«رفع سعر المازوت للصناعيين له علاقة بالدعم وليس له أي صلة بالعقلنة، وهو قرار يؤشر إلى ارتفاع سعر المنتج المحلي، ولن يتحمل أعباءه سوى المواطن البسيط» بهذه العبارات قرأ اقتصاديون قرار الحكومة رفع سعر مادة المازوت للصناعيين وللمواطنين أيضاً
وأكدوا رغم أنه يوفر إيرادات للخزينة ولكنه يزيد الأعباء وإذا كانت الحكومة تهدف من ورائه إلى هيكلة الدعم وتقليصه، والاستفادة من الوفورات في تحسين مستوى معيشة المواطنين، فكيف سيتحمل المواطنين من ذوي الدخل المحدود أعباء هذه القرارات؟ وهل لديهم القدرة على دفع تكاليف أعلى للخدمات والمنتجات التي تعتمد أساساً على رفع أسعار الطاقة؟
الباحث الاقتصادي الدكتور عابد فضلية ووفقا لصحيفة "الوطن" اعتبر أن القرار سيرفع بشكل مؤكد أسعار المنتجات المصنعة محلياً، ذلك أن ارتفاع أسعار الطاقة سترفع من تكلفة الإنتاج، معتبراً في تصريح لـ«الوطن» أن صدور قرار كهذا يدل بشكل واضح على «فصام اقتصادي» لجهة صدور قرارين الأول خاص للمواطنين والآخر للصناعيين، متسائلاً: كيف يمكن تحديد سعر لمادة المازوت وخاصة بالصناعيين وهناك سعر آخر أقل في السوق. وتوقع في الوقت نفسه أن يلجأ الصناعيون إلى تأمين المادة بالطرق المختلفة، وبالسعر الآخر الذي يباع فيه المازوت للمواطنين، وهو 80 ليرة يضاف إليها الرشوة التي سيدفعها الصناعي ليؤمن المادة بأقل من السعر المحدد له، وهذه الرشوة سيتقاضاها أشخاص في محطات الوقود والموزعون وغيرهم، وهو هنا والحديث للدكتور فضلية يؤكد أن الأسعار المتاحة لمادة المازوت تتراوح بين 80 - 150 ليرة، وبإمكان الصناعي أن يؤمن ما يحتاج إليه ضمن هذه الحدود السعرية، لافتاً إلى أن كميات من المازوت تباع في السوق السوداء وهو واقع أصبح ملموساً ومعترفاً به، فالتسعير سيتم وفق 150 ليرة للتر، وتكلفة المنتج ستبنى على هذا السعر على حين سيتم تأمين المادة بالسعر الآخر من السوق السوداء، وأي صناعي قادر على تأمين متطلباته من المادة عبر السوق السوداء التي أصبحت أمراً واقعاً أو ما شابه ذلك.
ويبدو أن التوقيت الذي اختارته الحكومة لرفع أسعار مادة المازوت يبدو غريباً حسبما أوضح الدكتور فضلية، إلا أن الأغرب من التوقيت الصعب هو وجود سعرين للمادة في السوق، وإذا كان للقرار علاقة بالدعم فإن ذلك ليس له صلة بالعقلنة على حدّ تعبيره، ولكنه من جهة أخرى يؤثر في تقليص حجم الدعم المقدم من الحكومة بطرق بعيدة عن العقلنة، إلا أن صوابيته تتوضح من خلال الإيرادات التي سترفد لخزينة الدولة في ظل الظروف الراهنة حيث أدت هذه الحرب على سورية إلى ضعف الإيرادات وشح الموارد عبر الضرائب، والقرار له وجهان اقتصادي وهو ما تم الحديث عنه واجتماعي حيث يؤثر في شريحة واسعة من المواطنين، وبكلا الحالتين فإذا كانت الحكومة ترى صوابية في القرار من حيث إنه يعوض عن شح الإيرادات فهذا الأمر يعود لأصحاب القرار.