحكومة البحث عن آليات جديدة لتوزيع الدعم وايصاله لمستحقيه فعلا لما له من أهمية بتعزيز القدرة المعيشية للمواطن.
والخطوة جدية لدى الحكومة في إعادة هيكلة نظام الدعم وفقا لتوجيه الأولويات، وما يدلل على ذلك رفع مبلغ الدعم الاجتماعي في الموازنة العامة للدولة من 615 مليار ليرة سورية بموازنة العام الماضي إلى 983 مليار في الموازنة للعام 2015، حيث أفادنا وزير المالية أن الحكومة حافظت على الدعم الاجتماعي ضمن إطار (عقلنة الدعم ).
وهنا بيت القصيد، عقلنة الدعم الذي طرحته الحكومة منذ بداية العام الحالي، يمثل في تفاصيله حلا يكاد يكون سحريا لهذه المشكلة المستعصية والمدورة من حكومة إلى أخرى ،فعقلنة الدعم كما فهمناه من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية همام الجزائري هي الانتقال من الدعم الشامل لكافة فئات المجتمع والفعاليات إلى الفئات التي هي أكثر حاجة لهذا الدعم، ولنبدأ على سبيل المثال بالقطاع الصناعي فدعم المازوت المستخدم في الصناعات الغذائية والبيوت البلاستيكية يختلف عن دعم الطاقة لصناعات الحديد التي تتحمل تكلفة أعلى، وعقلنة الدعم في هذا الإطار هي دعم الصناعات الغذائية والبيوت البلاستيكية أكثر من مادة الصناعات الحديدية.
وسابقا حرم ذوو الدخل المحدود والمنخفض من مزايا الدعم فيما انتفع منه ذوي الدخل المرتفع، اذاً المحور الأساسي لمقاربة الحكومة الجديدة للدعم ترتكز على تعويم العدالة الاجتماعية.
والسؤال: كيف سنحقق هذه المعادلة مع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية كالمازوت والبنزين؟
وكيف نفهم تلك المقاربة الجديدة للحكومة، فهي من جهة تقول بأنها لاتتبع سياسة رفع الاسعاروتقليص الدعم، ومن جهة أخرى تبحث عن طريقة للتمايز بخصوص آليات الدعم من خلال سياسة مناسبة، والجديد أنها "ستقول للناس هكذا نفكر" وستشاركهم بطريقة التفكير، والنتيجة إيصال الدعم لمستحقيه فعلا، فبيان الحكومة والسياسة المتضمنة في ذلك البيان يعتمدان على "إن المواطن الفقير هو بوصلتنا" على حد تعبير وزير الاقتصاد.